تونس... عشرات اللاجئين يفترشون الشوارع طلبا للإجلاء من البلاد

يفترش عشرات اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس الأرض أمام مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العاصمة، بعد اعتصام قارب ثلاثة أشهر.
Sputnik
ولم يعد مطلبهم المسكن أو الأكل أو توفير الخدمات الصحية أو التعليمية ولا الترفيهية، وإنما غرضهم الوحيد هو إجلاؤهم خارج البلاد التونسية إلى أي بلد آخر تتوفر فيه مواطن الشغل والكرامة الإنسانية، هكذا يقولون.
في ظل التطورات الميدانية في ليبيا... كيف استعدت تونس لاستقبال اللاجئين إليها؟
منذ الـ9 من فبراير/ شباط 2022 يخوض أكثر من 250 لاجئ وطالب لجوء اعتصاما مفتوحا أمام مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمدينة جرجيس في محافظة مدنين بالجنوب الشرقي التونسي، قبل أن ينقلوا اعتصامهم إلى العاصمة بعد أن قامت المفوضية بإغلاق المبيتات التي كانت تؤويهم وإغلاق باب الحوار معهم، حسب روايتهم.
"مطلبنا الإجلاء خارج تونس"
محمد حميد (33 سنة)، لجأ إلى تونس منذ عامين، يقول لـ "سبوتنيك" إن ظروف اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس باتت لا تحتمل وأن جلهم يفتقرون إلى العيش الكريم وإلى الخدمات الأساسية.
ويضيف محمد الذي التحق بالاعتصام أمام مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالعاصمة "مطلبنا الأساسي هو الإجلاء خارج البلاد التونسية إلى أي دولة عاملة تحترم حقوق الإنسان، إلى دولة يمكن للاجئ أن يكون فيها محميا دوليا وأن يتمتع بالإقامة وبالخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية، إلى دولة يمارس فيها اللاجئ كافة نشاطاته سواء كانت اجتماعية أو ثقافية أو رياضية بحرية ما عدى الأنشطة السياسية والاستثماراتية".

ويعلل محمد هذا المطلب بعدم تمتع اللاجئين بالحماية في تونس وغياب الخدمات الأساسية وتعدد الانتهاكات الجسدية والمعنوية التي يتعرضون لها من طرف أفراد من المجتمع التونسي.

ويؤكد أن المعتصمين من اللاجئين وطالبي اللجوء لم يغادروا المبيتات التي كانت تؤويهم طواعية، بل تلقوا طلبا بالإخلاء من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمحافظة مدنين منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مقابل تمتيعهم بمبالغ مالية قيمتها 250 دينارا تونسيا (83 دولارا أمريكيا) مدة 3 أشهر.
يضيف "هذه المبالغ لا تسد حاجياتنا ولا تكفي حتى لسداد أجرة الكراء كما أنها مؤقتة، وحتى مواطن الشغل التي أمّنتها المفوضية لعدد من اللاجئين لا تليق بإمكانياتنا وكثيرا ما نتعرض فيها للاستغلال والابتزاز". وأكد أن المفوضية بصدد إخراج اللاجئين الذين رفضوا مغادرة المبيتات سرا وباستخدام القوة.
نساء وأطفال في العراء
بدوره يقول سعد الدين وهو مهاجر من السودان لـ "سبوتنيك"، إن لاجئين من ثماني جنسيات مختلفة يفترشون الأرض في العراء منذ ثلاثة أشهر، بينهم عشرات النساء والأطفال وكبار في السن ومرضى حالتهم حرجة لم تحرّك الدولة أو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ساكنا تجاههم.
وأضاف "كيف يمكن لطفل الرابعة أو الثامنة أن يفترش العراء وأن يكون خارج مقاعد الدراسة !.. في تونس ليس هناك حماية للطفل أو المرأة اللاجئة، بل ليس هناك حقوق للاجئين".

وأكد سعد الدين أن السلطات التونسية منعت عددا من المنظمات والجمعيات من تزويد المعتصمين بالطعام وعمدت إلى إيقاف 48 لاجئ وطالب لجوء حاولوا التنقل من مقر الاحتجاج بجرجيس إلى تونس وإيقاف 18 آخرين في العاصمة قبل أن تطلق سراحهم بعد أكثر من 12 ساعة من الاحتجاز.

وتابع "ما حدث جريمة في حق الانسانية، لسنا بمجرمين نحن نطالب فقط بحقنا الشرعي في التنقل الذي صادقت عليه الأمم المتحدة منذ سنة 1951.. في تونس لا يملك الشخص الذي يحمل بطاقة لاجئ من الأمم المتحدة حرية التنقل من محافظة إلى أخرى، حبسنا في مكان واحد ومنعنا من إبلاغ رسالتنا إلى العالم".
سياسة إغلاق الأبواب
ويحمّل المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر في حديثه لـ "سبوتنيك"، تعمّق أزمة اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وشدّد بن عمر على أن المفوضية أساءت إدارة هذه الأزمة من خلال اعتمادها على سياسة غلق الأبواب وإخراج اللاجئين وطالبي اللجوء من المبيتات وتعويضهم بمساعدات مالية شحيحة ووقتية دون استشارتهم.

وأكد "راسلنا المفوضية منذ شهر فبراير الماضي وطلبنا منها فتح باب الحوار مع اللاجئين وطالبي اللجوء، لكنها اختارت الصمت وعدم التفاعل والتحجج بنقص الامكانيات المادية، حتى بتنا اليوم نشاهد هذا المشهد الصعب للاجئين الذين ارتبط اعتصامهم في البداية بغياب الخدمات الأساسية وبطء المفوضية في دراسة الملفات".
1 / 5
تونس.. عشرات اللاجئين يفترشون الشوارع طلبا للإجلاء من البلاد
2 / 5
تونس.. عشرات اللاجئين يفترشون الشوارع طلبا للإجلاء من البلاد
3 / 5
تونس.. عشرات اللاجئين يفترشون الشوارع طلبا للإجلاء من البلاد
4 / 5
تونس.. عشرات اللاجئين يفترشون الشوارع طلبا للإجلاء من البلاد
5 / 5
تونس.. عشرات اللاجئين يفترشون الشوارع طلبا للإجلاء من البلاد
ويرى الناشط الحقوقي أن الدولة التونسية تتحمل أيضا مسؤولية ما آل إليه وضع اللاجئين وطالبي اللجوء، مضيفا "يبدو أن الدولة تخلت تماما عن واجباتها المحمولة عليها في علاقة باتفاقية جنيف الخاصة بحماية اللاجئين، وكأنها أوكلت الأمر برمته إلى المفوضية التي أدارت الأزمة بطريقة صدامية مع المعتصمين". وشدد بن عمر على ضرورة أن تفتح المفوضية باب الحوار على اعتبار أنها محمولة بالقانون الدولي على حماية اللاجئين.
مطالب تعجيزية
على الجانب الآخر، أكد مدير مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بجرجيس نوفل التونسي في تصريح لـ "سبوتنيك"، أن المفوضية اضطرت إلى قطع المساعدات عن بعض اللاجئين وطالبي اللجوء بسبب الصعوبات المالية.

ولفت إلى أن عملية قطع المساعدات أو التقليص منها لم تكن اعتباطية، بل تمت بعد دراسة الملفات وبعد إعلام مسبق للمعنيين بها منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مؤكدا أن المفوضية لم تغلق باب الحوار مع المعتصمين وعرضت عليهم استعادة المساعدات والإيواء في المبيتات، لكن عرضها قوبل بالرفض من المعتصمين الذين عمدوا إلى اقتحام مقر المفوضية بجرجيس وإعاقة عملها مدة شهر كامل وإيقاف الخدمات التي يحتاجها بقية اللاجئين، وفقا لتأكيده.

وأضاف المسؤول بالمفوضية "ليس كل اللاجئين أو طالبي اللجوء المعتصمين أمام مقر المفوضية بجرجيس وبالعاصمة قُطعت عنهم المساعدات أو تم إخراجهم من المبيتات، فمعظمهم استغلوا الموقف ليحولوا العملية من طلب للمساعدات إلى طلب للإجلاء، لأن هدفهم هو مغادرة تونس والعبور إلى أوروبا منذ البداية".
ألمانيا ترسل طائرة على متنها طالبو لجوء مرفوضين إلى تونس
وأشار إلى أن غالبيتهم قدموا من ليبيا وحاولوا الإبحار خلسة إلى إيطاليا، قبل أن يقع انقاذهم في البحر من طرف الجيش والحرس البحري التونسي وإدخالهم إلى تونس. مضيفا " قدمنا لهؤلاء الخدمات اللازمة ووفرنا لبعضهم فرص عمل، لكنهم رفضوها لأنهم يخيرون العمل بطريقة غير رسمية وتلقي المساعدات في آن واحد".
ووصف التونسي طلب اللاجئين بأنه "تعجيزي"، مشيرا إلى أن الإجلاء من تونس مستحيل لأنه يخضع لضوابط معينة ويشترط فيه تعرض اللاجئين إلى انتهاكات تهدد حقوق الإنسان على غرار ما حدث لهم في ليبيا من احتجاز واختطاف واستغلال جسدي وعمل قسري وإيقافات تديرها المليشيات.

وشدد على أن عمل المفوضية واضح وهو تقديم الخدمات الصحية والتعليم والإعانة والإعاشة والحماية والسكن بالنسبة للحالات الهشة، بالإضافة إلى دراسة طلبات إعادة التوطين لمن تتوفر فيه الشروط المطلوبة، مشيرا إلى أن القرار الأخير بقبول الملف أو رفضه يبقى لبلد التوطين.

ولفت التونسي إلى أن دراسة ملفات إعادة التوطين تعطلت في السنتين الماضيتين بسبب الأزمة الصحية العالمية التي أدت إلى غلق الحدود، مشيرا إلى أنه تم رغم ذلك إعادة توطين 76 شخصا من تونس إلى بلدان مختلفة مثل فرنسا والسويد والنرفيج في السنة الماضية. وأكد أن المفوضية بصدد تلقي إجابات بالقبول لبعض الحالات التي قدمت ملفاتها لبلدان التوطين.
مناقشة