فمؤخرًا، أعلنت الحكومة الأردنية فرض ضريبة على مواقع التسوق الإلكتروني، وفي 15 أغسطس/ آب الماضي، أعلنت فرض رسوم جمركية، على المنتجات ذات الاستخدام الشخصي، التي تم شراؤها عبر الانترنت خارج المملكة الأردنية.
كشف وزير الاقتصاد الرقمي والريادة الأردني، مثنى الغرايبة عن توجه الحكومة إلى فرض ضرائب على إعلانات "فيسبوك" و"غوغل".
قال الغرايبة، في تصريحات متلفزة، "الهدف من هذه الفكرة يأتي لفرض ضرائب على هذه الشركات العالمية، التي تتيح خدمات الإعلان دون أن تدفع أي رسوم عليها، مثل الشركات ووسائل الإعلان المحلية، الأمر الذي يعطي هذه الشركات العالمية ميزة تفضيلية على تلك الوسائل".
وأضاف "هذه الشبكات وانتشارها الكبير وتقديمها الخدمات الإعلانية من خارج الأردن بأسعار رخيصة، أثرت بالفعل على السوق الإعلانية المحلية وعلى وسائل الإعلان المحلية والشركات المحلية العاملة في هذا القطاع، ما اضطر العديد منها للخروج من السوق أو تسريح الموظفين وتقليل النفقات لمجاراة السوق".
وقال الوزير "إن الموضوع مايزال طور الفكرة، ويحتاج إلى دراسة مستفيضة للوصول إلى توجه أو قرار بفرض مثل هذه الضريبة"، مشيرا إلى أن التوجه بخصوص هذا القرار لم ينضج بعد.
وأكد المسؤول أن "عددا من دول العالم بدأت التفكير في تطبيق وتنفيذ مثل هذا التوجه، الذي يدور حوله جدل عالمي، لأن هذه التطبيقات الذكية، بما فرضته من مفاهيم جديدة علينا وعلى اقتصادنا تعد جديدة ويجب التعامل معها بعد دراسة مستفيضة لمساواة العاملين في السوق المحلية مع هذه الشركات العالمية".
سياسات خاطئة
الخبيرة الاقتصادية الأردنية، لما جمال العبسة، قالت إن "الضغط بدأ في اتجاه رفع الدعم وزيادة الضرائب في الأردن، منذ نحو 6 سنوات، عملت خلالها 3 حكومات على استسهال الحصول على تمويل العجز في الموازنة العامة عن طريق ربع نسبة ضريبة المبيعات على سلع أساسية، لم تكن ضمن جداول السلع المفروض عليها الضريبة، إضافة إلى زيادة الضرائب على سلع وخدمات أخرى، من نسبة 0% إلى 16%".
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الحكومة الحالية وسابقتها الإعداد لما يمكن تسميته بالكارثة الأكبر، والمتمثلة في تعديل قانون ضريبة الدخل، والتوجه نحو توسيع شريحة دافعي الضرائب على مستوى الأفراد، وزيادة نسبة ضريبة الدخل على قطاعات اقتصادية وشمول أخرى كانت معفاة".
وتابعت: "من المعروف أن أي قرار اقتصادي يأخذ وقته للبدء في التأثير على الوضع الاقتصادي بشقيه الكلي والجزئي".
وبشأن تأثيرات سياسة فرض الضرائب، عددت الخبيرة الاقتصادية بعض منها، أبرزها: "ارتفاع التكاليف المعيشية بشكل لا يتناسب مع الدخل الشهري للمواطن، مما أدى إلى تراجع ملموس في القدرة على الشراء في سبيل توجه المواطنين نحو توفير الاحتياجات الرئيسية، وتعطل الحركة التجارية وحركة الأسواق، نظرًا لإحجام المواطنين عن الشراء".
ومضت قائلة: "بالإضافة إلى تضرر العديد من القطاعات الاقتصادية خاصة الخدمية والتجارية، وتوقف العديد من المصانع عن الإنتاج في انتظار التخلص من مخزوناتها من السلع، وتراجع جاذبية الأردن الاستثمارية في ظل ارتفاع التكاليف على المستثمر".
كافة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة – والكلام لايزال على لسان لما جمال- تخالف أبسط القواعد الاقتصادية العلمية التي تحذر عادة من الارتفاع المبالغ فيه في نسب الضرائب المفروضة، ذلك أن هذا الارتفاع في حجم الضرائب أثر سلبًا على الإيرادات الحكومية من هذا البند الرئيسي، وـثبتت الأرقام أنها لم تؤد المطلوب منها أساسا".
وأشارت الخبيرة الاقتصادية إلى بعض النسب التي توضح نظرتها للأمر: "تراجع حجم الاستهلاك في الأردن بنسبة 8.2% خلال الستة شهور الأولى من العام الحالي، رغم اعتباره من أهم مكونات الناتج المحلي الإجمالي ويؤثر بشكل كبير على نسب النمو الاقتصادي، بالإضافة تراجع حجم الاستثمار خلال نفس الفترة بنسبة 4%، لتضاف إلى انسحاب العديد من الاستثمارات الأجنبية في المملكة خلال العامين الماضيين، وزيادة نسبة البطالة لتصل إلى 19% في نهاية حزيران الماضي نظرا لضعف الطلب على الاستثمار في السوق الأردني".
وأنهت حديثها قائلة: "من المتوقع أن تظهر المؤشرات الرسمية زيادة نسبة الفقر، مع توقعات باستمرار الوضع الاقتصادي بحالة حرجة خلال السنوات الثلاثة القادمة"، مؤكدة أن "الحكومة عليها إعادة النظر في هيكل الضرائب بالأردن في خطورة تهدف إلى الوصول لنقطة بداية نحو انتعاش الاقتصاد".
أعباء خارجية
من جانبه قال نضال الطعاني، البرلماني الأردني، إن "نتيجة الأزمات المحيطة بالمنطقة، والإرهاصات وموقف الأردن الوطنية من تحمل أعباء اللجوء السوري والفلسطيني والعراقي واليمني، بات هناك أزمة اقتصادية كبيرة ونسب بطالة مرتفعة للغاية".
وتابع: "الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها المنطقة، وانعكست على الأردن بشكل خاص نتيجة المواقف الوطنية تجاه اللاجئين، ضافت على كاهل الأردن مزيدًا من الأعباء خصوصا في ظل التضييق المفروض على عمان من دول الجوار".
وعن الحلول الجذرية للأزمة، قال إن "على الدول الصديقة أن تفتح استثماراتها في الأردن، والمساهمة في دعم العجلة الاقتصادية، حتى يتنسى إعادة الوضع كما كان في السابق".
تباطؤ النمو
بدوره قال الدكتور خالد البكار، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني، إن "فرض الضرائب بشكل عام غير مناسب في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي".
وأضاف في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، أن "بعض الضرائب المفروضة كتلك التي فرضت على التجارة الإلكترونية، قد لا يكون هناك أي عوائد مالية، لكن الهدف الأبعد من الإيرادات هو حماية الاستثمار الوطني والتجارة الداخلية".
وبشأن زيادة البطالة، قال إن "الحكومة اتخذت عدة خطوات للحد منها، مثل إحالة من خدمتهم أكثر من ثلاثين عامًا إلى التقاعد، وبرامج للتشغيل تتحمل الخزينة جزء من راتب الموظف بالقطاع الخاص"، مضيفًا أن "الأردن لايزال في حاجة إلى مزيد من الاستثمار لخلق فرص عمل".
تراجع اقتصادي
وواصلت الإيرادات الضريبية تراجعها خلال النصف الأول من العام الحالي إذ سجلت انخفاضا مقداره 79 مليون دينار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي وهو أكبر تراجع يسجل في هذا البند منذ بداية العام الحالي، بحسب صحيفة "الغد" الأردنية.
وبلغت نسبة تراجع الإيرادات الضريبية 3.5 % خلال النصف الأول من العام الحالي بينما كان التراجع قد بلغ 3.3 % في أول خمسة أشهر و1.5 % في الثلث الأول من العام الحالي.
وارتفع صافي رصيد الدين العام الداخلي في نهاية شهر حزيران (يونيو) من العام 2019 ليصـل إلى حوالي 15.674 مليار دينار، أو ما نسبته 50.3 %من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل ما مقداره 14.813 مليار دينار أو ما نسبته 49.4 %من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام 2018، أي بارتفاع بلغ 861 مليون دينار.