ورصدت القناة "12" إحدى هذه التظاهرات، وقالت إن المتظاهرين شكلوا سرباً بشرياً بلغ طوله أكثر من كيلومترين، في شوارع العاصمة الرباط بعد أن دعا عدد من الأحزاب السياسية إلى مظاهرة لدعم سكان غزة؛ وتم توثيق بعض المتظاهرين وهم يدوسون على أعلام إسرائيل والولايات المتحدة ويرددون هتافات تدين "دعم الإدارة في واشنطن للقصف الإجرامي الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي".
يقول رجل الأعمال الإسرائيلي "ماكس" (اسم مستعار): "لدي أعمال تجارية في الدار البيضاء ومراكش. عندما اندلعت الحرب كان من المفترض أن أبقى في المغرب، لكن عندما بدأت التظاهرات أدركت من شركائي المحليين أنه من الأفضل بالنسبة لي أن أغادر البلاد وبسرعة".
وأضاف متحدثا للقناة: "قيل لي إنني قد أتعرض للأذى الجسدي لأنني إسرائيلي، الأمر الذي من وجهة نظر المؤيدين للفلسطينيين هناك يعتبرك هدفًا، ولكن في تلك المرحلة لم يكن من السهل العودة إلى إسرائيل".
ومع اندلاع الحرب، ألغيت جميع الرحلات الجوية المباشرة من المغرب إلى إسرائيل والعكس؛ كان هناك سياح سارعوا لحجز رحلات جوية من الدار البيضاء إلى باريس أو مدريد ومن هناك إلى إسرائيل، وكان على ماكس أيضا أن يرتحل.
يقول ماكس: "عندما رأيت المزيد والمزيد من الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الدار البيضاء، استأجرت طائرة خاصة مع بعض شركائي وسافرت من الدار البيضاء إلى باريس ثم إلى تل أبيب. وأدركنا أنه ليس لدينا ما نبحث عنه في المغرب حتى تهدأ الأمور".
ويضيف: "في هذه الأثناء تكبدت أعمالنا هناك أضرارا بملايين الشواكل، لأننا نعتمد على السياحة القادمة من إسرائيل وفرنسا"، مؤكدا أنه
"إذا لم يتغير الوضع، فسوف نضطر إلى بيع بعض أو كل الشركات لتغطية القروض التي حصلنا عليها من البنوك".
"إذا لم يتغير الوضع، فسوف نضطر إلى بيع بعض أو كل الشركات لتغطية القروض التي حصلنا عليها من البنوك".
رونيت (اسم مستعار)، إسرائيلية، تدير شركة في مجال السياحة، هربت هي الأخرى من المغرب عندما اندلعت الاحتجاجات: "لدي استثمارات مربحة هناك، لكنني قررت المغادرة والعودة إلى إسرائيل حتى يمر الغضب. ليس من الجيد أن تكون إسرائيليًا في المغرب في هذا الوقت".
وتضيف في حديثها للقناة: "لدي شركاء هناك يعتقدون أن الحرب والتظاهرات ستنتهي قريباً وسنتمكن من العودة إلى العمل، لكن في هذه الأثناء الخسائر تتراكم كل يوم، والأمر لا ينتهي".
وتتابع رونيت: "نفكر في تصفية الشركات في المغرب إذا لم تنته الحرب أو إذا تفاقم الوضع من حيث التظاهرات. ومن دون السياح الإسرائيليين، ليس لدينا ما نبحث عنه هناك".
تقول القناة: "إلى جانب الإضرار بالأعمال التجارية، فإن الأجواء في المغرب قضت عمليا على السياحة من إسرائيل. وفي الشهر الماضي فقط، مرت ثلاث سنوات على اتفاق التطبيع الموقع بين البلدين، وفي التظاهرات هناك دعوات متكررة لتعليقه أو إلغائه"، مضيفة بالقول "سواء وافقت السلطات في المغرب أم لا، فإن السائح الإسرائيلي الذي أصبح صاحب بيت في المملكة منذ ديسمبر 2020 قد اختفى بالفعل من المشهد".
وتوضح أنه في أعقاب اتفاقية التطبيع – وهي جزء من "اتفاقيات إبراهيم"، التي وقعتها إسرائيل مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب – وصل مئات الآلاف من السياح من إسرائيل إلى البلاد، وأصبحت الرحلات المنظمة إلى مراكش والدار البيضاء ومقابر الصديقين (مقابر يهودية قديمة) في المغرب راسخة على خريطة السياحة الإسرائيلية.
وتلفت القناة إلى أنه "بعد توقيع اتفاق التطبيع، رصد رجال أعمال من إسرائيل، بما في ذلك كبار أعضاء المنظمات الإجرامية، فرصة جيدة للاستثمار في الفنادق والمطاعم وشركات تأجير السيارات في المغرب".
تتابع القناة: "بالنسبة للمستثمرين من عالم الجريمة، يدخلون أيضا كشركاء في بيوت الدعارة (بشكل رئيسي في مراكش، والتي تعتبر وجهة مفضلة للسائح الإسرائيلي)"، وفقا لها.
في قطاع السياحة يتحدثون عن مئات الآلاف من المسافرين الإسرائيليين الذين وصلوا إلى المملكة منذ عام 2020 - ومئات الآلاف الذين وصلوا حتى قبل ذلك.
تقول ألما ديان، مرشدة سياحية في المغرب: "لقد زار الإسرائيليون المغرب قبل فترة طويلة من التطبيع، وخاصة أولئك الذين لديهم جذور في البلاد، والذين ولدوا هناك أو هاجر آباؤهم منها. وحتى ذلك الحين كان هناك إقبال كبير على الرحلات، خاصة إلى مقابر الصديقين".
وتضيف: "بعد التطبيع، قفز الطلب بنسبة مئات بالمائة. كان الأمر جنونياً، وكانت الرحلات الجوية ممتلئة. حتى أولئك الذين لم يولدوا في المغرب سافروا للسفر إلى هناك وعادوا منبهرين. ومن جانبهم، بذل السكان المحليون قصارى جهدهم لاستضافة الإسرائيليين، لكن كل شيء ذهب هباءً عندما اندلعت الحرب. لا توجد رحلات جوية والإسرائيليون يفضلون البقاء في إسرائيل، ولا يريدون المخاطرة".
ويقول مرشد سياحي يهودي آخر: "الآن، أشك كثيرًا في ما إذا كان الإسرائيليون سيعودون إلى المغرب. في الوقت الحالي، تدفعهم الاحتجاجات إلى السفر إلى وجهات أخرى، وأخبرني بعض المسافرين أن هذا لن يتغير، وأنهم لن يكونوا على استعداد لدعم بلد المواطنون فيه يؤيدون حماس ومجزرة 7 أكتوبر".
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية التي تسيطر على قطاع غزة، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بعد هجمات مفاجئة نفذتها "حماس"على مستوطنات في غلاف غزة.
وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي، واختطاف نحو 240 على يد الحركة الفلسطينية ونقلهم إلى قطاع غزة، وفق السلطات الإسرائيلية، فيما خلّف القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع دمارًا هائلًا، ما يزيد عن 22 ألف قتيل فلسطيني، جلّهم من الأطفال والنساء، وأزمة إنسانية خانقة.