وطرح البعض تساؤلات بشأن مدى فاعلية دعوات المقاطعة لبعض الدول الإسلامية، وما إمكانية تأثيرها على الاقتصاد الفرنسي، خاصة أن الكثير من المنتجات الفرنسية تصدر سنويا للدول العربية والإسلامية.
دعوات للمقاطعة وتنديد فرنسي
دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مواطني بلاده إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية وذلك على خلفية التوتر الأخير مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب مقتل مدرس فرنسي أظهر أمام طلابه رسوم كاريكاتير حول النبي محمد، وهو الأمر الذي تسبب في دعوات بالشرق الأوسط لمقاطعة بضائع فرنسا.
وتابع: "الساسة الغربيين يتسترون على أخطائهم بالهجوم على الإسلام والمسلمين... وماكرون يتبع سياسية كراهية للإسلام وهذه السياسات العنصرية هي أمراض عقلية"، كما دعا القادة الأوروبيون إلى وضع حد لما وصفه بـ"حملة الكراهية" التي يتزعمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقال بيان فرنسي إن:" دعوات المقاطعة هذه لا أساس لها ويجب أن تتوقف على الفور وكذلك جميع الهجمات ضد بلدنا والتي تدفعها أقلية متطرفة".
تحرك فرنسي
قال مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا: "قضية المقاطعة التي تدعو لها بعض الدول العربية والإسلامية على المستوى الشعبي يتوقف درجة تأثيرها على مدى التزام المقاطعين بها".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك" أنه "في حال كانت المشاركة ضيقة وأن الزخم فقط عبر وسائل التواصل الإعلامي كما يظهر للفرنسيين، لن يكون لها أي تأثير على الاقتصاد الفرنسي".
وتابع: "أما بالنسبة للدول التي تدعو للمقاطعة الفرنسية فسيكون لماكرون حساب خاص معهم، وهناك الآن حرب تكسير عظام بين باريس وأنقرة، خاصة أن هناك قمة أوروبية في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، كما سيحاول الاتحاد الأوروبي الضغط على الحلف الأطلسي للضغط بدوره على تركيا لوقف تصرفاته العنيفة تجاه فرنسا".
وأشار إلى أن "الشتائم التي وجهها أردوغان لماكرون أحدثت نوعا من الإجماع الأوروبي ضد تركيا، وسيكون هناك مطالب فرنسية قوية لمعاقبة أردوغان لتهديده أمن واستقرار دول الاتحاد الأوروبي".
القطاع الخاص واقتصاد فرنسا
وقالت لما جمال العبسة، الخبيرة الاقتصادية الأردنية: "يصعب في الوقت الراهن تقدير حجم خسارة الاقتصاد الفرنسي بسبب موجة مقاطعة شعوب إسلامية للمنتجات الفرنسية، فما زال الوقت مبكرا لتقدير حجم الخسارة بدقة، عدا عن ذلك فإن المقاطعة شعبية وليست رسمية بمعنى أن الحكومات لم تفرض هذه المقاطعة".
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك" أن "مقاطعة السلع والخدمات الفرنسية لا شك إذا امتد سيكون تأثيره على قطاعات اقتصادية متعددة في فرنسا وبالتالي التأثير على اقتصادها، علما بأن حجم الصادرات الفرنسية إلى دول عربية العام الماضي قدرت بنحو 29 مليار دولار تقريبا من أصل نصف ترليون دولار، إجمالي الصادرات الفرنسية في حينه، أي أن التأثير على مستوى الصادرات محدود جدا".
وتابعت: "في العادة تحافظ الشركات خاصة تلك التي تنتج بضائع وسلع استهلاكية على تثبيت قدمها في الأسواق التي تعمل فيها وبالتالي ستكون المتضرر الأكبر من المقاطعة، إلا أن الأمر يجب أن يؤخذ على محمل الجد من الحكومة الفرنسية".
واستطردت: "هناك العديد من الشركات الفرنسية تعمل في الدول العربية والإسلامية والعديد من مستهلكي خدمات هذه الشركات قرروا مقاطعة منتجاتها وخدماتها فبالتالي سيقع الضرر الأكبر على القطاع الخاص الفرنسي أي أن إيرادات الخزينة الفرنسية من الضرائب التي تحصلها من هذه الشركات سيتراجع".
وأكدت أن "آثار المقاطعة لم تظهر بعد، فالمتاجر الكبرى وخاصة متجر "كارفور" الذي ينتشر بشكل كبير في العديد من الدول العربية والإسلامية يواجه العديد من دعوات المقاطعة، إلا أنه من الصعب تحديد الخسائر التي تكبدها".
وأكملت: "في قطاع الدفاع، فرنسا تعتبر أحد أكبر مصدري الأسلحة في العالم، وتبيع شركة تاليس الأسلحة وتكنولوجيا الطيران وأنظمة النقل العام لعدد من الدول المسلمة كالسعودية والإمارات وتركيا وقطر ولم يصدر أي تصريح رسمي من هذه الدول بوقف عمليات الشراء من الشركة الفرنسية".
وتابعت: "أما في قطاع السياحة فلا يزال الوقت مبكرا لتحديد الأضرار، خاصة وأن موسم الخريف والشتاء يشهدان تراجعا في هذا القطاع".
وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد قال قبل أيام خلال حفل تأبين المعلم صمويل باتي، الذي قتل على خلفية الرسوم المسيئة: "صمويل باتي قتل لأن الإسلاميين يريدون الاستحواذ على مستقبلنا ويعرفون أنهم لن يحصلوا على مرادهم بوجود أبطال مطمئني النفس مثله".
وأضاف الرئيس الفرنسي: "لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات وإن تقهقر البعض".
وأشعلت كلمة الرئيس الفرنسي غضبا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وطالب مستخدمون مسلمون بمقاطعة المنتجات الفرنسية.