وأكد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، اليوم الجمعة، أن بلاده مستعدة لبيع وإرسال الوقود إلى لبنان، في حال طلبت الحكومة اللبنانية ذلك.
وكان الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، أعلن الأسبوع الماضي، أن "سفينة الوقود الأولى، التي تم استيرادها من إيران، في طريقها إلى لبنان"، مؤكدا أن "هناك سفينة أخرى ستبحر خلال أيام"، وذلك لتخفيف أزمة نقص الوقود التي يعاني لبنان منها.
وقال مراقبون إن إرسال إيران لسفن النفط يحل الأزمة في لبنان، لكنه في وجهة نظر أمريكا وأوروبا يمثل انتهاكا صارخا لنظام العقوبات، مؤكدين أن المجموعة الدولية قد تغض الطرف عن ذلك لإنقاذ لبنان من مأزقه.
وأفادت وكالة "إرنا"، صباح اليوم الجمعة، بأن تصريحات عبد اللهيان جاءت خلال اتصال هاتفي تلقاه من وزير الخارجية اللبناني السابق، جبران باسيل، حيث هنأه الأخير باختياره ضمن الحكومة الإيرانية الجديدة، وتوليه حقيبة الخارجية.
وبدوره، انتقد باسيل سياسات من يريدون تجويع اللبنانيين، من أجل تحقيق أهدافهم السياسية، داعيا إلى توسيع شامل للعلاقات بين الطرفين، اللبناني والإيراني، مع تبادل وجهات النظر مع عبد اللهيان، بشأن تطورات المنطقة.
وشدد وزير الخارجية الإيراني على استعداد بلاده لبيع منتجاتها النفطية لزبائنها الجدد، مضيفا أنه في حال رغبت الحكومة اللبنانية والتجار اللبنانيون في شراء الوقود الإيراني، فإن طهران مستعدة لبيع وإرسال الوقود، معربا عن تأييد مقترح الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، والخاص بإنهاء هذه الأزمة ضد اللبنانيين.
وذكر الوزير عبد اللهيان، أنه لا توجد قيود في مجال توسيع العلاقات الثنائية مع لبنان، ودعم بلاده المستمر للحكومة والجيش والمقاومة اللبنانية.
وكانت وسائل إعلام إيرانية قد نقلت، أمس الخميس، عن مصادر أن الباخرة الإيرانية المحمّله بالمازوت إلى لبنان دخلت المياه السورية، وبأن حمولة الباخرة ستنقل بالصهاريج من سوريا إلى لبنان، بعد تفريغها في أحد الموانئ السورية.
وأكدت المصادر أن "حزب الله" اللبناني سيقدم جزءا من حمولة الباخرة هبة إلى المستشفيات الحكومية ودور الرعاية، على أن تتولى شركة خاصة الإعلان عن آلية البيع للمؤسسات الخاصة ومولّدات الكهرباء.
وبحسب المصادر، فإن سفينتين ستصلان تباعا بالآلية نفسها، مع احتمال انطلاق سفينة رابعة من إيران قريبا.
اعتبر مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، أن هذه الخطوة التي قامت بها إيران بإرسال باخرة نفط إلى لبنان هي من وجهة نظر الأمريكيين والأوروبيين انتهاك لنظام العقوبات المفروض على طهران من طرف المجموعة الدولية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، كانت هناك عدة طرق لتغليف هذا الإرسال، لكن في حقيقة الأمر واشنطن والدول الأوروبية تعتبره انتهاكا للعقوبات المفروضة على إيران والتي تمنعها من تسويق نفطها، لأنها لحد الساعة رفضت الامتثال للإرادة الدولية والعودة للتفاوض في قضية الملف النووي.
في الوقت نفسه يرى الطوسة، أن في ظل ما يعيشه لبنان من مرحلة حرجة وهو يعيش على شفا الانهيار التام ربما قد تكون هناك بعض المواقف الدولية التي قد تشجع مثل هذه الخطوات التي من شأنها منع لبنان من الانهيار التام والشامل ولمنع اللبنانيين من الدخول في مرحلة حرجة.
وتابع:
"كون لبنان يعيش هذا المأزق السياسي دون حكومة، والنقص في المواد الأولية، وهذا التهديد الصحي والاجتماعي الذي يواجهه ربما قد تدفع المجموعة الدولية على رأسها واشنطن ودول أوروبا ليس غض الطرف، لكن إظهار نوع من التفاهم تجاه هذه الخطوة، لكن هي من وجهة نظر دولية انتهاك فاضح لنظام العقوبات الدولية ويتوجب أن يعالج بجواب سواء من المنع أو المزيد من فرض العقوبات.
ويعتقد الطوسة أنه في اللعبة السياسية اللبنانية وعدم التوصل لحكومة ليس فقط نتيجة العراقيل الداخلية وسوء التفاهمات المحلية بين الفرقاء اللبنانيين، لكنه مرتبط أيضا بعدم التوافق الأمريكي الإيراني على مختلف الملفات.
وأكد أن هناك من يراهن على أنه إذا استطاعت واشنطن وطهران التوصل لنوع من التفاهم والعودة لطاولة المفاوضات للتوصل لاتفاق فيما يتعلق بالملف النووي، فكل المشكلات الجانبية والهامشية التي يعيشها هذا الصراع الأمريكي الإيراني من بينها اليمن والعراق ولبنان ستجد حلا بطريقة تلقائية.
بدوره اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني أن النفط الإيراني في حال وصل للبنان بطريقة مباشرة ومنتظمة يحل أزمة الاختناقات النفطية ويحرر لبنان من "لوبي" المشتقات النفطية ويوفرها بأسعار منطقية ومعقولة دون عمليات ابتزاز واحتكار ورفع أسعار وتخليق احتقانات اجتماعية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الإمكانيات الآتية حاليا لا تحل المشكلة، بل تلطفها، وفرضت تحديات دفعت أمريكا وأصدقائها في لبنان إلى البحث عن بدائل، حتى لا يكون النفط الإيراني سببا في اختلال التوازنات الاجتماعية والاقتصادية، وضرب اللوبي الاقتصادي الذي يرتكز عليه نظام المحاصصة السياسية.
وأكد أن هناك تلويحا أمريكيا بفرض عقوبات بسبب استخدام النفط الإيراني في لبنان، لكن تم تحويل مسار السفن لبني ياس، على أن تنقل بصهاريج عن طريق البر للبنان.
ويرى عوض أنه ربما وجد كاتفاق لتأجيل اشتباكات تكسير العظام الذي يستعد له لبنان بين فريقيها، والفرقاء الدوليين المشتبكين في لبنان، والأمور بدأت تجري باتجاه البحث عن توافقات للتهدئة، حيث أصبح هناك مصلحة أمريكية لترقيع الأزمات، لا سيما وأن واشنطن تعرف مدى انعكاسات وتأثير انسحابها من أفغانستان على تفكيك قواتها بسوريا والعراق.
وكان السيناتور كريس ميرفي عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي قد أكد أمس الخميس إن حصول لبنان على نفط إيراني يمكن أن يجعله عرضة لعقوبات، واصفا مساعي إيران لتزويد لبنان بالوقود بأنها "فرصة للاستعراض". بحسب العربية.
ويشهد لبنان أزمة محروقات شلت مختلف القطاعات الحيوية والأساسية فيه، فيما يتواصل الخلاف بين حاكم مصرف لبنان الذي أعلن رفع الدعم عن المحروقات ورئاستي الجمهورية والحكومة اللتين ترفضان هذا القرار، دون التوصل إلى حل من شأنه أن يخفف من حدة الأزمة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار لبنان على سبوتنيك.