صناع وعازفو العود السوري يشحذون أصابعهم لوضع خطة وطنية لحمايته... فيديو وصور
15:16 GMT 11.08.2023 (تم التحديث: 16:24 GMT 11.08.2023)

© Sputnik . Hani Almahasneh
تابعنا عبر
شكل (خان أسعد باشا) في دمشق القديمة قبل مئات السنين، محطة لاستضافة القوافل التجارية قبل انطلاقها الى أرجاء المعمورة، ومن هذا الموقع التاريخي، انطلق أيضا "العود السوري" متقن الصناعة إلى العالم، وصولاً إلى قائمة التراث الإنساني "اليونسكو" التي أضيف إليها عام 2022.
ويعتبر العود السوري جزءا حميميا من تاريخ السوريين وحاضرهم، فعبر مئات السنين، دائما ما تعلموا العزف عليه، لينقلوه إلى أجيالهم التالية، إلا أن الحياة المعاصرة، وتبعات الحرب القاسية التي تعرض ويتعرض لها وطنهم خلال السنوات الأخيرة، كرسا مخاوف جمة من تراجع الاهتمام بهذه الآلة الموسيقية العربية، وبصناعتها المتقنة.
في ورشة عمل نظمتها "الأمانة السورية للتنمية" في الخان الشهير بعمارته الدمشقية التي تعود إلى ثلاثة قرون مضت، اجتمعت حفنة من صانعي العود وعازفيه، لتخط أصابعهم الخائفة على مستقبله، بذرة مشروع وطني لحماية هويته الفريدة.
جزء من الثقافة السورية
يقول المايسترو الشهير عدنان فتح الله، لـ "سبوتنيك": "إن صون صناعة العود السوري واجب يتوارثه السوريون"، مطالبا بالعمل على "أرشيف لأعمال الموسيقيين السوريين عازفي العود".
كما طالب المايسترو فتح الله بإطلاق "ورشات عمل لوضع منهاج دراسي سوري لهذه الآلة الموسيقية، والعمل على ترسيخ هوية العود السوري كونه مرتبط بثقافتنا وحضارتنا".
بدوره، يؤكد الموسيقي نوار زهرة، خريج من المعهد العالي للموسيقا، لـ "سبوتنيك" أن: "العود السوري جزء من الهوية السورية، وهناك أجيال نشأت على صوت العود"
الشاب زهرة الذي ينحدر من محافظة حماة، يرى بأن "أهمية الورشة التي أقامتها الأمانة السورية للتنمية تكمن في أنها تجمع العازفين والصانعين للحفاظ على هوية آلة العود كصناعة سورية".
صناعة العود.. تقنيات ومعوقات
لطالما اشتهرت سوريا بصناعة هذه الآلة الموسيقية التي تطرب مستمعيها، وهي من الصناعات التي تحتاج مهارة وطريقة صنع تتطلب تقنيات ومهارات مختلطة.

صناع وعازفو العود السوري يشحذون أصابعهم لوضع خطة وطنية لحمايته
© Sputnik . Hani Almahasneh
أما حافظ سليمان، أحد صناع الأعواد المعروفين، فتحدث لـ "سبوتنيك" عن أن صناعة العود السوري تتطلب من الصانع أن يكون محباً لهذه الآلة ليتمكن من إنتاجها بتقنية مميزة، مبيّناً وجود عدة مراحل لصناعتها تبدأ من تشكيل الخشب على القالب، والمقاسات".
وأوضح سليمان أنه يعتمد بشكل أساسي على خشب الجوز السوري، في صناعة الأعواد التي ينتجها.
ويعتقد صانع الأعواد أن "العود السوري هو من أهم الأعواد على مستوى الوطن العربي، مؤكدا تميزه بالـ "أصالة أكثر من بقية الأعواد، كونه الأقدم".
وعن الصعوبات التي يواجهها صانعو الأعواد، قال سليمان: "ليس من السهل تأمين خشب الشوح الروماني الذي كان يعد المادة الأساسية في صناعة الأعواد قبل التسعينيات من القرن الماضي، ناهيك عن الصعوبات الاقتصادية بشكل عام".. مستدركا قوله: "رغم كل هذه الصعوبات، إلا أن العود السوري وصل بتميزه إلى كافة أنحاء العالم".
من جهته، يعتقد نعيم سكر، وهو أيضا أحد صناع العود المعروفين في حلب، أن إدخال التقنيات الجديدة يصقل صناعة العود مؤكدا أن "استخدام الليزر يعطي دقة كبيرة في المقاسات".
يؤكد سكّر لـ "سبوتنيك" أنه حافظ في أعواده على مواصفات العود الحلبي من حيث المتانة والقياسات والقالب المريح للعازف والصوت الرخيم للعود.
خطة للحفاظ على العود السوري
ريم الإبراهيم، وهي مشرف مشاريع التراث اللامادي في (الأمانة السورية للتنمية)، تحدثت لوكالة "سبوتنيك" عن أسباب اختيار خان أسعد باشا لإطلاق سلسلة اجتماعات (الحفاظ على العود السوري)، مشيرة إلى أن "الخان الأثري مرتبط تاريخيا بآلة العود وطرق العزف عليها" مؤكدة أن "هذه الورشة، ضمت مجموعة من أهم عازفي وصانعي آلة العود في سوريا، وهدفها إطلاق خطة لصون عنصر صناعته".
وأردفت الإبراهيم: "العود السوري، ومدارس العزف عليه، أُدرجت العام الماضي على لائحة التراث الإنساني في (اليونسكو)، وهذا العنصر من العناصر المشتركة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

صناع وعازفو العود السوري يشحذون أصابعهم لوضع خطة وطنية لحمايته
© Sputnik . Hani Almahasneh
إدراج أي عنصر سوري على قائمة التراث الإنساني، يرتّب على جميع الجهات في سوريا مسؤولية وطنية إضافية في صون العناصر الثقافية كونها جزء من الهوية والتراث والانتماء الوطني.. نحن ملتزمون منذ سنوات بخطة عمل واضحة المعالم حيث تُرسل تقارير دورية للمنظمة لاستبيان الآليات المتبعة بمجال صون العنصر المدرج على قائمة التراث.
وترى الإبراهيم أن "الحرب على سوريا، تركت أثرا عميقا على كافة القطاعات، وبشكل خاص القطاع المتعلق بالحرف التراثية، بما في ذلك العود، إذ باتت هناك صعوبة كبيرة في تأمين المواد الأولية، ناهيك عن تقلّص الساعات التشغيلية للورشات في ظل عدم توفر حوامل الطاقة، إضافةً إلى ضعف القدرة الشرائية لدى السوريين الراغبين بامتلاك هذه الآلة".
وعبرت مشرف مشاريع التراث اللامادي في الأمانة السورية للتنمية عن اعتقادها "بضرورة توثيق آلة العود، ووجود مدرسة خاصة لتعليمها لكافة الاعمار والأجناس، وانشاء هيئة أو تنظيم لصنّاع هذه الآلة، كخطوات أساسية لحمايته من الاندثار".