توترات تونس والمغرب تنسف آخر آمال "اتحاد المغرب العربي"... هل تصل لقطع العلاقات؟

منذ مطلع العام 1994 لم يعقد اتحاد المغرب العربي قمة جديدة، في حين كانت الآمال معلقة على جهود تونسية لحل الخلافات بين الجزائر والمغرب، لكن التوترات الأخيرة بين الرباط وتونس تشير إلى تلاشي أي فرصة لقمة جديدة على المدى القريب.
Sputnik
وتعيش منطقة المغرب توترات منذ سنوات طويلة إثر الأزمة بين المغرب والجزائر، فيما فاقم الوضع هناك الأزمة الليبية المشتعلة منذ العام 2011، بينما زادت التوترات الأخيرة بين تونس والمغرب الوضع تأزما بين دول الاتحاد.
بسبب "البوليساريو"... التوتر يسود العلاقة بين المغرب وتونس
وخلال الفترة الأخيرة سعت بعض الأطراف العربية بدفع تونس لوساطة بين المغرب والجزائر لحل الخلافات، خاصة قبل القمة العربية المشتركة، لكن استقبال الرئيس التونسي قيس سعيّد للأمين العام لجبهة البوليساريو إبراهيم غالي للمشاركة في قمة "تيكاد"، طرح عدّة تساؤلات بشأن مستقبل العلاقات بين البلدين الشريكين.
آخر قمة للاتحاد
كانت آخر قمة مغاربية قد عقدت في تونس بداية عام 1994، وكان مُـقرّرا عقد القمة التي تليها، حسب الأحرف الأبجدية في الجزائر، التي ترأست الاتحاد منذ قمة تونس، وكان مقررا أن تنتقل الرئاسة في نهاية عام 1994 إلى ليبيا بعد أن تُـعقد القمة في الجزائر.

من ناحيته قال البرلماني التونسي، النائب حاتم المليكي، إن الموقف التونسي التاريخي من قضية الصحراء هو "الحياد الإيجابي" حيث إنها تعتبرها قضية داخلية، مشددا على أن الرئاسة التونسية مطالبة بتوضيح الموقف بشكل أكبر، وما إن كان هناك أي تغير في موقف تونس.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الموقف الحالي يرتبط ببعدين، الأول منهما يرتبط بالعلاقات الثنائية مع المغرب، والآخر يرتبط بالبعد الإقليمي في المنطقة.
رد الفعل

وأشار إلى أن ردة الفعل المغربية كانت قوية لأسباب تعتبرها موضوعية، وأن زيادة غموض موقف الرئيس قيس سعيد من القضية الصحراوية يعقد الأوضاع بين البلدين.

ولفت إلى أن المنطقة تشهد تحالفات جديدة يبحث فيها الجميع عن علاقات وتموقع جديد، ما يعني أن هذه التحالفات يمكن أن تؤثر على العلاقة بين البلدين.
رئيس الحكومة المغربية الأسبق: تونس طعنتنا من الخلف ولم تعد صديقة لنا
ويرى المليكي أن تونس لا تحتمل خلق عدوات مع دول الجوار أو المحيط العربي، خاصة أن السياسة الخارجية التونسية كانت دائما بعيدا عن مثل هذه المواقف وتحافظ على علاقات جيدة مع الدول.
في الإطار قال عبد العزيز الرماني الخبير الاقتصادي المغربي، إن العلاقات بين البلدين ممتدة عبر التاريخ، وأن التوترات الحالية ترتبط بموقف السلطة في تونس، التي جعلت الأسهم التونسية تباع بـ 50% في السوق الدولية.
انعكاسات اقتصادية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن البنك الأكبر في تونس هو مغربي، وأن التبادلات التجارية تستمر رغم الأزمة الراهنة.

ويرى أن المغرب لن يلجأ إلى خلق عقوبات اقتصادية في تعاملاته مع الدول، خاصة مع الدولة التونسية.

في السياق نفسه قال البرلماني السابق جمال كريمي، إن ما قام به الرئيس قيس سعيد مثل مفاجأة لجميع المغاربة والعديد من الدول، خاصة في سياق العلاقات مع بين تونس والمغرب، والتي لم تعرف مثل هذه الوضعية.
ولفت إلى أن استدعاء السفراء في البلدين يؤشر إلى حدة التوترات الحالية، خاصة في ظل الإساءة التي قام بها الرئيس قيس سعيد لتونس، حسب وصفه.
موقف تاريخي

وأشار إلى أن الملك محمد السادس كان له موقفه التاريخي حين تجول في شارع بورقيبة بالعاصمة تونس في العام 2014 ليؤكد على أن تونس آمنة حينها، في ظل موجة إرهاب كانت تهدد السياحة في البلد المغاربي.

ويرى أن قطع العلاقات وارد بين البلدين حال عدم اعتذار الرئيس قيس سعيد عن الموقف، الذي لن يجدي تبريره بأن الاستقبال جاء في إطار قمة دولية، حسب قوله.
الجزائر: المغرب متورط في تخريب جهود دي مستورا
وشدد على أن الموقف التونسي الأخير يمكن أن يترك العديد من الانعكاسات الاقتصادية على منطقة المغرب العربي.
من ناحيته قال المحلل السياسي التونسي جمال العرفاوي، إن استخدام عبارة دعوة السفير للتشاور هي الخطوة التي تسبق قطع العلاقات بين البلدين، لكنه استبعد اللجوء لهذه الخطوة بين البلدين، مضيفا أن عودة السفير مرة أخرى ستطول.
معاناة ممتدة
ولفت في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى أن المغرب العربي يعاني من قبل الأزمة الراهنة، خاصة أن آخر قمة انعقدت للاتحاد المغاربي كانت عام 1994، دخل بعدها الاتحاد في سبات، وتوج بإغلاق الحدود بين المغرب والجزائر وقطع العلاقات، في ظل سباق تسلح بين البلدين.

واتفق حول تأثير التوترات الحالية على العلاقات الاقتصادية، خاصة أن الميزان التجاري يميل لفائدة تونس.

ويرى أن غالبية دول الخليج تنحو منحى المغرب في الأزمة التي كشفت عن تحالف موضوعي بين تونس والجزائر، الأمر الذي يؤثر على زخم القمة العربية، والنتائج التي تتوقعها الجزائر، حسب العرفاوي.
تأسيس الاتحاد
في 17 فبراير/ شباط عام 1989، تم تأسيس اتحاد المغرب العربي، وكان يضم المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، وتعود فكرة إنشائه إلى أول مؤتمر للأحزاب المغاربية، والذي عقد في مدينة طنجة المغربية عام 1958، وضم ممثلين عن "حزب الاستقلال" المغربي و"الحزب الدستوري" التونسي و"جبهة التحرير الوطني" الجزائرية.

بعد استقلال الدول المغاربية أسست اللجنة الاستشارية للمغرب العربي عام 1964، والتي كانت تهدف إلى تقوية العلاقات الاقتصادية بين دول المغرب العربي، وجاء بعد ذلك بيان "جربة الوحدوي" بين ليبيا وتونس عام 1974 ومعاهدة "مستغانم" بين ليبيا والجزائر و"معاهدة الإخاء والوفاق" بين الجزائر وتونس وموريتانيا عام 1983، وهي جميعها خطوات مهدت لتأسيس الاتحاد ضمن جملة من الأهداف، أعلن عنها في "بيان زرالدة" في مدينة زرالدة الجزائرية عام 1988، ثم تم الإعلان عن تأسيس الاتحاد عام 1989.

وبحسب الخبراء، فإن الاتحاد لم يحقق أيا من الأهداف التي تأسس من أجلها، كما أنه حرم شعوب الدول من الفائدة التي كانت تتحقق إثر الاندماج في العديد من القطاعات ومنها تحقيق الوفاق بين الدول الأعضاء وإقامة تعاون دبلوماسي وثيق، وصيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء، وتحقيق التنمية الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية للدول، وجميعها كانت ضمن الأهداف التي يراها الخبراء تلاشت بعد 30 عاما من التأسيس.
مناقشة