العراق.. أزمة جديدة تواجه إعادة تصدير نفط كردستان وحديث عن سعي الشركات الدولية للحصول على تعويضات
© AP Photo / Hasan Jamaliالبترول وأسعار النفط
© AP Photo / Hasan Jamali
تابعنا عبر
حصري
يبدو أن إعادة تصدير نفط إقليم كردستان العراق عبر الأراضي التركية، والمتوقف منذ مارس/ آذار الماضي تزداد صعوبة مع مرور الوقت، رغم التفاهمات السابقة بين بغداد وأربيل وأنقرة، إلا أن الحديث يجري عن مساعي 9 شركات نفطية دولية للحصول على تعويضات كبيرة، نتيجة تضررها من عملية التوقف.
فهل تدفع تحركات الشركات النفطية الدولية العاملة في كردستان حكومتي بغداد وأربيل إلى سرعة إنهاء الخلافات المتعلقة بملف النفط، وإعادة عملية التصدير، قبل أي تحرك رسمي من قبل تلك الشركات؟
بداية، يقول الخبير في الشؤون الكردية والعراقية، كفاح محمود: "حكومة كردستان كانت تؤكد دائما على ضرورة الإسراع بإعادة ضخ النفط عبر أنبوب كردستان، الذي ينقل نفط الإقليم إلى ميناء جيهان التركي، وقد تم توقيع أكثر من اتفاقية مع الحكومة الاتحادية في بغداد، لكن بكل أسف كان هناك على الدوام تراجع من قبل بغداد عن تلك العهود والوعود".
قوى متنفذة
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "خبراء النفط في الإقليم منذ إقرار المحكمة الدولية في باريس بإيقاف ضخ النفط، تعاملت المحكمة مع الحكومة الاتحادية بشكل مرن للبحث عن مخرج لتصدير هذا النفط بالتعاون مع شركة (سومو العراقية)، وعلى هذا الاساس كانت هناك تفاهمات ووقعت اتفاقيات، وعين ممثل عن حكومة الاقليم نائبا للمدير العام لشركة سومو".
وتابع محمود: "للأسف الشديد، يبدو أن هناك قوى متنفذة ربما ليس من مصلحتها جريان هذا النفط إلى ميناء جيهان، رغم أن الاتفاق الذي أُبرم ما بين حكومة كردستان والحكومة الاتحادية ينص على ان النفط يسلم الى شركة "سومو"، مقابل التزامات معينة من الحكومة الاتحادية، لكن للأسف الشديد فإن النكوص بتلك الاتفاقيات والوعود أدى إلى تأخر تدفق هذا النفط لأسباب واهية مختلقة من هذه القوى المتنفذة، مما أدى إلى تراكم تعويضات هائلة لشركات عالمية رصينة معروفة".
تعويضات الشركات
وأشار الخبير في الشؤون الكردية، إلى أن "التعويضات التي تطالب بها الشركات الدولية بالتأكيد سوف تتحمّلها الجهة التي كانت تقف ضد تصدير نفط كردستان، وهذه الجهات بالتأكيد ستتخلى عن مسؤوليتها، وستضع حكومة كردستان والحكومة الاتحادية في زاوية ضيقة، أو ربما ستعمل على اختلاق إشكاليات جديدة بين بغداد وأربيل، خاصة وأن العام المقبل 2025 من المؤمل أن تُجري في نهايته انتخابات عامة في العراق، وهناك بالتأكيد صراعات داخلية منذ الآن للتحضير لتلك الانتخابات".
وقال محمود: "أعتقد أن القرار الأخير للمحكمة الاتحادية العراقية أنصف الإقليم، و القضية العادلة طُرحت أكثر من مرة وبشكل مهني وعلمي مع بغداد، لكن للأسف الشديد كما ذكرت، فإن هذه القوى المتنفذة التي ربما تخضع لتأثيرات إقليمية، أو لتأثيرات تتعلق بسرقة النفط، وهذا يعني وجود شركات كبيرة ترتبط بالمكاتب الاقتصادية للميليشيات تقوم بتهريب نفط الجنوب، أو ربما حتى المشتقات النفطية، تارة عبر معابر السليمانية كما حدث وانكشفت كميات هائلة من النفط في أفغانستان، والتي معظمها تم تهريبها من وسط وجنوب العراق".
وأردف: "أعتقد أن مثل هذه المكاتب والشركات تقف وراء إيقاف نفط كردستان، لكي تتفرغ لتهريب أي نفط كثير من هذه المناطق خارج الإقليم".
صراع ثلاثي
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي العراقي، عمر الحلبوسي: "من المعلوم تماما أن هناك صراع كبير يدور ما بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان العراق وتركيا حول تصدير نفط كردستان خارج شركة "سومو"، وهو ما دفع العراق لرفع دعوى ضد تركيا في محكمة التحكيم الدولية التجارية في باريس، والتي كسبها العراق وفرضت غرامة على تركيا قيمتها 1.4 مليار دولار، ولم يتم سدادها حتى الآن".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك": "لا يزال نفط كردستان متوقف منذ 24 مارس 2023 حتى اليوم، وهو ما تسبّب بخسائر كبيرة للواردات النفطية العراقية، وتفاقم العجز في الموازنة العامة، كون أن العراق اقتصاد ريعي يعتمد على النفط فقط، وسط خلافات مستمرة حتى اللحظة الراهنة بين الأطراف الثلاثة: حكومة كردستان العراق والحكومة الاتحادية وتركيا، بشأن استئناف تصدير نفط كردستان عبر خط جيهان التركي".
الشركات النفطية
وتابع الحلبوسي: "قامت وزارة النفط العراقية بعد ذلك برفع دعوى قضائية، تطالب فيها إبطال العقود بين حكومة كردستان العراق والشركات النفطية، على الرغم من أن العقود مستوفية للشروط القانونية، وكانت الشركات تعمل طوال تلك السنين، وكسبت وزارة النفط الحكم الأول، لكنها خسرت الحكم الثاني في ظل مطالبة الشركات النفطية بتعويض جرّاء استمرار توقف تصدير نفط كردستان، وهو ما يعزز من عمق الخلاف بين كردستان العراق وحكومة المركز، الأمر الذي قد يدفع هذه الشركات للجوء للمحاكم الدولية، وقد تحظى بقرار لصالحها ينعكس سلبا على النفط العراقي، الأمر الذي قد يفرض عليها غرامات قدرها 24 مليار دولار".
وأشار الحلبوسي إلى أن "الشركات النفطية الموقعة مع حكومة كردستان العراق قد لا تتنازل عن مطالبها، ما لم يتم الإسراع بإيجاد حلول مرضية لتلك الأزمة، لذا يجب على الحكومة الاتحادية ووزارة النفط العراقية أن تحل الأمر، وتواصل تصدير نفط كردستان لتجنّب خسائر توقف التصدير، وكذلك تجنب احتمالية فرض غرامات على النفط العراقي، خصوصا وأن الحكومة الاتحادية عندما وقّعت العقود بين حكومة كردستان العراق والشركات النفطية لم تعترض آنذاك، وأن قرار المحكمة نص على أن العقود صحيحة وملزمة للطرفين، مما يكبّد وزارة النفط العراقية عبء الغرامة المالية للشركات النفطية، المستثمرة لنفط كردستان العراق".
وكانت محكمة استئناف الكرخ قد ردت طعنا قدمته وزارة النفط العراقية، وألغت أحكاما سابقة قضت ببطلان عقود الشركات الأجنبية مع إقليم كوردستان.
ووفقا للمحكمة، فإن العقود تعتبر (صحيحة) ونافذة وملزمة للطرفين، ولا يحق لأي طرف خارج العقد الاعتراض عليها" حتى وإن كانت تستند إلى أساس قانوني اعتبرته المحكمة الاتحادية العليا في العراق غير دستوري في شباط 2022 بحسب موقع (شفق نيوز الكردستاني)
وأوضحت المحكمة في الأسباب التي استندت إليها أن قرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر في فبراير/شباط 2022، لا يمكن تطبيقه على العقود المبرمة قبل صدوره، وفقاً لمبدأ عام في القانون المدني العراقي.
وتناولت بعض التقارير الإعلامية أخبار تتحدث عن مطالبة تسع شركات أجنبية بتعويضات مقدارها 24 مليار دولار ناجمة عن توقف صادرات النفط، بعد رد القضاء العراقي طعن وزارة النفط العراقية بإلغاء عقود هذه الشركات مع إقليم كوردستان.