في هذا السياق، كشف مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي بأن وزراء دفاع التكتل سيبحثون مقترحا لتشكيل قوة عسكرية مشتركة قوامها 5 آلاف جندي قادرة على التدخل والانتشار السريع في مناطق الأزمات.
قوة عسكرية
تهدف الخطة التي تحظى بدعم نحو 14 دولة عضو لتعزيز القدرات العسكرية للاتحاد الأوروبي، في إطار مراجعة استراتيجيته الشاملة التي سيتم التوافق عليها عام 2022، وفقا لموقع "ميدل إيست".
وقال المسؤول الأوروبي: "ما نود القيام به الآن، ولأن العديد من الدول أيدت الفكرة، هو محاولة معرفة ما إذا كان بإمكاننا إجراء تدريب مسبق لـ5 آلاف شخص إضافة إلى عنصر جوي وربما بحري أيضا".
وأضاف: "ما في ذهننا هو أن نكون قادرين على نشر قوة التدخل هذه بسرعة في حال كان لديك على سبيل المثال حكومة شرعية في دولة ما تخشى احتمال سيطرة مجموعة إرهابية عليها".
وهذا المخطط الذي من المقرر مناقشته في أول اجتماع وجها لوجه لوزراء دفاع التكتل منذ نحو عام يأتي مع دفع بعض دول الاتحاد لتطوير قوة عسكرية مشتركة.
وأشار المسؤول إلى أن الدول الأعضاء الـ14 التي أيدت الاقتراح حتى الآن هي النمسا وبلجيكا وقبرص والجمهورية التشيكية وألمانيا واليونان وفرنسا وايرلندا وايطاليا ولوكسمبورغ وهولندا والبرتغال وسلوفينيا وإسبانيا.
وقال المسؤول إن المجموعات القتالية يمكن أن تشكل "نواة" للقوة المستقبلية، لكنه أصر على أن النقاش لا يزال في مهده، مضيفا: "ما نحتاج إليه الآن هو بناء إجماع حول هذه الفكرة".
أهداف استراتيجية
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تهدف هذه الخطوة إلى أن تكون هذه القوة العسكرية قادرة على إدارة الأزمات الخارجية والانتشار سريعا في مناطق الأزمات، ففي حال حدوث انقلاب عسكري داخل دولة صديقة للاتحاد الأوروبي يكون بإمكان الجيش التدخل وأن يعيد الحكومة المنتخبة ديمقراطيا للحكم، وهذا ما تم التعبير عنه من قبل أحد المسؤولين الأوروبيين.
وتابع: من المقرر أن يناقش وزراء الدفاع في الدول الأعضاء بالاتحاد هذا المقترح والذي لا يعتبر الأول من نوعه، فكان هناك مبادرة أخرى عام 2007 تم على إثرها تشكيل قوة عسكرية تتكون من 1500 جندي من جيوش الدول الأعضاء، ولكن حتى الىن لم يتم استخدامها على الأرض، بسبب غياب الإرادة السياسية وارتفاع تكاليف نشر وتكوين هذه الفرقة العسكرية، بجانب أن إرسال قوات خارج الحدود الأوروبية قد ينشأ عنه بعض الأخطار".
وعن مدى نجاح تشكيل القوة العسكرية هذه المرة، أكد بركات أنه "من الصعب على دول الاتحاد الأوروبي أن يكون لهم قوة عسكرية أو جيش أوروبي لا يرتبط بحلف شمال الأطلسي، والتصريحات التي وردت على لسان بعض المسؤولين الأوروبيين أكدت أنه لن يتم اتخاذ أي مبادرة تتعارض مع أمريكا، خاصة وأن حلف الناتو الذي يحمي الحدود الأوروبية ممول بنسبة 70% من قبل أمريكا.
وأوضح أن جوزيف بوريل يرى في تكوين هذا الجيش رعبة من قبل دول الاتحاد أن يكون لديهم وسيلة ضغط، وخطوة نحو تشكيل جيش أوروبي على مدى أوسع من المبادرة الحالية، وتم مناقشة الأمر خلال القمة الأوروبية التي عقدت في شهر فبراير الماضي، ضمن إطار رغبة الاتحاد بإيجاد استقلال استراتيجي وسيادة أوروبية أكبر، وهذا بالإضافة إلى الصندوق العسكري الذي تم تدشينه من قبل دول الاتحاد لإنتاج الأسلحة للدول الأعضاء والصديقة للاتحاد.
جيش أوروبي موحد
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لا يمكن الجزم في هذه المرحلة أن هذا الأمر سيسبب قطيعة مع الحلف الأطلسي، لكنه يؤسس لوضع اللبنات الأولى لمقاربة أوروبية عسكرية مشتركة يمكن في حال انهار الحلف الأطلسي أن يقوم بعمليات دفاعية وعسكرية خاصة بالفضاء الأوروبي.
ويرى الطوسة أن هناك حالة إعادة تموضع للدول الأوروبية على المستوى الاستراتيجي والعسكري، مؤكدًا أن المهمة ليست سهلة، خاصة وأن بعض دول الاتحاد تريد الإبقاء تحت مظلة الأطلسي، وعدم الابتعاد عن فكره وعقيدته، فهناك صراع أجنحة داخل دول الاتحاد، لكن بخروج بريطانيا عن طريق البريكست أصبح صوت الداعمين لاستقلالية القرار العسكري الأوروبي أقوى، لا سيما فرنسا التي ترفع شعار تأسيس هذه المنظومة الموحدة.
وعن المهمات التي يمكن أن تشارك فيها هذه القوة العسكرية، أكد أنه سيكون لها علاقة بالحرب على الإرهاب في مناطق معينة، مثل الساحل والخليج العربي، والشرق الأوسط، لأن لحد الآن التدخل الأوروبي في هذه المناطق يحتاج إلى ضوء أخضر من القيادة الأطلسية، ويمكن التصور أن تشكيل قوة للتدخل السريع يمكن أن يعطي لهذه القوة سرعة النشر والتدخل في عدة أزمات إقليمية دون الحاجة للمنظومة الأطلسية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تبذل فيها جهود من قبل التكتل لتشكيل قوة تدخل سريع، فقد أنشأ الاتحاد الأوروبي ما يسمى بـ"المجموعات القتالية" التي يبلغ عديدها 5 آلاف جندي عام 2007، لكن لم يتم نشرها بسبب خلافات سياسية وتمويلية.