وفي تصريحات لـ "سبوتنيك"، أكد الكاتب والمحلل السياسي السوري، والخبير في القضايا الاستراتيجية، الدكتور أسامة دنورة، أن "الشراكة بلا حدود هي عنوان العلاقة المتنامية ما بين روسيا والصين، وفق الاتفاق الذي تم توقيعه عام 2022، كما أن توصيف العلاقة بين البلدين كجارين جيدين وصديقين حميمين وشريكين وثيقين، وفق ما صرح به الرئيس الصيني، يشير إلى عمق التحالف الشامل بينهما".
وفي تعليق له على نتائج الزيارة، التي اختتمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى بكين أول أمس الجمعة، والاستقبال الحار الذي لقيه من نظيره الصيني شي جين بينغ، نوّه دنورة، إلى أن "ما يجمع البلدين ليس فقط الجيوبوليتيك والجيوإيكونومي الأوراسي، وليس فقط المجال الهائل للتعاون المبني على التكامل الاقتصادي في مجالات الطاقة والصناعة والتعدين والتكنولوجيا".
وتابع: بل هو مبني في العمق على مصير مشترك يتقاسمه الطرفان في ظل تحديات سياسية واستراتيجية إقليمية ودولية معروفة، فكلا البلدان مستهدف بمحاولات غربية حثيثة لمحاصرة الصعود الاقتصادي والسياسي لهما على الساحة الدولية، وكلاهما مستهدفان بالسعي الأمريكي - الغربي المستمر لإثارة الحروب والاضطرابات في مجالهما الجغرافي الحيوي، وكلاهما أيضاً مستهدف بمساعي إثارة الاضطراب الداخلي على خلفيات تتعلق بالنعرات الإثنية والطائفية والعرقية، ضمن رؤية غربية تراوح بين استنزاف البنية الدولاتية في الحدود الدنيا، ومحاولة الوصول إلى إثارة الحروب الداخلية والتقسيم في الحدود القصوى للاستهداف".
نهاية الدبلوماسية الـ"مثلثة الأضلاع"
وعن نظرة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، على الأخص، إلى التحالف المتنامي بين موسكو وبكين، لفت دنورة إلى أن "علاقات قوية روسية - صينية تمثل واحداً من أسوأ كوابيس الولايات المتحدة، وهذا الهاجس عبر عنه المخطِّط الاستراتيجي الأمريكي في إطار ما يسمى "عقيدة كيسنجر"، أو الدبلوماسية مثلثة الأضلاع التي تنص صراحة على أن مصلحة أمريكا المؤكدة واستمرار قوتها يكمن في إثارة العداء والخلاف بين روسيا والصين".
وتابع دنورة: "يتقاسم البلدان رؤية مشتركة حول مبدأ رفض الهيمنة وأحادية القطبية على المستوى الدولي، ومنع التفرد الغربي بالقرار الدولي، وهو التفرد الذي أنتج حروباً وبؤراً من الفوضى والصراع والإرهاب لا تزال نتائجها ماثلة في العديد من البلدان، كفلسطين والعراق وأفغانستان وسورية وليبيا ومنطقة القرن الأفريقي وأمريكا اللاتينية، فضلاً عن رفضهما للإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب والحصار والعقوبات الغربية المطبقة على العديد من دول العالم، بما فيها روسيا والصين، وإن بدرجات متفاوتة".
تحالف ينعش قوى الحرية
ورداً على سؤال حول الآمال التي يعلقها العالم على التعاون الروسي - الصيني، في سبيل تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب وإحلال الاستقرار والسلام، خاصة في الشرق الأوسط، أكد دنورة أن "المواقف الإيجابية التي يعبر عنها البلدان، فيما يتعلق بالأزمات والصراعات المشتعلة حول العالم، تجعل من تحالفهما معقداً لآمال العديد من قوى الحرية والديمقراطية حول العالم، والتي تتعرض شعوبها لمحاولات انتهاك السيادة والتحكم والإخضاع".
وأورد الخبير السوري مثال بلاده في الاستدلال على فكرته، مشيرًا إلى أن "الموقف الصيني - الروسي المشترك من المسألة السورية في مجلس الأمن الدولي، مثّل صورة واضحة المعالم عن فعالية نهج الدبلوماسية المشتركة ما بين الدولتين العظميين في الحفاظ على سلامة الدول وسيادتها ووحدتها الوطنية والجغرافية، ومنع إفشالها وتحويلها إلى بؤر للإرهاب والحروب الأبدية، كما فعل الغرب في دول ومجتمعات أخرى على مدى عقود طويلة، لا سيما في حقبة أحادية القطبية الأمريكية في نهايات القرن الماضي وبدايات الألفية الجديدة".