وتشير معلومات عن وصول وفد عراقي إليها، والذي يتزامن مع زيادة التسريبات من قبل المسلحين الموالين للجيش الأمريكي، عن هجوم وشيك لتنظيم "داعش" الإرهابي على أكبر هذه المخيمات على الإطلاق على غرار الهجوم الذي تعرض له سجن (الثانوية الصناعية) في الحسكة قبل أسابيع.
مصادر محلية في الحسكة ترى بأن هذه التنبؤات والتسريبات هدفها الضغط على الدول الأجنبية لنقل رعاياها من تنظيم "داعش" إلى بلدانهم الأوروبية تحديداً، وذلك بهدف الاستفادة منهم في الحرب التي أشعلتها الولايات المتحدة الأمريكية في أوكرانيا في محاولة منها لاستهداف الفضاء الأمني لروسيا الاتحادية، خصوصاً مع بدء شحن ونقل مسلحي تنظيم "داعش" وغيرهم من المنظمات الإرهابية إلى هناك.
وعبّرت المصادر عن تشككها في أسباب وأهداف عملية (مخيم الهول)، قياسا بما جرى في عملية (سجن الصناعة)، مشيرة إلى أن عملية "سجن الصناعة" أفضت "إلى تمرير مئات المسلحين نحو البادية خطوط التماس مع الجيش السوري والقوات الحليفة في البادية السورية، الأمر الذي يثير شكوكا مشروعة حول (عملية الهول) باعتبارها ثغرة لتمرير مسلحي داعش من محترفي القتال، إلى جبهات أوكرانيا".
وفد عراقي
وكشفت المصادر المحلية لــ"سبوتنيك"عن وصول وفد عراقي، إلى مناطق شمالي وشرقي سوريا الواقعة تحت سيطرة الجيش الأمريكي ومسلحي تنظيم "قسد" الموالين له، بهدف إعادة المزيد من اللاجئين العراقيين الموجودين في مخيم الهول الذي يعتبر من أكبر المخيمات في سوريا على الإطلاق.
وقالت المصادر: "ضم في صفوفه مندوبين من وزارة الخارجية العراقية ومجلس الوزراء العراقي وصلوا في وقت سابق خلال هذا الأسبوع، بالتنسيق مع قوات "التحالف الدولي" اللاشرعي الذي يقوده الجيش الأمريكي، ولكنهم لم يزورا المخيم حتى الآن بسبب دواع أمنية أمريكية".
وأضافت المصادر: "لم يدخل الوفد بعد إلى مخيم الهول، وسيضع الوفد آلية من أجل تحديد العائلات التي يسمح لها بالعودة للعراق، دون أن يكون هناك رقم معين حالياً للعائلات المقرر مغادرتها".
وكشفت المصادر أن الحكومة العراقية ستجلي 800 أُسرة من مخيم الهول، إلى مخيم الجدعة في العراق، على شكل دفعات، ومنذ منتصف العام 2021، تم تسيير أربع رحلات ضمت نحو 450 عائلة بعدد يقارب 1780 فرداً.
وكانت خرجت آخر دفعة عراقية من مخيم الهول، في الـ 8 من كانون الثاني/ يناير الفائت، ضمت 113 أسرة، ووصلت في اليوم نفسه إلى مخيم الجدعة جنوب مدينة الموصل العراقية، كما تسلم العراق ثلاث دفعات من مسلحي "داعش" ممن كانوا معتقلين في السجون التي تديرها القوات الأمريكية والمسلحين الموالين له في سوريا، بتعداد كلي بلغ 450 مسلحا.
وقبل أسبوع، نقلت قوات الاحتلال الأمريكي بمساعدة "قسد" مئات الأشخاص من مخيم (خان الجبل) بريف الحسكة الشمالي والذي يضم عوائل لإرهابيي "داعش"، عبر معبر الوليد غير الشرعي إلى الأراضي العراقية عبر تسيير أكثر من 200 آلية بين حافلات وشاحنات.
وكان مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بحث مع نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، جينيفر غيفيتو، الثلاثاء، ملفي مخيم الهول وسجن الثانوية الصناعية الحسكة إضافةً إلى ملفات أخرى.
ونشر الموقع الرسمي لمكتب مستشار الأمن العراقي على فيس بوك، أن المستشار استقبل بمكتبه نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، لشؤون العراق وإيران، جينيفر غيفيتو، بحضور السفير الأميركي في بغداد، ماثيو تولر.
وذكر الموقع أن الطرفين “استعراضا العلاقات بين البلدين، وبحثا ملف مخيم الهول السوري وسجن الحسكة، بالإضافة إلى ملف سنجار ومكافحة الإرهاب.
غزوة المخيم
وفي السياق، ازدادت في الفترة الماضية التنبؤات والتسريبات الاستخباراتية من قبل الجيش الأمريكي وتنظيم "قسد" الموالي له، بأن مخيم الهول قد يكون هدفاً مقبلاً لغزوة جديدة من قبل تنظيم "داعش" الإرهابي، وذلك سيرا على ذات السياق الذي تم الهجوم على سجن (الثانوية الصناعية) الذي كان يضم الآلاف من مسلحي التنظيم المعتقلين.
وقالت مصادر محلية لــ"سبوتنيك" أن التسريبات تتركز حول نية الفارين من سجن (الثانوية الصناعية) في مدينة الحسكة، إعداد العدة للهجوم على مخيم الهول وذلك بعد نجاحهم الغامض منذ نحو أربعين يوماً على سجن الصناعة، حيث عمدت "قسد" إلى اتخاذ تدابير أمنية داخل المخيم وفي محيطه.
وتأتي التدابير خصوصا بعد نجاح عناصر "داعش" بالتسلّل إلى داخل المخيم لأوّل مرّة منذ تأسيسه وكسر أسواره والوصول إلى القسم العراقي منه، ومطالبة قاطنيه باتباع تعاليم " دولة الخلافة "، بعد التعريف بأنفسهم بأنهم من حسبة الدولة، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مع العناصر المتسلّلين، نتج منها مقتل اثنين منهم وفرار آخرين، مع إصابة عدد من مسلحي"قسد"، ويتزامن ذلك مع استمرار عمليات الاغتيال التي تستهدف مسلحي "قسد" والمتعاونين مع الجيش الأمريكي، حيث سجل منذ مطلع العام الحالي 14 حالة اغتيال، بينها 3 حالات قطع رؤوس، بحسب المصادر.
وبينت المصادر بأنه خلال الأيام الماضية نشب حريقان متتاليان في القسمين الخامس والسادس وضمن مخيم الهول وكان الهدف منهما هو محاولة هروب وفرار عدد من اسر تنظيم "داعش" إلى خارج المخيم لكنها فشلت بذلك.
وتدأب وسائل الإعلام التابعة لمسلحي تنظيم "قسد" منذ فترة، على التحذير من الخطر الذي يشكّله تنظيم "داعش" على مخيم الهول، وإمكانية استنساخ هجمات سجن الصناعة على المخيم، ونقلت الوسائل عن مصدر أمني، تأكيده أنهم "تلقّوا معلومات استخباراتية تفيد بتحضير تنظيم الدولة الإسلامية للسيطرة بشكل كامل على مخيم الهول، شرقي الحسكة".
وأشار المصدر إلى أنهم و"منذ هجوم التنظيم على سجن الصناعة في الحسكة، يتلقّون معلومات مكثّفة عن احتمال شنّ هجوم واسع على المخيم".
وأضاف أن "مجموعة من خلايا داعش كانت تحضّر لتنفيذ عملية داخل الهول، الاسبوع الفائت"، مرجّحاً أن "تكون هذه المجموعة هي أولى المجموعات التي بدأت بالتحضير لشنّ الهجمات".
والمبالغة في التوصيف بحسب المصادر، تأتي من باب ممارسة الضغوط على الدول المعنية لاستعادة مواطنيها بما يخدم تخلص "قسد" من المخيم، خصوصاً الأوربية منها للاستفادة منهم وزجهم في حرب روسيا ضد النازية الجدية في أوكرانيا، لكنها في الوقت نفسه تفكر في بدائل تستمر من خلالها باستجرار المساعدات الإنسانية من المنظمات المانحة، إذ أن ما نسبته 80% من المساعدات التي تنقل لشمال شرق سوريا توظف في خدمة إبقاء المخيم موجوداً كمعتقل للمرتبطين بـ "داعش" بما في ذلك الأطفال، كخيار أفضل من استعادتهم بالنسبة للدول الداعمة للمنظمات في عملها.
أرقام أممية
وقالت مصادر أممية تعمل في مجال الإغاثة ضمن مخيم الهول في تصريح خاصة لوكالة "سبوتنيك" أن تنظيم "قسد" اتّخذ، منذ الهجوم على سجن الثانوية الصناعية، عدّة تدابير أمنية، من بينها إغلاق البوابة الرئيسية لمخيم الهول بالسواتر الترابية، مع افتتاح بوابة رئيسية بديلة داخل القسم السابع، بعيدة نسبياً عن "قسم المهاجرات"، وتخصيص مدخل للمنظمات الدولية، في محاولة للحدّ من تأثير أيّ هجوم متوقّع من خارج المخيم.
وكشفت المصادر أن أحدث إحصائية لعدد القاطنين ضمن مخيم الهول هي 56 ألف و196 شخصاً أي ما يعادل 15 ألف 331 عائلة، منهم 8211 شخص أجنبي أي ما يعادل 2391 عائلة، 19 ألف و179 شخصاً سوري أي ما يعادل 5311 عائلة، إما العراقيين فيبلغ عددهم 28 ألف و806 شخص أي ما يعادل 7850 عائلة، يقطنون جميعهم في 8 أقسام ( 4 أقسام مخصصة للعوائل العراقية ) و3 أقسام للعوائل السورية وقسم خاص يسمى ملحق الأجانب.
وكانت الأمم المتحدة حذّرت، الشهر الماضي من "تفاقم الوضع الأمني المتدهور أساساً في مخيم الهول الذي تتولّى الإدارة الذاتية الكردية الإشراف عليه ويضمّ نحو 62 ألف شخص، ثمانون بالمئة منهم نساء وأطفال".
وفي تقرير مفصّل، نبّهت لجنة مجلس الأمن الدولي العاملة بشأن تنظيم "الدولة الإسلامية" ومجموعات جهادية أخرى، إلى أن "مخيمات النازحين ومرافق الاحتجاز، خصوصاً في شمال شرق سوريا، تمثّل تهديداً كامناً".
ولفتت إلى أن "بعض المعتقلين يعتبرون المخيم آخر ما تبقّى من الخلافة" التي أعلنها التنظيم عام 2014 على مناطق سيطرته في سوريا والعراق المجاور قبل أن يتمّ دحره منها. ويضم القسم الخاص بالنساء الأجانب وأطفالهن من عائلات مقاتلي التنظيم، قرابة عشرة آلاف امرأة وطفل، وفق اللجنة، التي أفادت أيضاً بأن "بعض القاصرين يجري تلقينهم وإعدادهم ليصبحوا عناصر في تنظيم الدولة الإسلامية في المستقبل".