ما الأهمية التي تمثلها زيارة أمير قطر إلى العراق؟
15:48 GMT 15.06.2023 (تم التحديث: 22:01 GMT 15.06.2023)
أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني
© AFP 2023 / KARIM JAAFAR
تابعنا عبر
حصري
تأتي زيارة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى العراق، اليوم الخميس، في إطار التحركات الإقليمية والدولية التي تشهدها بغداد خلال الأشهر الماضية، في محاولة للعودة إلى المحيط العربي والإقليمي وفتح صفحات جديدة في علاقاتها الدولية، من أجل الخروج من الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يعيشها العراق رغم موارده النفطية الكبيرة وإمكاناته الجيوسياسية.
ويرى مراقبون أن تلك الزيارة تمثل أهمية كبرى للعراق، الذي يحاول فتح العديد من المجالات والتعاون المشترك مع الدول العربية ودول الجوار، والقيام بدور محايد بين دول المنطقة، إذ تتطلع بغداد إلى فك القيود المفروضة عليها والانطلاق نحو المشروعات العابرة للحدود، والتي تمثل صمام أمان واستقرار بين الدول، ومن المتوقع أن يعمل العراق للحصول على الاستفادة القصوى من قطر، التي تعد رائدة في مجال الغاز، ويمكنها إقامة مشروعات كبرى في العراق تحقق له الاكتفاء من الغاز، بدلا من الاستيراد من إيران.
فما الذي تمثّله تلك الزيارة للعراق، والملفات التي يمكن التوافق حولها بين الدوحة وبغداد؟
بداية، يقول المحلل السياسي العراقي، عبد الملك الحسيني، إن "قطر تتمتع بسمعة دولية مهمة على الصعيد الاقتصادي، إذ تنامت استثماراتها في مجالات متعددة حول العالم، وعلى رأسها الطاقة والغاز".
قضايا الطاقة
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الدول الكبرى قبل غيرها تدرك أهمية قطر، ففي يناير من العام الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قطر "حليفا رئيسيا من خارج الناتو"، واستضاف أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في البيت الأبيض، وكانت قضايا الطاقة على رأس أجندة أعمال ذلك اللقاء، بحسب الصحف الأمريكية".
وتابع الحسيني: "تدخل قطر هنا إلى عالم التوازنات الدولية في مجال الطاقة، إذ تحرص الدول الغربية على إيجاد بديل للغاز الروسي الذي تعتمد عليه أوربا بشكل رئيسي".
وأكد المحلل السياسي أن
زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والوفد المرافق له إلى العراق، اليوم، تأتي في توقيت مهم وحساس، خاصة وأن العراق يعاني من تدهور الواقع الاقتصادي، الذي انعكس سلبا على الأوضاع المعيشية والأمنية والسياسية.
ملفات رئيسية
وقال الحسيني: "أعتقد أن هناك ملفين رئيسيين ستتم مناقشتهما أثناء تلك الزيارة، على الصعيد الاقتصادي، الملف الأول يخص الاستثمار في مجال الطاقة والغاز، إذ تعد قطر من الدول المتفوقة عالميا والأكثر خبرة في هذا الحيز، لاسيما وأن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أعلن أمس الأربعاء، أثناء استقباله وفد مجلس الأعمال العراقي الأمريكي، بأن العراق يتهيأ لإعلان جولة حقول الغاز السادسة، وهو ما يحصل لأول مرة في البلاد على صعيد استثمار الغاز الطبيعي".
وتابع، مشيرا إلى أن "الملف الثاني يخص مشروع أنبوب الغاز الذي ترغب قطر في مَدّه إلى تركيا ثم إلى أوروبا مرورا بالعراق، وتحرص قطر بقوة على إنجاز هذا المشروع، وهذا بحد ذاته سيجعل من العراق ممرا حيويا مهما بالنسبة للدول الأوروبية على صعيد الطاقة، التي هي في أمس الحاجة إليها لتأمين احتياجاتها منها، على إثر تخوفها من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، التي ستُحدث أزمة حقيقية في أوروبا في حال انقطاع الإمداد الرئيسي للغاز إليها".
وأكد الحسيني على أن
هذه الزيارة ستكون امتدادا للجهود القطرية في دعم العراق وإعادته إلى وضعه الطبيعي، للعب دور في المنطقة ضمن السعي لحل كافة المشاكل والخلافات مع دول المنطقة وتصفيرها، على أساس العلاقات المتوازنة والمصالح المشتركة.
الأجندة الأمريكية
من جانبه، أشار عضو الميثاق الوطني العراقي، عبد القادر النايل، إلى أن "العراق يتعرّض إلى مشاريع خطيرة مدعومة من دول إقليمية وأخرى عالمية، وهو انعكاس طبيعي للسلطات الحزبية الحاكمة في العراق التي تعتمد على الدعم الخارجي، وتشكلت منها العملية السياسية الحالية، وفق اتفاقات أمريكية إيرانية قبل الغزو الأمريكي البريطاني للعراق".
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "السويد شهدت اجتماعات متقدمة بين أمريكا وإيران، حضرها، قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وآخرين مع وكالة الاستخبارات الأمريكية عام 2002، وأثبتت السنوات الماضية للعالم وللعراقيين أن شكل العملية السياسية لا تصلح أن تكون نظاما ناجحا، ما أدى إلى كوارث في العراق والمنطقة منذ عام 2003 وحتى الآن".
التواجد العربي
وأشار النايل إلى أن "السنوات الماضية أكدت على أهمية التواجد العربي في العراق، ومنها زيارة أمير قطر التي لم يُسجل عليها أنها تدخلت سلبا في العراق، لذا من المتوقع أن يناقش أمير قطر عدة ملفات استراتيجية مهمة، منها تواجد المنظمات الإرهابية الأجنبية على الأراضي العراقية والتي تهدد دول جوار العراق وفي مقدمتها حزب العمال الكردستاني، وتحذير العراقيين من مشروع التقسيم والتفتيت الذي تسعى دولا غربية لإيجاده في العراق".
وتابع عضو الميثاق الوطني أنه
قد يكون ضمن الملفات التي يتم مناقشتها خلال زيارة أمير قطر، حث السلطات الحكومية على عودة النازحين وإنهاء الاستهداف الطائفي في العراق بشكل عملي، سواء كان ذلك بتشريع قانون العفو أو إيقاف الإجراءات التعسفية بحق العراقيين وتحقيق التعايش السلمي، لأن إهمالها يشكل خطرا كبيرا ويدفع الناس نحو اليأس والقبول بتقسيم العراق.
تنوع الموارد
ولفت عبد القادر النايل إلى أن "زيارة أمير قطر قد تشمل التوافق على عدد من المشروعات الاقتصادية الهامة والواعدة، والتي أعلنت في العراق مؤخرا، منها طريق التنمية واستخراج الغاز، إذ تعد قطر رائدة في هذا المجال، ويمكن أن تقدم عبر شركاتها الوطنية التي نجحت في استخراج وتسويق الغاز القطري للعالم، لأن العراق يمتلك أكثر من 53 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي غير المستخرج، وهو يمثل انتقالة نوعية في تنوع مصادر الموارد الاقتصادية".
تطلعات العراقيين
وأوضح عضو الميثاق الوطني أن "الشعب العراقي يأمل ألا تكون هذه الزيارة تحمل في طيّاتها دعم العملية السياسية على حساب تطلعات الشعب، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد يعلم كما يعلم الجميع بأن أحزاب السلطة تمارس الفساد الكبير من خلال سرقة أموال العراق بشكل ظالم، وما فعلوه مؤخرا من إطفاء ديونهم المستحقة التي تقدر بـ 130 مليار دولار وجعلوها أحد بنود الموازنة أمر مخجل ومجحف وليس قانونيا، يؤكد أن هذه الشخصيات الفاسدة الحكومية ليست خيار العراقيين، لكن معلوم أن قسما كبيرا من هذه الزيارات تأتي بعد دعوات ملحة من خلال زيارات تقوم بها لقطر ولدول أخرى، وبالتالي يأتي ردها ضمن العلاقات الدبلوماسية المتبادلة".
وأعلن المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، أمس الأربعاء، عن "الملفات التي سيتم مناقشتها بين الجانبين العراقي والقطري خلال زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إلى بغداد يوم غد الخميس".
وأكد العوادي، في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن "العراق وقطر يسعيان إلى تعزيز التعاون السياسي وتوحيد وجهات النظر فيما يتعلق بالواقع السياسي في المنطقة".
وأشار إلى أهمية تنسيق المواقف في المنظمات الدولية وتعزيز الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة، ما يلعب دورًا كبيرًا في النمو الاقتصادي والاستثمار.
وأضاف العوادي أن هناك رغبة كبيرة من العراق وقطر في تعزيز التعاون في مجال الاستثمار والطاقة، بما في ذلك الاستثمار في الصناعات التحويلية والبتروكيماوية، والتعاون في مجال الموانئ والربط البحري وفتح خطوط ملاحي".
ولفت إلى أن "التعاون في خطط التنمية والمشاريع الاستراتيجية الكبرى سيكون ضمن المباحثات بين الجانبين، بما في ذلك مشروع خط التنمية وميناء الفاو ومشاريع الطاقة والوقود ونقل الطاقة والوقود".
وكان العوادي قد أعلن، في وقت سابق، أن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني سيزور العاصمة بغداد يوم غد الخميس.
وقال العوادي لوكالة الأنباء العراقية "واع"، إن "زيارة أمير قطر ذات أبعاد سياسية واقتصادية هامة".
