نواكشوط —سبوتنيك. ويشارك في اللقاء كل من المغرب وجبهة البوليساريو وموريتانيا والجزائر، وهي نفس الأطراف التي شاركت في مفاوضات أعوام 2007 و2008 و2010 و2012، التي أجريت على ست جولات. وبعد ست سنوات من آخر لقاء بينهم تجتمع أطراف النزاع من جديد.
إضافة لذلك فقد دعا جميع الدول المعنية بهذا الصراع إلى المشاركة كأطراف وهي سابقة في تاريخ المفاوضات، حيث كانت تحضر جبهة البوليساريو والمغرب كطرفي صراع والجزائر وموريتانيا كمراقبين.
الصراع مستمر منذ 1976
واعتبر الكثير من المسؤولين المغاربة أن "هذا اعتراف بدور الجزائر المباشر والرئيسي في ملف الصحراء"، غير أن قبول الجزائر المشاركة بهذه الصفة يراه البعض أنها نقطة إيجابية تحسب لها لا عليها، وقد تساعد الأطراف على إعادة بناء الثقة في جو محتدم اختلطت فيه المصالح السياسية بالحسابات الإقليمية وتشبثت الأطراف على مدى عقود بمواقفها وشروطها السابقة واختارت البحث عن زلات الخصوم بدل البحث عن حلول.
ومن النقاط الرئيسية الفارقة في هذا اللقاء أنه الأول في عهد الرئيس الجديد للجبهة إبراهيم غالي، الذي يسعى إلى تحقيق نتائج ملموسة أكثر في مفاوضاته مع المغرب، وإنهاء معاناة آلاف اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف جنوب الجزائر، والذين ينتظرون منذ بدأ الصراع عام 1976 العودة إلى محافظات الصحراء جنوب المغرب.
هل ينجح غالي؟
وبهذا الخصوص يقول الخبير الموريتاني محمد اعبيدي
أن رئيس البوليساريو "إبراهيم غالي يحاول التخلص من إرث الرئيس الراحل محمد عبد العزيز وتحقيق ما عجز عنه… خاصة أن الجيل المؤسس للجبهة أصبح قاب قوسين أو أدنى من الرحيل دون تحقيق إنجازات في طريق المفاوضات".
وشدد في حديث لوكالة "سبوتنيك" أن "على المفاوضين استغلال فكرة أن الرئيس الجديد لا يحمل شروط مسبقة أو مواقف شخصية من احد أطراف النزاع، إضافة إلى أن رغبته ستكون أكبر في تحقيق حلم آلاف اللاجئين وهو ما عجز عنه غيره".
وأوضح أن "البوليساريو تدخل هذه المفاوضات بعد أن فشلت في استغلال ورقة الاتحاد الأفريقي للضغط على المغرب، بينما يدخل هذا الأخير المفاوضات بعد أن استثنى رجل المخابرات القوي ياسين المنصوري من تشكيلة وفده".
كوهلر يتحرك سريعا
ويأتي لقاء جنيف بعد مرور سنة وأشهر قليلة على تولي المبعوث الأممي لهذا الملف، ما يعني أنه لم يضيع الكثير من الوقت في الدعوة لـ" الطاولة المستديرة" والتي جاءت بعد زيارات وتحركات قام بها كوهلر في المنطقة.
ويمثل موريتانيا في هذا اللقاء وزير خارجيتها إسماعيل ولد الشيخ أحمد والذي سبق له أن شغل منصب المبعوث الأممي لدى اليمن وقبلها نائب المبعوث الأممي إلى ليبيا، ورغم انه لم تمض فترة طويلة على توليه حقيبة الخارجية فقد نجح في إنعاش العلاقات الثنائية بين نواكشوط والرباط.
ويرى خبراء أن اختيار موريتانيا المشاركة بوفد يرأسه وزير الخارجية فقط إشارة واضحة إلى أنها ليست طرفا في النزاع حول الصحراء عكس باقي الأطراف التي شاركت بوفود مكونة من 5 شخصيات.
وتتشابه تمثيلية الوفد الجزائري والمغربي في هذه المفاوضات إلى حد كبير حيث اختار كل منهما وزير خارجيته وممثله لدى الأمم المتحدة، وحاول المغرب إضفاء الشرعية على الوفد المفاوض من خلال اختيار منتخبين من محافظات الصحراء للمشاركة في اللقاء، كما اختار امرأة لأول مرة في تشكيلة الوفد، وهو نفس ما أقدمت عليه جبهة البوليساريو التي أشركت رئيسة اتحاد النساء الصحراويات في وفدها المفاوض.
تاريخ الأزمة
وسبق لموريتانيا أن كانت طرفا في النزاع حول الصحراء لكنها خرجت من الحرب مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر عام 1978، وشكلت حرب الصحراء سببا رئيسيا لسلسلة الانقلابات العسكرية التي عانت منها موريتانيا على مدى سنوات.
ويقترح المغرب منحها حكما ذاتيا واسعا للمحافظات الصحراوية مع حكومة وبرلمان محليين تحت سيادته، ولكن حركة البوليساريو (جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) ترفض هذا المقترح وتطالب بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي.
ويسيطر المغرب على قسم كبير من الصحراء الغربية (266 ألف كيلومتر مربع) بعد خروج الاستعمار الإسباني منها عام 1975، وتنازل موريتانيا عن الجزء الجنوبي من الصحراء وبعد كر وفر بين الجيش المغربي وحركة البوليساريو المدعومة من الجزائر، تم إعلان وقف إطلاق النار عام 1991.