رغم ذلك هناك مخاوف من عدم قدرة هذا الاتفاق على تحقيق السلام الكامل نظرا لعدم توقيع عدد من الفصائل والحركات الكبرى على الاتفاق وهو ما يطرح العديد من التساؤلات... هل ينضم هذا الاتفاق إلى عشرات الاتفاقات السابقة، وما هي خطط القوى والحركات والأحزاب غير الموقعة خلال الفترة القادمة؟
القيادي في جبهة المقاومة السودانية، محمد صالح رزق الله، يجيب عن بعض تلك التساؤلات قائلا إن: "ما تم من توقيع اتفاق سلام في جوبا لم يخاطب القضايا الأساسية الجذرية في دولة السودان، لأن هناك شروط للسلام العادل والشامل، بأن يخاطب جذور الأزمة من أصلها وهو ما لم يحدث على الإطلاق، والسلام الذي حدث هو سلام محاصصات، ونحن نعلم أن هذا السلام هو عبارة عن صفقات منضوية تحت برنامج واسع ومعد منذ العام 2013 والمتمثل في برنامج الهبوط الناعم، وهذا الهبوط قام بعمل انقلاب ضد الثورة ومكن العسكر من السلطة."
انقلاب على الثورة
وأضاف في اتصال هاتفي مع "سبوتنيك"، أن: تحالفا جرى بين قوى الهبوط الناعم ومعسكر المؤتمر الوطني بالإضافة إلى الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، ونحن الآن نعمل من أجل توحيد ورص صفوف كل القوى الثورية الحقيقية التي لها نفس رؤية جبهة المقاومة سواء كانت مسلحة أو غير مسلحة، حيث يرى الجميع أن الحل في البلاد يتلخص في حل جذور الأزمة بشكل كامل، كما أن هناك أحزاب سودانية تتوافق مع نفس منهجنا.
وقال القيادي في جبهة المقاومة، إن أبرز القوى الموقعة وهي كثيرة، مثل حركة عبد العزيز الحلو "الحركة الشعبية -شمال"، وعبد الواحد محمد نور"جيش التحرير"، علاوة على لجان المقاومة الثورية والفصائل المدنية والحركات الدارفورية غير الموقعة على اتفاقية جوبا والتي يزيد عددها عن 8 حركات، لذا نحاول توحيد وجهتنا والعمل أيضا مع لجان المقاومة.
أسوأ من السابق
واعتبر رزق الله أن: الاتفاق الذي تم توقيعه في جوبا لإحلال السلام أسوأ من الاتفاقيات التي كان البشير يقوم بتوقيعها مع الحركات، لأن هذا الاتفاق انقلب على الثورة الشعبية، حيث أن المادة 20 من الوثيقة الدستورية والتي تمنع كل من شارك في المرحلة الانتقالية سواء من المجلس العسكري أو قوى الحرية والتغيير أن يرشح نفسه في الانتخابات القادمة، وهنا التف العسكر مع بعض قوى الهبوط الناعم بجانب التحالف مع عدد من حركات دارفور الموقعة في جوبا وقاموا بإلقاء هذه المادة بحجة أنهم يريدون ترشيح أنفسهم في الانتخابات القادمة سواء في البرلمان أو الحكومة، وهو ما يعني استخدام سلطتهم للالتفاف على الوثيقة الدستورية، رغم أن الوثيقة الدستورية وضعت مادة محددة بأن أي شخص شارك في المرحلة الانتقالية يمنع من الترشح لسد الطريق على العسكر."
وأشار القيادي في جبهة المقاومة إلى أن اتفاقية جوبا التي تم توقيعها بين الحكومة وبعض الفصائل تقول، إن ما جاء في تلك الاتفاقية يرجح على ما جاء في الوثيقة الدستورية، هذا الأمر هو عين الانقلاب على الثورة والوثيقة الدستورية.
وحذر رزق الله من أن استمرار وقف إطلاق النار قد ينتهي حال انضمام عناصر الفصائل المسلحة إلى الدعم السريع والجيش واستغلالهم في محاربة الحركات الغير موقعة وهذا ما نتخوف منه.
تسويات عشائرية
من جانبه اعتبر رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة الفريق منصور أرباب أن: الذي حدث في جوبا من تسويات عشائرية عبثية، لن تحقق السلام العادل الشامل، ببساطة لأنها لم تلب طموحات أصحاب المصلحة الحقيقيين من اللاجئين والنازحين والمشردين وكل ضحايا الحرب في دارفور المنطقتين.
وأضاف في اتصال مع "سبوتنيك": ستكون تلك التسويات العشائرية والعبثية وبالا على الشعب السوداني، وقد بدأ الشعب في مقاومة آثارها، و خرجت مظاهرات سلمية هادرة في غرب ووسط وجنوب دارفور، كما في اقليم الشرق التي تنادي بقوة بإلغاء ما سمي بمسار الشرق وإلا فإن خياراتهم هي إعلان الحكم الذاتي لإقليم الشرق، وكذا الحال في الشمال والوسط، وشاهدتم جميعا كيف تم طرد ممثلي من وقعوا على تلك التسويات في غرب دارفور والشمالية والشرق وفي كل مكان في السودان.
وتابع رئيس العدل والمساواة، أن هذه التسويات المعيبة والمعطوبة، ستكون وبالا على الشعب والدولة السودانية وتهدد الأمن القومي للسودان والمحيط الإقليمي والدولي ككل.
إعلان حرب
واعتبر أرباب أن التوقيع على تلك التسويات: هو إعلان حرب جديدة من الحركات الموقعة عليها ضد من لم يكن جزءا منها، ولكن الشعب السوداني سيقاوم وبضراوة لتحقيق سلام عادل وشامل يحقق الاستقرار والأمن في كل ربوع السودان ومنها سيعم الأمن في المحيط الإقليمي.
وقال رئيس العدل والمساواة إن: دورنا ومواقفنا في حركة العدل والمساواة السودانية الجديدة، هو الوقوف مع ضحايا الحرب من النازحين واللاجئين والمشردين، والآن نتقدم صفوف المقاومة للحلول الجزئية والتسويات العشائرية والعمل لإحلال سلام عادل وشامل في السودان يحقق الوحدة الوطنية ويشيع الأمن والاستقرار والحياة الكريمة للشعب السوداني.
بدوره، قال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، عضو المجلس الرئاسي والسكرتير العام للجبهة الثورية محمد مصطفى إن: السودان يعاني من قبل الاستقلال من أزمة سياسية، واجتماعية طاحنة، وفي كل الحقب المتعاقبة كانت هنالك محاولات لتحقيق السلام والاستقرار تمثلت في حوارات ومفاوضات، أفضت إلى اتفاقيات عديدة قد تجاوزت الثماني والأربعين اتفاقية، وكلها لم تحقق السلام العادل والشامل والاستقرار والديمقراطية المستدامة، لأن الطبقة المسيطرة على مراكز صنع القرار في السلطة المركزية لم تكن جادة في تنفيذ الاتفاقيات.
وأضاف في اتصال مع "سبوتنيك": وبالتالي فإن اتفاق السلام الذي تم توقيعه في جوبا وفقا لتحليل عدد من الأكاديميين والخبراء يحمل من بين بنوده عددا من النصوص غير الدقيقة والقطعية، قد تمنح كلا الطرفين حق التفسير المختلف مع تفسير الآخر، وكذلك لم يكن شاملا، بل مارست فيه الوساطة وبعض القوى الثورية صنوفا من الإقصاء والتهميش لبعض المكونات الثورية، وبالمقابل أعطيا حق التفاوض والتوقيع لمن لا قوة وجماهير له، مما أعطى الفصائل غير الموقعة قوة ومنطقا إضافيا مقنعا لكل المظلومين في السودان وعزز من مواقفهم التفاوضية.
مسارات جديدة
وتابع رئيس الحركة الشعبية،: والآن كل الفصائل جاهزة للتفاوض وكما تعلم أن عبدالعزيز آدم الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير شمال بكامل وفده المفاوض في جوبا في انتظار وفد الحكومة ليباشر المفاوضات، استنادا على المبادئ التي وقعها مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وقد وصل عبدالواحد محمد نور إلى كمبالا عاصمة أوغندا، وقد يصل إلى جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان في أي لحظة بغرض التشاور مع حكومتها، وكذا بقية الفصائل ممثلة في الحركة الشعبية لتحرير السودان، وحركة العدل والمساواة السودانية الجديدة، ومجموعة القائد تلفون كوكو، كل هذه الفصائل جاهزة للتفاوض من أجل الوصول إلى إتفاق عادل وشامل يخاطب ويعالج جذور الأزمة السودانية.
وأوضح مصطفى أن موضوع المسارات الإقليمية والجهوية التي اعتمدت في مفاوضات المرحلة الأولى قد جذرت الأزمة في شرق السودان، وقد تتمدد إلى الوسط والشمال والغرب لذلك نحن نرى افضلية المسارات الموضوعية على الجهوية.
وبدأت بالسودان في 21 أغسطس/ آب 2019، مرحلة انتقالية تستمر 39 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات أواخر 2022، ويتقاسم السلطة حالياً الجيش وائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير، قائد الاحتجاجات الشعبية.