أسباب عديدة لتلك الظاهرة منها "غلاء المهور" في بعض البلدان، التي فيها دخول منخفضة للأفراد، وهو ما دعا بعض منظمات المجتمع المدني لإطلاق مبادرة لتخفيض المهور وتقليل تكاليف الزواج والتيسير على الشباب.
ما هي أسباب تلك الظاهرة وكيف يمكن مواجهتها، والآثار الاجتماعية المترتبة على ذلك، وهل هي ظاهرة مشتركة في الدول العربية أم أن لكل بلد خصوصيته، أسئلة يمكن الإجابة عليها في التقرير التالي:
تخفيض المهور
قال سيد سليم، أحد رواد العمل الاجتماعي في أسيوط لـ"سبوتنيك"، إنه تم مناقشة وحل مشكلة غلاء المهور والعنوسة في في إحدى القرى شرق أسيوط، برعاية عدد من الجمعيات الخيرية بالقرية وبمشاركة إدارة أوقاف مركزالفتح وأهل العلم والفكر والرأي، وتم عقد أكثر من اجتماع موسع مع الكثير من أهالي القرية في المساجد وغيرها لدراسة موضوع غلاء المهور، وخاصة المبالغة في تجهيز العروسة وشراء أجهزة لا يستعملها العروسان، كما تمت مناقشة التكاليف المبالغ فيها في ليلة الحناء ويوم الفرح.
وتابع "يجب أن يقتصر تجهيز العروسة على الأجهزة الضرورية، مثل، الثلاجة والغسالة والبوتجاز وبعض أدوات المطبخ فقط، مشيرا إلى أن الجمعيات الخيرية المشاركة في المبادرة تقدم جائزة لمن يبدأ في التنفيذ، وهي عبارة عن رحلة عمرة كاملة التكاليف للعروسين أو ولي أمرهما".
وأشار سليم إلى أن المعنيين بالمبادرة اتفقوا على إقامة حفل كبير ومصور تحت رعاية تلك الجمعيات لأول عروسين يخوضان التجربة مع بعض الجوائز العينية والتقديرية، كما طرحت أيضا فكرة رعاية حفل زفاف جماعي بحضور أهل العلم والفكر والرأي وبعض النواب والمسؤولين.
شروط مجحفة ومشاكل طبقية
من جانبها قالت راضية الجربي، رئيس الاتحاد الوطني لنساء تونس: "أصبح الزواج في بلداننا العربية مسألة استثمار تفكر فيها الأسرة كثيرا، وفي بعض دول الخليج تقدم حوافز للشباب من أجل الزواج بسبب المصاريف الباهظة نتيجة المغالاة في اتباع الآخرين والشروط المجحفة للزوج والزوجة".
وتابعت، في حديثها لـ"سبوتنيك": "كما أن تأخر سن الزواج قد لا يكون راجع فقط للمغالاة في التكاليف، بل لأن بعض الأسر تريد أن تحصل بناتهن على شهادات علمية، ومعظم الفتيات في تونس لا يرغبن في الزواج قبل إتمام دراستهن الجامعية".
كما أن هناك العديد من المقدمين على الزواج عدلوا عن صيغة عقود الزواج، التي بها مؤخر ومقدم وتبقى فقط المهر الذي يدفع والمتمثل في الحلي.
وتابعت الجربي "هناك تراجع كبير في تونس حاليا بتقديم الحلي بالشكل المطلوب في تقاليدنا ولا بالشكل الذي دأبنا عليه منذ سنوات، وتتزوج الفتيات الآن بخاتم وصيغة بسيطة من الذهب لتفادي التكاليف الكبيرة للزواج".
أما الدكتورة هدى بدران، رئيس اتحاد نساء مصر، فتقول إن "مشاكل الزواج ليست جميعها بنفس المستوى في الطبقات الاجتماعية بمصر، ففي الطبقة المتوسطة، التي تعتمد على الراتب فقط مع وجود بطالة بين الشباب والفتيات الأمر أصبح بالغ الصعوبة حتى بمساعدة الأهل".
وأضافت بدران، في حديثها لـ"سبوتنيك": "تلك الأوضاع الاقتصادية أوجدت أنواعا جديدة أو طرق للزواج بين الشباب ومنها، قيام الشاب والفتاة بعقد قرانهم وكل فرد منهم يعيش مع أسرته، وفي الريف الأمر ليس بنفس الإجراءات المتبعة في الحضر، الطبقة المتوسطة يتزوجوا ويعيشوا في بيت العيلة، تلك الظاهرة تحتاج إلى دراسة دقيقة للظاهرة في كل طبقة من طبقات المجتمع ورصد العوامل التي تؤدي للتأخر في سن الزواج".
نظرة المجتمع وصراع أجيال
وحول تأثير تأخر سن الزواج على الشباب والفتيات في العالم العربي قال الدكتور عبد الله غازي أستاذ الصحة النفسية: "الزواج في الدول العربية أحد أساسيات الحياة بالنسبة للشاب والفتاة، وبالتالي عملية التأخر في الزواج يكون لها تأثير نفسي سواء من داخل الفرد أو المجتمع المحيط به".
وتابع، في حديثه لـ"سبوتنيك": "تأخر الزواج يسبب للشاب أو الفتاة عدم الاستقرار النفسي وعدم النضج أو التكامل الاجتماعي بسبب نظرات المجتمع حوله، وبشكل خاص للفتاة التي ينظر إليها على أنها غير "سوية" وأن تأخرها يرجع إلى عيب فيها، وقد يحظى الشاب أيضا بنفس النظرة وإن كان بدرجة أقل".
وتابع غازي "كبر سن الزواج لدى الشاب والفتاة ربما ينتج عنه أطفال مشوهين وناقصي القدرات العقلية نتيجة كبر سن الزوج أو الزوجة، كما أن تأخر الزواج قد يؤدي إلى الكثير من الانحرافات سواء الجنسية أو الاتجاه إلى المخدرات أو أفعال غير مقبوله مجتمعيا، ويخجل أصحابها من ظهورها أمام المجتمع".
وأشار أستاذ الصحة النفسية إلى أن "هناك معتقدات لدى المجتمعات العربية بأن الزواج المبكر يؤدي إلى ملاحقة جيل الأبناء لجيل الآباء بفارق زمني بسيط وبالتالي الأجيال تسلم بعضها، كما أن التأخر في الزواج يؤدي إلى ضعف في الروابط المجتمعية الموجودة بين الأفراد وبعضهم البعض وحالة من الفردية وعدم الاندماج الاجتماعي وهذا بخلاف المجتمعات الغربية".
إحصائيات… 11 مليون فتاة لم تتزوج قبل الـ30 في مصر و2.5 مليون شاب يتزوجون في العقد الرابع
أكد تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر لعام 2017، أن نسبة العنوسة في مصر تجاوزت 13.5 مليون ممن تجاوزت أعمارهم 30 عاما، منهم 2.5 مليون شاب و11 مليون فتاة.
وأشارت الأرقام، إلى أنه بعد 40 عاما، يقل انتشار "العنوسة" بين الشباب، بمعنى أن الفئة العمرية من 40- 44 عاما هي الأعلى في أعداد غير المتزوجين مقارنة بالفئات العمرية التالية، مسجلة 141.684 ألف حالة، فيما انخفض هذا العدد في الفئة العمرية من 45- 49 عام إلى 83.803 ألف حالة، أما في الفئة العمرية من 50-54 عاما، بلغ عدد غير المتزوجين 67.224 ألف رجل وبلغ عدد غير المتزوجات في نفس الفئة العمرية 53.961 ألف حالة.
وبحسب ممثلة هيئة الأمم المتحدة لشؤون المرأة في العراق، فرانسيز كاي، فإن واقع المرأة العراقية من الناحية الاقتصادية يواجه مشكلة كبيرة، فحسب إحصائيات منظمة العمل الدولية فإن 14% من النساء العراقيات فقط يعملن خارج البيت، وهذه النسبة هي الأقل على مستوى العالم، وهذا يعني أن المرأة العراقية لا تمتلك الاستقلالية، لأنها لا تمتلك دخلا خاصا بها.
وأشارت تقارير نشرتها وسائل إعلام سورية، وأكدها القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي، إلى ارتفاع نسبة العنوسة في سورية إلى 70 في المئة، بسبب الحرب.
وبعد أن كانت أسباب العنوسة وتبريرات عدم الزواج تعود إلى الأعباء، التي تلقى على الشبان مثل الهجرة والمهور المرتفعة وتكاليف الأعراس الباهظة ومسؤولية العائلات، جاءت الأزمة والحرب، التي تعيشها سوريا لتزيد الأمر سوءا.