سوريون دون علاج… مشاف بلا كوادر وأدوية ومستلزمات
© Sputnik
تابعنا عبر
حصري
يقف الرجل السوري مستندًا على عكازه أمام مشفى "المؤاساة" في العاصمة السورية دمشق، وينظر إلى المبنى الطابقي الذي يبدو مهجورًا منذ أسابيع قبل أن يتابع مسيره بعيدًا، لم تُغره اللافتات التي توضح خدمات المشفى للمدنيين، إذ أصبح تراجع العمل فيه منذ رحيل الحكومة السابقة.
تغيب الطواقم الطبية والإدارية والتمريضية إضافةً لنقص الدواء والدعم للقطاع، بات يهدّد عمل مئات المراكز والمنشآت الطبية في سوريا خلال الأشهر الآتية.
يقول محسن، وهو رجل متقاعد يبلغ من العمر 69 عامًا ويتلقى علاج الضغط والسكري في مشفى المؤاساة منذ عشرين عامًا لـ"سبوتنيك": "نعيش في قلق وخوف، ترددت أكثر من مرة للمشفى وفي كل مرة يتم تأجيل موعد علاجي من تحاليل وقياس ضغط"، مبينًا بأن هذه المخاوف تراود الكثيرين كذلك، فمعظم المرضى باتوا بلا علاج ولا أدوية، ولا متابع مختص سواء كان بحاجة لتخطيط قلب أو تحاليل.
سوريون دون علاج… مشاف بلا كوادر وأدوية ومستلزمات
© Sputnik
رفض استقبال المرضى
لم تكن حالة الطفلة مروة أفضل من حال الرجل المسن محسن، فالطفلة التي لم تتجاوز العشرة أعوام أصيبت بنوبة ربو قوية كادت أن تؤدي بحياتها. فبعد أن فقد والداها الأمل بالمشافي العامة في دمشق، اتجها إلى مشفى خاص لإنقاذ فتاتهم الصغيرة.
تقول ميساء والدة مروة لـ"سبوتنيك": "الوضع كان سيئًا جدًا، تخيل أن طفلك يموت بين يديك ولا تستطيع أن تفعل له شيئًا. ترددنا إلى أكثر من أربع مشافي عامة والجميع كان يرفض استقبالنا بحجة وجود حالات أخطر من حالة مروة، والبعض يقول لنا لا يوجد طبيب أطفال أو طبيب مناوب. لذلك اتجهنا إلى مشفى خاص على أوستراد المزة حيث دفعنا مبلغًا ضخمًا لقاء جلسة 'إرذاذ'".
%58 من مشافي سوريا معطلة
أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن القطاع الصحي في سوريا يحصل على 21% فقط من احتياجاته، وأن 58% من المستشفيات معطلة بسبب محدودية الموارد. حيث إن النظام الصحي في سوريا غير قادر على تلبية احتياجات السكان، وهناك الآلاف من النازحين عادوا من الدول المجاورة إلى سوريا.
سوريون دون علاج… مشاف بلا كوادر وأدوية ومستلزمات
© Sputnik
ووسط هذا التخبط الكبير الذي يصيب قطاع الصحة في سوريا، أفاد وزير الصحة في الحكومة السورية الدكتور ماهر الشرع بأن الوزارة تواصل جهودها مع جميع كوادرها على مدار الساعة لتلبية المتطلبات اللازمة لضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية للمواطنين في كافة المحافظات.
لافتاً إلى أن وزارة الصحة خلال الأيام الماضية أجرت تقييم احتياجات لكل المنشآت في عموم سوريا بالتعاون مع مديريات الصحة، مبيناً أن العمل بدأ على تأمين هذه الاحتياجات.
%20 خدمات مقدمة
يستمر بعض العاملين في القطاع الصحي بتأدية مهامهم بشكل تطوعي، لكنهم غير قادرين على تقديم سوى 20% من الخدمات السابقة. كما أن وضع المشافي السيئ في دمشق لم يقتصر على كثرة الإصابات وغياب الكادر الطبي، بل تعداه إلى النقص الكبير في المعدات والمستلزمات، بحسب ما أكده يعقوب ملكي، طبيب في مشفى المؤاساة بدمشق.
وأشار الدكتور ملكي لـ"سبوتنيك" إلى أن هناك شحاً كبيراً في المواد الطبية، حتى أن الخدمات المقدمة للمرضى تعاني من نقص، ولا يوجد محروقات أو أدوية كالسيرونات أو السيتمول أو المعقمات وغيرها الكثير. لافتاً إلى أنه يطلب من مرافق المريض تأمين التحاليل والأدوية من الخارج وعلى حسابه الخاص.
سوريون دون علاج… مشاف بلا كوادر وأدوية ومستلزمات
© Sputnik
وأضاف الدكتور: "حتى أن المشفى لا يوجد فيه كادر للتنظيف، حيث إن الحشرات والقطط والجرذان والصراصير باتت تغزو المشفى، وهذه تعد مشكلة حقيقية بالنسبة لمشفى تابع للقطاع العام، يجب إيجاد الحل بشكل سريع. فاليوم المشفى يعمل على التبرعات من قبل المنظمات."
يذكر أن بناء نظام صحي قادر على الصمود والاستجابة في سوريا يتطلب نهجاً مزدوجاً يتمثل في الاستجابة الإنسانية والمنقذة للحياة القائمة على الاحتياجات والمُسندة بالبيِّنات في البؤر الكثيرة الأحداث والتوترات والمناطق الشديدة الخطورة، والاستجابة للفاشيات، ومن خلال الاستثمارات المُستمرة في تدعيم قدرة النظام الصحي على الصمود وتوسيع نطاق الحصول على الخدمات، بما في ذلك الإطلاق السريع لخدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية، حيثما أمكن.
