حيث تقود الولايات المتحدة الأمريكية وساطة بين لبنان وإسرائيل في هذا الصدد، فيما دعت بيروت موسكو للعب دور في التوسط لترسيم حدودها مع دمشق.
لبنان وإسرائيل
ذكرت الصحف العبرية أن مفاوضات بين إسرائيل ولبنان حول رسم الحدود البحرية بينهما والتي بدأت منذ عام 2006، ستنطلق خلال الأسابيع المقبلة، حيث عبر الجانبان عن موافقتهما على إجراء مفاوضات كهذه في أعقاب سعي أمريكي، يقوده نائب وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد.
ونشر "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، دراسة تكشف موافقة حزب الله على هذه الإجراءات، وأن الولايات المتحدة سترافق هذه المفاوضات كجهة مساعدة فقط، وذلك في أعقاب معارضة لبنان للوساطة الأمريكية.
من جانبه قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز إن "إسرائيل تتوقع البدء في محادثات مع لبنان بوساطة أمريكية خلال شهر بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما".
ولم يصدر تعليق عن أي جهة لبنانية عن احتمال المشاركة في محادثات أو عن أي إطار زمني محتمل، وقال شتاينتز: "آمل أن نبدأ المفاوضات في الشهر القادم خلال هذا الصيف".
وأضاف: "قالوا نعم إنهم مستعدون للجلوس وحل النزاع لكن لا تزال هناك البنود (التي يتعين الاتفاق عليها)".
وشهد لبنان، في الأسابيع الأخيرة، تحركات دبلوماسية أمريكية حاولت من خلالها القيام بدور الوسيط بين بيروت وتل أبيب بشأن مسألة الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل.
وأبلغ مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، دايفيد ساترفيلد، قبل فترة المسؤولين اللبنانيين موافقة اسرائيل على بدء التفاوض من أجل ترسيم الحدود البحرية والبرية بين البلدين، فور الاتفاق على بعض التفاصيل.
وحمل ساترفيلد، وفق ما أعلنت الرئاسة اللبنانية إلى اسرائيل اقتراحاً قدّمه لبنان حول آلية التفاوض.
لبنان وسوريا
وقال لافرينتيف "بالنسبة للحدود اللبنانية السورية على وجه التحديد، نعم هناك طلب من الجانب اللبناني لنقدم الوساطة، وسنحاول بالطبع العمل في هذا الاتجاه".
وكان وزير الدفاع اللبناني إلياس بوصعب، قد صرح في مقابلة مع "سبوتنيك"، أن لبنان يدرك رغبة سوريا في ترسيم الحدود البحرية، ويمكن لروسيا أن تتوسط في ذلك.
واختتم مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، قائلا "كما تعلمون، يجري العمل الآن بوساطة أمريكية، لترسيم الجزء البحري من الحدود بين لبنان وإسرائيل. إذا كانت هناك حاجة إلى دعمنا أو نوع من المساعدة، فنحن نؤيد ذلك، لأن المضي قدماً والتوصل إلى اتفاقات ملموسة بشأن مثل هذه القضايا الهامة يسهم حقا في تعزيز أكبر ليس فقط للثقة، بل لتحقيق الاستقرار الحقيقي في المنطقة".
ونقلت "الشرق الأوسط" عن مصدر وزاري لبناني أن روسيا طلبت من سوريا الاتصال بلبنان من أجل إجراء ترسيم منطقة الحدود البحرية الشمالية التي تتراوح مساحتها بين 850 و900 كيلومتر.
وأوضح المصدر أن طلب موسكو من دمشق الاتصال ببيروت لإجراء ترسيم المنطقة البحرية "يهدف إلى الاستثمار في تلك المنطقة، وقد أبلغت عن رغبتها في ذلك إلى كل من الدولتين المعنيتين: لبنان وسوريا".
وكشف المصدر مصدر أن سوريا تجاوبت مع ما طلبته منها روسيا، بإرسال رسالة خطية إلى لبنان، تتضمن طلبًا رسميًا لإجراء ترسيم المنطقة الحدودية الشمالية مع لبنان، ووفق المصدر عينه، أرسلت الرسالة لترسيم "البلوكين" 1 و2.
قوة روسية
المؤرخ والأكاديمي اللبناني عصام خليفة، قال إن "لبنان تسعى في الفترة الأخيرة إلى حسم مشروعات ترسيم الحدود مع سوريا وإسرائيل".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "لبنان طلب من روسيا التدخل بسبب نفوذها الكبيرة في سوريا، وأنها قادرة على إقناع حكومة بشار الأسد على ترسيم الحدود مع لبنان".
وأشار إلى أن "الخلاف الحدودي بين بيروت ودمشق ليس بحريًا فقط، فهناك خلاف بري، إلا أن الأزمة ليست معقدة كما الحال في ترسيم الحدود مع إسرائيل".
وتابع: "هناك علاقات بين بيروت وسوريا ومصالح مشتركة، ويمكن تقاسم الثروات الغازية والنفطية"، مضيفًا: "روسيا لديها شركة تنقيب في لبنان، ولها مصلحة في إتمام ترسيم الحدود ووضع حد لهذا الملف الشائك".
وبشأن المفاوضات القائمة لترسيم الحدود اللبنانية والإسرائيلية، قال: "لبنان سبق وأن رسم الحدود البرية مع إسرائيل بعد الهدنة التي عقدت عام 1949، والحدود البحرية هي من تحتاج لترسيم".
نجاح دبلوماسي
من جانبه قال رياض عيسى سياسي وناشط مدني لبناني، إن "لبنان طلبت من روسيا التوسط أو الضغط على سوريا من أجل القبول بترسيم الحدود البحرية والبرية، بسبب قوة النفوذ الروسي وتواجدها العسكري في المنطقة".
وأكد أن "روسيا لها دور كبير، ويمكنها أن تلعب دور الوسيط بقوة في هذا الصدد، كما تلعب أمريكا دورًا في ترسيم الحدود مع إسرائيل".
وتابع: "من حيث المبدأ نجحت الدبلوماسية اللبنانية أخيرًا في إجبار إسرائيل على القبول بترسيم الحدود البرية والبحرية بشكل متزامن، إضافة إلى جعل منظمة الأمم المتحدة شريكة وراعية لهذه المفاوضات".
ومضى قائلًا "هناك شبه إجماع لبناني حول قضية ترسيم الحدود، والنتائج ستنعكس إيجابيًا على لبنان، وتجعله يستفيد من موارده المائية والبرية بشكل أكبر".
وأكد أن "المحادثات تجعل لبنان لأول مرة أمام محطة تاريخية، وستسمح بطرح أزمة مزارع شبعا على طاولة المفاوضات الدولية، للاستفادة من الزخم المحيط".
وأشار السياسي اللبناني إلى أن "هناك تخوفًا من أن تماطل إسرائيل بهذه المفاوضات، وتضع العراقيل لتربح مزيدًا من الوقت، ما يعني استفادة أكبر بالنفط على الحدود".
وأكمل: "نخشى ما نخشاه أن يكون لإسرائيل — المعروفة بمكرها- أهدافًا خبيثة من وراء تلك المباحثات، وأن تحاول ربطها بصفقة القرن، الجاري إعدادها حاليًا، خصوصا وأن إسرائيل لا تعطي شيئًا بشكل مجاني دون مقابل".
وأنهى عيسى حديثه قائلًا: "في النهاية هناك ارتياح عام بلبنان، والتوافق يبدد كل المخاوف السابقة".
نزاع حدودي
يشار إلى وجود نزاع بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البرية والبحرية، وتطورت الخلافات مؤخرا في ضوء اكتشافات حقول النفط والغاز في البحر المتوسط، خاصة في المناطق الحدودية والحقول النفطية التي تقع في أماكن مشتركة بين البلدين.
وانتهت الحرب بصدور القرار الدولي 1701 الذي أرسى وقفًا للأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله وعزز انتشار قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان، ودعا إلى احترام كامل للخط الأزرق الذي وضعته الأمم المتحدة ليقوم مقام الحدود بين البلدين.
وهناك نقاط عدة على هذا الخط يتنازع عليها البلدان، أبرزها مزارع شبعا.
يشار إلى أن للروس اتفاقيات تنقيب عن النفط والغاز مع سوريا، ضمن مياهها الإقليمية شرقي البحر المتوسط، تعود إلى عام 2013..لكن الطرف الروسي في الاتفاقية — وهو شركة "سويوزنفط غاز"- علق التنفيذ والمباشرة بالتنقيب بسبب استمرار الحرب، وأيضًا لظروف عدم ترسيم الحدود البحرية بين سوريا ولبنان.