واتفق الطرفان على أهمية البيان المشترك الصادر في 7 أبريل الماضي، الذي ينص على مبادئ الشفافية والحوار الدائم والاحترام المتبادل وتنفيذ الالتزامات والاتفاقيات الموقعة من قبل الجانبين.
وبخصوص قضية الصحراء، جددت إسبانيا موقفها الذي ورد في الإعلان المشترك بتاريخ 7 أبريل 2022، عقب لقاء الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز.
خلال الفترة الماضية جرت مشاورات ومباحثات على مستويات عليا بين البلدين بعد توترات سابقة، قادت إلى عقد القمة اليوم، ما يفتح الباب لصفحة جديدة من العلاقات.
وحققت التبادلات التجارية بين المغرب وإسبانيا رقما قياسيا خلال سنة 2021.
وذكر المكتب الاقتصادي والتجاري بسفارة إسبانيا في الرباط، أن التبادلات التجارية بين البلدين بلغت حوالي 16,8 مليار يورو خلال السنة الماضية؛ وهو ما يعادل 180 مليار درهم.
بداية الأزمة
بدأت الأزمة بين البلدين إثر دخول إبراهيم غالي إسبانيا في أبريل/ نيسان 2021، من أجل العلاج، ما أدى إلى تصعيد الموقف بين البدين لمستوى غير مسبوق على المستوى السياسي.
في الإطار قال الباحث السياسي المغربي نوفل البوعمري، إن الاجتماع جاء لطي صفحة الخلافات من خلال الحوار الهادئ والمسؤول، الذي قاده الملك مع الدولة الإسبانية بحيث طُرحت مختلف القضايا التي كانت تتسبب في بعض الأزمات ما بين البلدين.
قضية الصحراء
أول هذه القضايا التي كانت تشكل مكمن الخلاف بين البلدين تتمثل في موقف الحكومة الإسبانية من قضية الصحراء وهو ما جرى تعديله بشكل يراعي وحدة المغرب وسيادته الكاملة على كل ترابه، مما فتح المجال أمام آفاق التعاون السياسي الاقتصادي الثقافي والأمني بين البلدين.
يوضح الباحث المغربي في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الدعوة لرئيس الحكومة الإسبانية من طرف العاهل المغربي لزيارة المغرب بشكل رسمي جاءت بعد التفاهم حول جل الملفات، وتجسيدا لكل مضامين البلاغ الذي صدر بين البلدين في أبريل/ نيسان الماضي الذي فتح المجال لإعادة ترتيب البيت المغربي - الإسباني دبلوماسيا وسياسيا ثم اقتصاديا.
العلاقات الاقتصادية
تعتبر إسبانيا أول مستمثر أجنبي في المغرب، ويعتبر المغرب ثالث دولة من حيث الصادرات لإسبانيا، الأمر الذي يجعل من العلاقات بين البلدين مهمة للجانبين.
يعتبر الباحث الخطوة انطلاقة جديدة للمنطقة المتوسطية ككل، لشمال أفريقيا ولجنوب أوروبا بكل الحمولة الاقتصادية للجانبين، خاصة مع ما أصبح المغرب يمثله في القارة الأفريقية من الناحية الاقتصادية ليعزز فرص الاستثمار بالمقاولات الفلاحية أو الصيد البحري وما يتعلق بالصناعة في المغرب.
تطور الموقف
من وجهة نظر الباحث، الخطوة هي تجسيد لتطور الموقف السياسي في مواقف البلدين، خاصة إسبانيا التي قامت بمراجعة موقفها من قضية الصحراء، نظرا للتأثير السياسي والتاريخي لإسبانيا من الملف ككل.
العلاقة بقضية الصحراء
وتابع "إسبانيا هي من استعمرت الصحراء المغربية، وهي من سلمتها للمغرب بعد المسيرة الخضراء، وتوقيع اتفاقية مدريد ومواقفها لها وزنها في هذا الجانب، خاصة على المستوى الأممي، وهو ما يشجع مجلس الأمن للمضي قدما في حل الملف على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي".
ولفت إلى أن "المغرب ظل متشبثا بروابطه التاريخية والسياسية والاقتصادية مع إسبانيا، لكن ليس على حساب قضيته الوطنية الأولى وهو ما تفهمته إسبانيا، مما دفع إلى إصدار إعلانها بدعم مبادرة الحكم الذاتي، والاعتراف بمغربية الصحراء مما خلق أجواء جديدة من الثقة".
علاقات تاريخية
فيما قالت البرلمانية المغربية، فطيمة بنت عزة، إن العلاقة مع إسبانيا هي استراتيجية بدرجة مهمة على جميع المستويات.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، إن الدبلوماسية المغربية استطاعت تجاوز الخلافات بعد توترات سادت لفترة.
وترى أن الاجتماع رفيع المستوى الذي عقد بالرباط يؤكد تجاوز الخلافات، ويدفع نحو توطيد العلاقات مع إسبانيا مرة أخرى.
معاهدة الصداقة
فيما قال عبد العالي البروكي المختص بالعلاقات المغربية - الإسبانية، إن الاجتماعات رفيعة المستوى تجد مرجعيتها في معاهدة الصداقة والتعاون، وحسن الجوار لسنة 1991، وهي مناسبة دورية لتعزيز التعاون بين البلدين.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن خصوصية اجتماع اليوم تتجلى في كونه ينعقد بعد ثماني سنوات عن آخر اجتماع، وجاء في سياق اقتصادي وسياسي دقيق، سواء إقليميا أو عالميا.
من حيث الأهمية الاقتصادية يرى الباحث، أنه جاء ليعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين بحيث أن إسبانيا هي الشريك الأول للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي، والمغرب هو الشريك الأول لإسبانيا في أفريقيا، والشريك الثالث خارج الاتحاد الأوروبي.
وتابع "سياسيا فهو يؤكد اصطفاف إسبانيا إلى جانب المغرب وتعزيز موقفها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية".
التبادل التجاري
ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 22.3 مليارات درهم سنة 2000 إلى 56.9 مليارات درهم سنة 2010، ليقفز إلى 132.7 مليارات درهم سنة 2017، ثم 144 مليار درهم سنة 2020.
وسجل المغرب عجزا تجاريا مع الجارة الشمالية بنحو 2.2 مليار أورو، أي ما يعادل 23 مليار درهم، في نهاية سنة 2021، في المقابل حققت صادرات إسبانيا إلى المغرب، خلال العام ذاته، ارتفاعا بنسبة 29.2 في المائة، بعدما انتقلت من 7.3 مليارات يورو سنة 2020 إلى 9.5 مليارات يورو سنة 2021.