تحاول الحكومة اللبنانية اليوم انقاذ نفسها من الانهيار الشامل، حيث أن الأطراف المشاركة فيها سعت بوعودها الرنانة طمأنة الشعب اللبناني أن كل شيء سيتغير بدءا من يوم تشكيل الحكومة الوطنية والتي سعى أحد أقطابها إلى تسميتها بـ "حكومة العمل".
لكن ما تعانيه الدولة اللبنانية اليوم هو تراكم لسنوات طويلة من الحكم والإدارة السيئة، عدا عن التوظيفات السياسية والمنفعات الشخصية لقوى السلطة التي استطاعت خلال سنوات الثلاثين الماضية بناء هيكلية خاصة داخل دوائر الدولة تتبعا لمصالحها بموظفين غير أكفاء وغير متخصصين وتم توظيفهم بطرق عشوائية وهذا ما انعكس على انتاجية وعمل دوائر ووزارات الدولة على مر العقود.
بالإضافة إلى الشواغر الموجودة داخل إدارات الدولة اللبنانية وذلك بسبب الخلافات السياسية الحاصلة بين القوى اللبنانية المختلفة على تقاسم الحصص فيما بينها.
برزت على الساحة اللبنانية مؤخرا حلول لمواجهة العجز في الميزانية عبر طرح قضية تخفيض الرواتب في القطاعات العامة، وخرجت أصوات أخرى منادية بتخفيض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب وعدم المساس بالموظفين والأجراء والعسكريين والمتقاعدين.
كما لوح البعض الأخر أن بالذهاب إلى خفض التقديمات الإجتماعية التي يحصل عليها الموظفون في القطاعات العامة.
وبحسب مصادر وزارية لبنانية، تقدر تكلفة الرواتب للعاملين في القطاع العام حوالي مليارات و500 مليون دولار تتوزع على 150 ألف موظف مدني وعلى 100 ألف متقاعد عسكرية ومدني.
وشكل تراشق الحلول بين الأطراف السياسية إلى حالة من الخوف والهلع عند اللبنانيين خصوصا عند رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات نظرا لغياب الأفعال والقرارات المسؤولة والحاسمة والتلطي وراء عناوين ومطالب لا أحد قادر أو يتجرأ على تطبيقها وإقرارها.
وتشير مصادر صحفية أن لبنان أصبح على حافة الهاوية لم يعد من الجائز عدم التعامل بجدية مع التحذيرات التي تطلقها الهيئات الاقتصادية والمؤسسات المالية الدولية والدول الداعمة للبنان. بالإضافة إلى أن الشروط الدولية لن تنفذ حتى الأن وهذا ما يهدد مؤتمر "سيدر" ودعم لبنان بالأموال والقروض والمشاريع التنموية المختلفة.
لا شك أن السلطة اللبنانية لانقاذ الوضع تنبغي أن تعتمد على الإرشاد المالي بدءا بنفسها وليس على مصلحة الناس، بالإضافة إلى اعتماد الإصلاحات من خلال محاربة الفساد والتهرب الضريبي والسرقات والجمعيات الوهمية ومعالجة أزمة الكهرباء، ورفع الحصانة السياسية عن كل المتهمين والفاسدين. بالإضافة إلى دعوة المسؤولين رفع السرية المصرفية عن كل مسؤولي وموظفي الدولة لتعزيز الشفافية.
يبقى الرهان الأول والأخير على المواطن اللبناني الذي لا يبارح مكانه بشأن الأوضاع الخطيرة التي ستغرق البلاد والعباد إذا ما استفاقت السلطة على تخفيض مخصصاتها التي قد تنقلب عليها ويصبحون في بلد لا يملك فلسا واحدا يعيش على "الشحادة".
(المقال يعبر عن رأي كاتبه)