وبعد العملية الناجحة للجيش السوري بدعم من الطرف الروسي في الغوطة الشرقية وتحريرها من الفصائل الإرهابية المسلحة، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليقول إنه حان الوقت لعودة قواته إلى الوطن، كاشفا أنه يفكر في هذا الأمر بجدية كبيرة.
وقال ترامب: "مهمتنا الأساسية هي التخلص من "داعش". لقد أوشكنا على إنهاء هذه المهمة وسنتخذ قرارا سريعا بالتنسيق مع الآخرين.. أريد الخروج (في سوريا).. أريد أن أعيد قواتنا إلى الوطن".
وأضاف أنه سيعلن قريبا عن قراره بخصوص مصير القوات الأمريكية في سوريا، معتبرا أن التدخل الأمريكي في سوريا مكلف لواشنطن، في الوقت الذي يعود بالمنفعة على دول أخرى، دون أن يحددها.
من جهة أخرى اقترح ترامب أن تدفع السعودية فاتورة القوات الأمريكية الموجودة في سوريا، موضحا في هذا السياق أن الرياض "مهتمة جدا بقرارنا. وقلت، حسنا، كما تعلمون فإذا كنتم تريدوننا أن نبقى فربما يتعين عليكم أن تدفعوا".
ولدى الرئيس الأمريكي صلاحيات مطلقة في السياسة الخارجية ولكنه يعمل مع مساعدين ومستشارين مثل بولتون وبومبيو، ولكن لهؤلاء رأي بما يفعله الرئيس ترامب، وربما سيتم تعديل قراراته أو تصريحاته بالانسحاب من سوريا، أو محاولة صياغتها بطريقة دبلوماسية أكبر.
ما الذي دفع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يعلن عن نيته بسحب قواته من سوريا؟ يقول الخبير العسكري العميد هيثم حسون:
هناك احتمالان لتصريح ترامب، الاحتمال الأول هو يمكن أن يكون هذا التصريح جدي، وبالتالي يأتي على خلفية التهديدات التي أطلقها ضد سوريا، وبالتالي هو أمام خيار الاصطدام المباشر مع القوات السورية والروسية، خاصة في منطقة الشمال، وأيضا بعد أن تمكن الجيش السوري من تحقيق إنجازات كبيرة، أصبحت الولايات المتحدة مكشوفة لأنها لا تستطيع أن تقدم الدعم العسكري المباشر للمجموعات الإرهابية كما حصل في الغوطة الشرقية بريف دمشق، أو الانسحاب من أجل الحفاظ على ماء الوجه، وخاصة أن الفترة القادمة ستشهد بدء مقاومة شعبية في مناطق تواجد القوات الأمريكية، لذلك ربما الرئيس الأمريكي يريد استباق الأمور لكي لا يصل إلى مرحلة المواجهة مع المقاومة الشعبية السورية، وإذا كان حديث الرئيس الأمريكي جديا فهو أيضا يأتي في تسليم الدور الأمريكي لتركيا.
الاحتمال الثاني: هو أن تصريحات الرئيس الأمريكي عن نيته سحب القوات الأمريكية من سوريا، أتت على خلفية المخاوف السعودية فقدانها لدورها في سوريا، وبالتالي أتت هذه التصريحات لابتزاز السعودية وإجبارها على دفع الأموال، وذلك كان صريحا وعلنيا بطريقة وقحة من الرئيس الأميركي، عندما قال: أن الرياض "مهتمة جدا بقرارنا، وقلت، حسنا، كما تعلمون فإذا كنتم تريدوننا أن نبقى في سوريا فربما يتعين عليكم أن تدفعوا".
وقال الخبير العسكري هيثم حسون إن انتصارات الجيش السوري على كامل الجغرافية السورية وخاصة في الغوطة الشرقية انعكست الموقف الأمريكي.
وحول الخلافات في الإدارة الأمريكية قال نصير العمري: هناك استهجان كبير في النخبة الحاكمة، الاستخباراتية والعسكرية من تصريحات السيد ترامب، فهم ينظرون إلى الوجود الأمريكي في سوريا على أنه يحفظ مستقبل سوريا في انتقال سياسي، لكن السيد ترامب لديه وجهة نظر أخرى، فهو يظن أنه لا مصلحة للولايات المتحدة أن يموت أبناؤها على أرض سوريا، أو أن تنفق المليارات في بلد لا يوجد فيه نفط ولا يوجد فيه أي مصلحة أمركية، وهذا الانقسام موجود في المجتمع الأمريكي، لكن النخبة ترى في حماية الأنظمة الخليجية والعربية الحليفة لأمريكا وحماية اسرائيل ترى بها مبررا لبقاء القوات الأمريكية في سوريا.
لا شك أن الولايات المتحدة نجحت فقط في استمالة الأكراد، بينما فشلت في حل قضايا أخرى، إذ لا يزال الرئيس بشار الأسد يمسك بمقاليد الحكم، والحرب الأهلية في سوريا مستمرة والدول المجاورة لسوريا لم تتخل عن مصالحها الجيوسياسية.
وقال لافروف خلال مؤتمر موسكو الدولي للأمن: "هناك انطباع بأن الأمريكيين يريدون المحافظة على هذا الوضع السائد الذي يخدم مصالحهم على المستوى الجيوسياسي والعالمي".
وأضاف لافروف: "كما في سوريا الهدف الرئيسي للولايات المتحدة هو إبقاء الوضع على ما هو عليه لأنه يخدم مصلحتهم من خلال بقاء قواتهم العسكرية في سوريا لأجل غير مسمى من خلال تبريرات مختلفة".
وكان البيت الأبيض قد كشف عن موعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، بعد حالة الجدل التي أحدثتها التصريحات الأخيرة للرئيس ترامب برغبته في انسحاب سريع للجيش الأمريكي من سوريا.
وأعلن البيت الأبيض، أن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا رهن بالقضاء نهائيا على "داعش" في سوريا، وكذلك أيضا بـ"نقل" المسؤوليات التي تتولاها القوات الأمريكية حاليا إلى "القوات المحلية"، التي ستواصل الولايات المتحدة تدريبها، لضمان أن التنظيم الإرهابي "لن يعود للظهور مجددا".
ولكن في نهاية المطاف لا زال الرئيس دونالد ترامب يعزف ألحان تصريحاته والسعودية تدفع الأجرة بمئات المليارات.
إعداد وتقديم: نزار بوش