في تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في 18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وصف تعامل مصر مع جائحة كوفيد-19 بـ"الجيد" عبر "إجراءات استباقية للتصدي للاحتياجات الصحية والاجتماعية ودعم القطاعات الأشد تأثرا بالأزمة بصورة مباشرة"، لكنه حذر بعض المخاطر خاصة مع احتمالات ظهرو موجة ثانية من الجائحة، وقل إنها "تزيد من مشاعر عدم اليقين إزاء وتيرة التعافي الاقتصادي على المستويين المحلي والعالمي".
في حديث مع وكالة "سبوتنيك" يقول المستشار السابق بصندوق النقد الدولي وأستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة القاهرة فخري الفقي إن "الاقتصاد المصري صلب نتيجة للإصلاحات الاقتصادية" التي بدأتها مصر في عام 2016 عن طريق حزمة من الإجراءات، أبرزها تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
ويعرب الفقي عن تفاؤله بالأداء المتوقع للاقتصاد المصري خلال عام 2021، حيث يقول إن "أداء الاقتصاد المصري متميز حتى قبيل اللقاح المنتظر، مع انتشار وتوزيع اللقاح، ستعود السياحة أيضا وتعود الأوضاع كما كانت، وسيؤدي الاقتصاد المصري أداء طيبا نتيجة أيضا لمشروعات البنية التحتية التي نفذتها الدولة وهي مشروعات يحتاجها المستثمر"، مؤكدا أن "آفاق الاقتصاد المصري مبشرة وإيجابية للغاية".
وتابع الفقي، على المستوى العالمي أيضا "أعتقد أن اللقاح يعطي بارقة أمل، حيث ستبدأ معدلات البطالة في الانخفاض تدريجيا، وتبدأ مؤشرات الاقتصاد الكلي تتحسن وتتحسن حركة التجارة وحركة السياحة خلال عام 2021، سنجد أن أسعار براميل البترول ترتفع نتيجة للنشاط الاقتصادي، ونجد دول أوبك وأوبك+ ستحصل على إيرادات كافية وتستفيد منها وبالتالي تستطيع الاستثمارات، فالحركة تنتعش والبورصات العالمية تنتعش وبالتالي يزيد النمو وتتحسن التجارة الدولية".
في السياق ذاته، تقول هدى الملاح مديرة المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسة الجدوى [مؤسسة مستقلة] لوكالة "سبوتنيك" إنه "لولا خطة الإصلاح الاقتصادي التي بدأتها مصر منذ عام 2016 لم تكن مصر لتستطيع مواجهة أزمة مثل أزمة انتشار فيروس كورونا"، مضيفا "لكن بالرغم من هذه الأزمة، استمر الجنيه في الارتفاع أمام الدولار الأمريكي".
وحول أبرز التحديات المتوقع أن يواجهها الاقتصاد في مصر في العام المقبل، يعود أستاذ الاقتصاد الدولي فخري الفقي ليقول إن هذه التحديات تتمثل في "التحول الرقمي لتوسيع الشمول المالي، وزيادة إنتاج الهيئات الاقتصادية، وزيادة دور القطاع الخاص من خلال مشاركته للحكومة في المشروعات المختلفة".
وفيما يتعلق بالديون، قال الفقي "لا مشكلة في هذا الأمر، فبالرغم من أننا نقترض لكننا نقترض لإقامة مشروعات استثمارية، ولم تتخلف مصر عن سداد أي دين، وأيضا هناك استراتيجية لإدارة الدين العام، ولن تواجه مصر أي مشاكل في هذا الاتجاه بل بالعكس".
أما الخبير والمحلل الاقتصادي وائل النحاس، فيقول إن التحديات التي ستواجهها مصر ستتمثل في "العمل على جذب الاستثمارات والتغلب على نقص العملة الأجنبية والتي كان جزء كبير منها يأتي من السياحة أو من تحويلات المصريين العاملين في الخارج".
ويرى النحاس أن تأثيرات أزمة كورونا ستمتد إلى عام 2021، حيث يوضح "أعتقد أن الاقتصاد المصري سيشهد نوعا من أنواع الانكماش في العام المقبل بسبب المتغيرات التي حدثت في العالم كله، فالاقتصاد المصري جزء من الاقتصاد العالمي".
ويضيف "قطاعات مثل الطيران والضيافة والسياحة ستتأثر أكثر من غيرها بشكل سلبي جدا، ونحن في مصر نعتمد في جزء كبير من اقتصادنا على القطاع السياحي والفنادق، حتى في حالة في ظهور لقاح لفيروس كورونا، أعتقد أن التأثير السلبي سيمتد لعام 2021، على الجانب الآخر قد تشهد بعض القطاعات مثل قطاع الزراعة نموا".
كما بلغت قيمة العجز الكلي للموازنة العامة بلغت نحو 171 مليار جنيه (10.8 مليار دولار)، بنسبة 2.6% من الناتج المحلي، مقابل عجز كلي بلغت قيمته 180 مليار جنيه (11 مليار دولار) بنسبة 3.1% من الناتج المحلي خلال نفس الفترة من العام السابق.
وبحسب تقرير للبنك المركزي المصري، سجل معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي 0.7% بشكل مبدئي خلال الربع الثالث من عام 2020، مرتفعاً عن سالب 1.7% خلال الربع السابق من ذات العام. كما سجل معدل النمو 3.6% بشكل مبدئي وذلك خلال العام المالي 2019/2020 مقارنة بـ 5.6% خلال العام المالي السابق.
وأرجع البنك المركزي تباطؤ النمو إلى جائحة كورونا والإجراءات الاحتوائية المصاحبة لها.