جولة مصورة لـ "سبوتنيك" على قرى الورد والمصانع التقليدية بالجبل الأخضر في سلطنة عمان

© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
تابعنا عبر
حصري
للورد عطره، وللجبل الأخضر أسراره، أما التاريخ فيطبع أثره الخالد على بقعة واقعة على ارتفاع نحو 3 آلاف متر فوق سطح البحر، تأذن أزهارها لشروق الشمس، معلنةً عن يوم جديد معطر برائحة الطبيعة.
على مدار ساعتين قطعنا نحو 150 كيلومترا من العاصمة مسقط باتجاه الجبل الأخضر، نحو قرى الورد "العين والشريجة وسيق والقشع"، الواقعة في محافظة الداخلية، عبر طريق معبدة ومجهزة بشكل كامل، لا يسمح بالمرور عبرها سوى لسيارات الدفع الرباعي، نظرا للارتفاعات الكبيرة التي تقع عليها القرى، ووعورة الطريق.

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
رغم وعورة الطريق وطول المسافة، لكن شموخ الجبال وعظمة سلاسلها تجعل للوقت قيمة ومتعة، وتبقيك في حالة تأمل حتى الوصول إلى آخر نقطة تقف عندها السيارات لتبدأ رحلة السير على الأقدام.
رغم سطوع الشمس في مطلع شهر مايو/أيار، لكن حرارتها كانت معتدلة، تشبه طبيعة المكان الذي يحتاج لنحو ساعة للمرور عبر طرق متعرجة صعودا وهبوطا، يمينا ويسارا، لتصل إلى قمة عالية، تطل على القرى الواقعة في واد منخفض تحيطه الجبال من كل الاتجاهات، وكأنها قلاع شيدتها الطبيعة.

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
بين منازل بدائية يستند كل منها على الآخر، وعبر ممرات ضيقة مغطاة بجريد النخيل وفروع الأشجار، يمر أهالي القرى بزيهم التقليدي، وابتسامتهم التي لا تفارقهم، وبساطة تواصلهم، ما يجعل من المكان صورة متكاملة.

سكان الجبل الأخضر - سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
صورة أخرى تعكس تأقلم سكان المنطقة مع طبيعتها الساحرة تتمثل في صعود الأطفال فوق أشجار المشمش والرمان والزيتون، ببراعة وخفة متناهية، كأن علاقة صداقة بينهم وبين الأشجار بنيت منذ عقود.

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
تشتهر القرى التي يعود تاريخها لمئات السنوات، بزراعة الورد وصناعته، وهي أحد كنوز الجبل الأخضر ولا تزال أحد أهم مصادر رزق سكان الجبل، الذين امتهنوا سر صناعته بالطرق التقليدية على النار، ليخرج منه ماؤه الذي يعطر منازل عمان وحتى هواءها.

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
عمليات تقطير الورد
في أواخر مارس/ آذار، تبدأ عمليات قطف الورد، من كل عام وصولا إلى بداية شهر مايو، وتبدأ بعدها عمليات الصناعة لاستخراج ماء الورد عبر الطرق التقليدية والحديثة

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
يقول عمار بن ياسر الطوبي في لقاء مع "سبوتنيك"، إن عملية إنتاج ماء الورد الجبلي تمر بمراحل عدة بعد قطفها من الأشجار، حيث يتم تجهيز المصنع التقليدي( الدهجان) وهو عبارة عن مبنى من الطين والحجارة والأواني الفخارية (البرمة) الموضوعة عليه، وتتفاوت مساحته وفق مساحة أشجار الورد لدى المزارع، وعادة ما تعد حسب الحاجة لها، أي أن الكميات الكبيرة تحتاج لأفران أكبر.

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
أفران تقليدية
تبدأ العملية بإشعال النار داخل المصانع التي يعود تاريخ بعضها إلى 200 عام، عن طريق الخشب أو الغاز(حديثا)، ومن ثم يوضح الورد داخل" برم فخارية" خاصة وفوقه قرص نحاسي يحتفظ بماء الورد الناتج عن عملية التقطير لفترة تتراوح بين 3 و 4 ساعات.

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
تقدر عدد أشجار الورد في الجبل الأخضر بأكثر من 5 آلاف شجرة، بمساحة إجمالية تقدر بـ 7 أفدنة، وتقدر كمية الإنتاج بـ 4آلاف لتر للفدان الواحد في الظروف الطبيعية وحجم الإنتاج الطبيعي.
تمثل صناعة ماء الورد المصدر الأول لأهالي القرى هناك، منذ مئات السنين، حيث يعرف "ماء ورد" محافظة الداخلية بأنه الأجود على مستوى السلطنة.
بعد عملية التقطير، يمر ماء الورد بمرحلة ثانية تستغرق نحو 40 يوما، حتى تترسب الشوائب، بعدها يتم تخزينه عادة في وعاء من الفخار ( الخرس) ويظل فيه ثلاثة أشهر، ومن ثم يمر بعملية التعبئة والتوزيع.

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
الطرق الحديثة
تختصر الآليات الحديثة الوقت بصورة كبيرة لاستخراج ماء الورد، من خلال جهاز يقوم بتقطير ماء وزيت الورد بشكل خاص، والنباتات العطرية بشكل عام، ويسع الجهاز ما يقارب 200 كيلوغرام من الورد، ما يمثل عملية مهمة مقارنة بالأفران التقليدية التي تسع نحو 3 كيلو في العملية الواحدة.
في الأجهزة الحديثة تصل درجة الغليان إلى 100 درجة مئوية، ويتم تبخير ما يصل 200 كيلو في المرة الواحدة، حيث يمر البخار إلى أنابيب وصولا إلى "المكثف، ومن ثم فصل الزيت عن الماء، في عملية تستغرق ما يقارب 5 ساعات.

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
رحلة عبر الزمان
لا تقتصر الرحلة عبر الممرات الجبلية على الاستمتاع بمناظر الورد الخلابة، عبر الممرات التي تشق قرى العقر والعين والشريجة، بل ترافقك بساتين الرمان والعنب والزيتون، وينابيع المياه التي تنساب من الأفلاج، ومنازل تختزن بداخلها الكثير من الأسرار والأصالة والعراقة.

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
ينطلق المسار من قرية العقر العريقة، عبر طرق معدة للسير على الأقدام بين الأشجار والأزهار، وصولا إلى قرية العين وعبر المدرجات الزراعية، إذ عادة ما تجد العمال في شهري مارس وأبريل/نيسان، يعملون باكرا في جمع الورد وفي المساء أيضا.

قرى الورد في الجبل الأخضر- سلطنة عمان
© Sputnik . MOHAMED HEMEDA
في القرى البسيطة شيدت المنازل من الأحجار والطين، مزينة أسقفها بفروع الأشجار القوية، لتتماهى مع طبيعة المكان بشكل كامل، يمنحها جماليات إضافية إلى جانب تكوينها الداخلي البسيط.