عندما بدأت السعودية تلك الحرب بـ"عاصفة الحزم"، قالت إنها أيام وينتهي الأمر، وانتهت عاصفة الحزم وجاءت "إعادة الأمل"، لكن الحرب لم تنته، ومازالت المآسي تتراكم يوما بعد يوم.
اليمنيون بمختلف أطيافهم هم من يدفعون فاتورة الحرب من دمائهم ودماء أبنائهم، بينما تنقل وكالة "فرانس برس" عن مسؤول غربي مطلع على سياسة الرياض، قول: "على غرار الإمارات، يرغب السعوديون في أن يقولوا: هذه الحرب انتهت بالنسبة لنا".
متى تنتهي الحرب
قال فؤاد راشد، رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي باليمن: "للأسف الشديد بعد مضي كل هذه الأعوام من الحرب تزداد بحيرات الدم اتساعا، ويزيد الحوثي الذي كان صغيرا في عام 2015 قوة رغم تدخل التحالف العربي بقواته العسكرية والمالية وعلاقاته الدولية الواسعة".
وأضاف راشد لـ"سبوتنيك": "بعد كل هذه السنوات تتساقط مناطق في الشمال من يد الشرعية ليد الحوثي ويزداد الوضع في الجنوب المحرر احتقانا وتعاني العاصمة عدن من تعدد الولاءات الأمنية وتصادمها ويزداد اتساع الاحتقان الجنوبي الذي تسبب به التحالف مع سبق الترصد والإصرار، وبعد خمس سنوات يزداد الفقر اتساعا وتظل بوصلة التحالف فاقدة الرؤية والاتجاه الصحيح".
وعلق الدكتور سعد بن عمر، رئيس مركز القرن للدراسات بالرياض: "لا يمكن القول بأن الحرب تحقق أهداف الجميع، الحرب ما هي إلا وسيلة نصل من خلالها ومع توقفها إلى السلام، وبعد مرور خمس سنوات من الحرب في اليوم، نذكر بأن السعودية نادت منذ اليوم الأول لعاصفة الحزم عام 2015، أن الجلوس على طاولة المفاوضات هي الوسيلة الأنجح والمثلى لحل مشاكل اليمنيين فيما بينهم".
فاتورة باهظة لرفض السلام
وأشار رئيس مركز القرن إلى أن السعودية لا تستبعد أحد من المكونات اليمنية في المفاوضات السياسية النهائية، مضيفا: "لا أعتقد أن نهاية الحرب بعيدة، بل نتوقعها يوما بعد آخر، لكن الكثير من الأمور تتحكم بها بعض الأطراف المشتركة في هذه الحرب، وهل تلك الأطراف لديها القدرة على قبول الحلول السلمية التي تعرضها المملكة العربية السعودية".
وتابع بن عمر: "الحوثيون يرفضون الحلول السلمية رفضا قاطعا ويرون أن الحرب سوف تزيد من مدة بقائهم في السلطة ويستبعد كل الأطراف اليمنية من المشاركة في الحكم".
وأضاف: "لا أستطيع أن أنكر أن هناك مفاوضات سعودية بين المملكة ومختلف الأطراف السياسية في اليمن سواء معلنة أو سرية، لكن الذي نؤكد عليه هو أن الطرف "الحوثي"، نظرا للأيديولوجيا التي يتبعها لا يريد إشراك أي طرف في إدارة البلاد معه، ومتى توفرت تلك الإرادة والقناعة بالسلام لدى الحوثيين ستقف الحرب في تلك اللحظة".
وقال عبد الستار الشميري، رئيس مركز جهود للدراسات باليمن: "كانت فاتورة السنوات الخمس من الحرب في اليمن باهظة جدا، على المستوى الإنساني، وخلفت الحرب أكثر من 100 ألف قتيل وجريح، تعطلت أو تهدمت كل البنى التحتية للدول وأفرغت من الخدمات الأساسية، وتحول اليمن إلى حالة من الشلل التام والفشل الواضح، اقتصاديا وسياسيا".
وتابع الشميري لـ"سبوتنيك": "ما يتعلق بالوضع العسكري يمكن القول أن الحرب أخرجت الحوثيين من كل المحافظات الجنوبية، وفي المحافظات الشمالية مازالت الحرب مستعرة، وجغرافية الشمال مقسمة بين الشرعية والحوثيين وبعض الجماعات، لكن المواطنيين واليمن بشكل عام تدفع فاتورة باهظة عن طريق انعدام الخدمات وتفشي الأمراض".
آلاف القتلى وبلد ممزق
وأضاف رئيس مركز جهود: "يمكننا القول أن الحرب لم تحقق أكثر من 30 في المئة من أهدافها، ومنذ انطلاق عاصفة الحزم لا تزال كل القوى ترفض الذهاب إلى طاولة الحوار والبحث في ملفات السلام المعطلة مثل اتفاقات السويد والحوار الشامل، ويعد دور الأمم المتحدة في هذا الملف منعدما، إلا ما يتعلق ببعض التدخلات البسيطة فيما يتعلق بالجانب الإنساني".
وقال إبراهيم مطرز، الإعلامي اليمني من صنعاء: "منذ اليوم الأول للعدوان الأمريكي السعودي على اليمن الذي شن التحالف أكثر من 257 ألف غارة إجمالي ما رصدته الجهات المختصة في القوات المسلحة من 26 مارس 2015م حتى اليوم، واستشهد إثر تلك الضربات الآلاف من أبناء الشعب اليمني وجرح عشرات الآلاف منهم جراء العدوان الغاشم إضافة إلى خسائر كبيرة جدا في المنشآت الخدمية العامة".
وأضاف مطرز لـ"سبوتنيك": "قام التحالف خلال سنوات الحرب بضرب جميع الأهداف الثابتة المدنية، وخلال الخمس السنوات تورد الإحصائيات أن الغارات الجوية لتحالف العدوان لم تترك مدرسة ولا مسجدا ولا سوقا ولا جسرا ولا طريقا ولا منزلا في اليمن إلا قصفته مرتكبة في جميع ذلك جرائم حرب، وبحسب إحصائيات مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية التي كشف عنها اليوم في مؤتمرا صحفيا عن احصائيات جرائم العدوان خلال خمس سنوات، بلغ عدد القتلى والجرحى42582، بينهم 3725 طفلا و 2357 امرأة".
وتابع مطرز: "بلغ عدد المنشآت المدمرة والمتضررة في البنية التحتية لليمن 8610 منشأة، وتسببت الحرب في تدمير وتضرر 15 مطارا و16 ميناء و297 محطة ومولدات كهربائية و520 شبكة ومحطة اتصال، كما تم تدمير واستهداف 1990 خزان وشبكة مياه و1953 منشأة حكومية و3819 طريق وجسر، وبلغ عدد المنازل المدنية المدمرة والمتضررة جراء العدوان 458061 منزلا أما المنشآت الخدمية فقد بلغت 468229 منشأة".
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014، وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات دون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة، تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.