واستخدمت قوات الأمن، اليوم الاثنين، الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المحتجين، كما داهمت وحدات الشرطة خيام المعتصمين وأوقفت عددا منهم من بينهم الناطق الرسمي باسم "اعتصام الكامور" طارق الحداد، قبل أن يتم إطلاق سراحهم اليوم باستثناء شخص واحد.
وانسحبت اليوم وحدات الأمن من وسط مدينة تطاوين، بينما قامت وحدات الجيش الوطني بتأمين المقرات الأمنية في الجهة، في وقت واصل فيها المعتصمون احتجاجاتهم المطالبة بالتشغيل والتنمية في محافظتهم التي تؤمن ما يقارب 40 في المئة من إجمالي إنتاج تونس من البترول والغاز.
عنف ممنهج
وقال عضو تنسيقية اعتصام الكامور خليفة بوحواش في تصريح لـ "سبوتنيك" إن "وحدات الأمن اعتمدت العنف الممنهج لقمع المحتجين الذين تحملوا خذلان الحكومة لهم بعد أن تراجعت عن تعهداتها بانتداب المعطلين عن العمل من أبناء الجهة".
وأوضح بوحواش أن مطالب المحتجين مشروعة وبسيطة على اعتبار أنها تتنزل ضمن اتفاقات سابقة وضمن حق شباب الجهة في التشغيل والتنمية، خاصة وأن "محافظتهم تمثل مصدر دخل لميزانية الدولة، في وقت رفعت فيه الحكومات المتعاقبة شعارات اللامركزية التي بقيت حبرا على ورق".
وقال بوحواش "منذ 2017 بقي اتفاق "الكامور" حبرا على ورق، ولم تستجب الحكومة لمطالبنا المتكررة بالتشغيل، وإلى اليوم لم تشغل شركات البستنة سوى 2500 شاب بعقود هشة ودون انتداب رسمي ولا قانون شغل أساسي يكفل حقوقهم".
وعن فرضية إيقاف إنتاج النفط والغاز، قال بوحواش إن ذلك لا يعد شرطا لاستكمال النضال من أجل افتكاك حقوق المحتجين، مؤكدا أن مطلبهم الأساسي اليوم هو أن تلتزم الحكومة بتعهداتها مع أبناء الجهة المنكوبة التي يعاني أهاليها الحرمان والفقر والخصاصة منذ ما يزيد عن سبعين سنة.
وشدد بوحواش أن أيادي المحتجين ستبقى ممدودة للحوار والجلوس إلى طاولة التفاوض من جديد وإيجاد حلول موضوعية وعملية دون اللجوء إلى العنف.
تجاوزات أمنية
وقال المدير التنفيذي لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان المنصف الخبير لـ"سبوتنيك" إن التعاطي الأمني مع الاحتجاجات في تطاوين لم يكن له مبرر، باعتبار أن التحركات لم تخرج عن جانبها السلمي.
وأكد محدثنا أن 64 قرارا اتخذتها الحكومة السابقة بتاريخ 15 يونيو/ حزيران 2020 لفائدة الجهة لم يقع تفعيلها إلى اليوم وتنصلت منها الحكومة المنقضية والحالية، وهو ما يتعارض مع مبدأ استمرارية الدولة.
وأشار مدير جمعية حقوق الإنسان في تطاوين إلى أن "تونس أمضت على اتفاقية مناهضة التعذيب وركزت هيئات دستورية ومنها الهيئة الوطنية لمكافحة التعذيب، لكن أحداث تطاوين من اقتحام للمنازل واستعمال للغاز المسيل للدموع كشفت أن كل هذه الهيئات والاتفاقيات كانت مزعومة وضلت فقط حبرا على ورق.
واعتبر المدير التنفيذي لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان المنصف الخبير أن "إمكانية توسع رقعة الاحتجاجات لتشمل مناطق أخرى واردة"، مضيفا أن "التحركات في محافظة تطاوين جاءت تزامنا مع سلسلة من الاحتجاجات قادها المعطلون عن العمل أمام البرلمان وفي منطقة مساكن من محافظة سوسة وسط شرق البلاد".
وأضاف "كل هذه التحركات هي بوادر احتقان اجتماعي ودليل على أن الشعب استنفذ واستوفى كل صبره على الحكومات المتعاقبة من 14 يناير/ كانون الثاني 2011 إلى اليوم".
الاتحاد يساند المحتجين
وأغلقت اليوم عدد من المحلات والمرافق العمومية أبوابها استجابة لطلب الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين بتنفيذ إضراب عام في حركة تضامنية مع المحتجين الذين تم إيقافهم ودعما لمطالب المعتصمين في التنمية والتشغيل.
وقال عضو المكتب الجهوي لاتحاد الشغل في تطاوين المكلف بملف الكامور عدنان اليحياوي في حديثه لـ "سبوتنيك"، إن "معظم المنشآت والإدارات التابعة للقطاع العام والوظيفة العمومية استجابت للإضراب على عكس مهنيي القطاع الخاص الذين فتحوا محلاتهم رغم تجدد الاحتجاجات".
وفي نفس السياق، أكد اليحياوي أنه "تم اليوم إطلاق سراح جميع الموقوفين باستثناء الناطق الرسمي باسم "اعتصام الكامور" طارق الحداد الذي يتواصل إيقافه في انتظار مثوله غدا أمام أنظار النيابة العمومية، مبينا أن الاتحاد يتابع هذا الملف عن كثب".
ونبه عضو الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين إلى إمكانية أن تأخذ الاحتجاجات منحا تصاعديا كأن تتجه إلى إيقاف الإنتاج، معتبرا أن هذا الحل سيبقى الورقة الضاغطة الأخيرة في يد المحتجين، مؤكدا أن الاتحاد سيدعم أبناء الجهة في خطواتهم التصعيدية في سبيل الاستجابة لمطالبهم المشروعة.
وطالب اليحياوي الحكومة بالتسريع في حل هذا الملف وعقد مجلس وزاري عاجل تجنبا لسيناريوهات أسوأ.
وتحتل محافظة تطاوين، وفقا للأرقام الرسمية، المرتبة الأولى من حيث ارتفاع نسب البطالة التي بلغت 32.4 في المائة أي ما يعادل 17 ألف عاطل عن العمل.