هل يستمع المجتمع الدولي وأطراف الصراع السوداني إلى صرخات النازحين؟

شهدت معسكرات النازحين في داخل وخارج السودان احتجاجات سلمية تطالب العالم بالاستماع إلى معاناتهم والحالة الإنسانية الكارثية التي يعيشونها في ظل عدم استجابة طرفي الصراع مع استغاثتهم وأوجاعهم.
Sputnik
وطالب النازحون الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالنظر إليهم والضغط على طرفي الصراع (الجيش والدعم السريع) بفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات إلى مناطق الإيواء وتأمينها، علاوة على تأمين وجود آلاف العائلات في مناطق نزوح آمنة، حيث أن هؤلاء مهددون بالطرد من المدارس التي يقيمون فيها، رغم أن غالبيتهم من النساء والأطفال، لأن سلطات بعض الولايات التي ليس بها حروب ترغب في إعادة فتح المدارس.
بداية، يقول أيوب خضر، أمين شؤون إقليم دارفور في منظمات المجتمع المدني السودانية: "إن دعوات التظاهر السلمي في مخيمات النازحين ومعسكرات الإيواء التي جرت اليوم جاءت بعد أن وصلت الأوضاع إلى منحنى خطير يهدد بكارثة محققة في ظل تجاهل دولي ومحلي".

قرار الاحتجاج

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أن صراع النازحين مع الفقر والجوع الشديدين وبعد أن فقدوا الأمل في أن يتم سماع استغاثتهم أو حتى الرد عليهم، قرروا التظاهر السلمي تعبيرا عن رفضهم لحرب التجويع التي انهكت الملايين من الشعب السوداني ومزقت جموعهم بالتهجير القسري، الذي يتعرضون له".
وتابع خضر: "يأمل النازحون أن يصل صوتهم ويحرك ضمير العالم وأن يتم لفت انتباه طرفي الصراع (الجيش والدعم السريع) والمجتمع الدولي للضغط من أجل فتح ممرات إنسانية وتوصيل المساعدات لمستحقيه، خصوصا الموجودين في المعسكرات ومراكز الإيواء والمجتمع الذي يستضيفهم".
السودان وإيران يتفقان على استعجال إكمال فتح سفارتي البلدين

تجاهل مريب

وأشار أمين شؤون إقليم دارفور إلى أن البعض وصلوا حد اليأس بسبب هذه الظروف الإنسانية القاسية دون اهتمام داخلي من أطراف الصراع، تزامنا مع التجاهل المريب من الأمم المتحدة ووكالاتها وعموم المجتمع الدولي في الاستجابة لمعاناتهم الإنسانية، وأقل ما يقال هو "مرحلة الموت بالجوع وغياب الخدمات الصحية ".
وطالب خضر، أطراف الصراع أن تلتزم بفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات، كما نناشد الأمم المتحدة ووكالاتها ومؤسساتها المختلفة في اتخاذ التدابير المناسبة لإنقاذ السودان من الكارثة المحققة.

لفت الانتباه

بدورها، تقول نضال مهدي، المنسقة الإعلامية لمنظمات المجتمع المدني في دارفور: "إن معسكرات النزوح والإيواء دشنت مرحلة جديدة منذ بداية الحرب تمثلت في الاحتجاجات السلمية التي تهدف إلى لفت الانتباه داخليا وخارجيا للمأساة التي يعيشها هؤلاء في ظل أوضاع لا إنسانية يعانون منها".
وأضافت مهدي، في حديثها لـ"سبوتنيك": "المحتجون في المعسكرات رفعوا اليوم مطالبهم وقضاياهم العاجلة إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة والوكالات الدولية المختصة لتقديم المساعدات الإنسانية لتخفيف المعاناة للمواطنين الفارين من مناطق الصراع".
مسؤولة أممية تتحدث عن ظهور علامات للإبادة الجماعية في السودان

الممرات الآمنة

وتابعت المنسقة الإعلامية: "منظمات المجتمع المدني السودانية تتلقى كل ساعة استغاثات ورسائل يومية عبر بريدها الإلكتروني، تتضمن شكوى نقص الغذاء والدواء، بالإضافة لنقص الرعاية الصحية التي يحتاجها الأطفال وكبار السن، خاصة من أصحاب الأمراض المزمنة".
وأشارت مهدي إلى أن "فكرة التظاهر السلمي لاقت قبولا واسعا في مجمعات النازحين الذين تحولت أوضاعهم إلي كارثة حقيقية، لذا فإن أهم المطالب التي رفعها النازحون اليوم تمثلت في دعوة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لمجابهة الأزمة الإنسانية وفتح ممرات آمنة وتجاوب طرفي الصراع مع تلك الدعوات والاستغاثات التي تطلق من قلب السودان وليس من كوكب آخر".

مراكز الإيواء

من جانبها، تقول الناشطة في منظمات المجتمع المدني بالخرطوم معالي محمد علي: "إن النازحين في السودان من مناطق الصراع ليس لديهم مراكز إيواء، بل إن المناطق الوحيدة التي يستخدمونها تقريبا هى المدارس نظرا لاحتوائها على مراحيض وعدد كبير من الغرف المخصصة للدراسة".
وأضافت، في حديثها لـ"سبوتنيك: "أن عدم وجود معسكرات إيواء ونزوح بالشكل المطلوب أو عن طريق تعمد عدم إنشاؤها من الجانب الحكومي، هذا الأمر جعل المواد الإغاثية لا تصل إلا لعدد محدود من النازحين الفارين من جحيم الحرب".
الحرب في السودان تفقد نحو مليوني عامل وظائفهم

بلا جدوى

وعن سبب التظاهر السلمي للنازحين تقول علي: "إن السبب الرئيسي أنه يتم إخراجهم من المدارس، لأن الحكومة تريد فتح المدارس في الولايات التي لا تدور بها رحا الحرب، وبالتالي سيتم طرد هؤلاء إلى العراء في الوقت الذي وصلت فيها الإيجارات للشقق السكنية مستويات عالية جدا، وهؤلاء لا توجد لديهم أي دخول مادية".
وأشار علي: "إلى أن المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في الوقت الراهن غير آمنة، ولو وجدت إغاثات إنسانية لن يستطيعوا تمريرها بأمان حتى تغطي مناطق النزوح سواء في الخرطوم أو الولايات الخمس في دارفور، الأمر الذي يدفع أي إنسان داخل السودان للتظاهر السلمي احتجاجا على الوضع الإنساني الكارثي، محليا أو دوليا".
رئيس حركة "العدل والمساواة الجديدة" لـ"سبوتنيك": الحرب في السودان ستطول ولا أمل في وقفها
ومع تفاقم القتال بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، تتدهور الأوضاع الإنسانية في مدينة الفاشر، التي تأوي أكثر من مليون ونصف من السكان والنازحين، وسط مخاوف من نقص حاد في الغذاء والخدمات الصحية
يشار إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص لقوا حتفهم ونزح الملايين في السودان، منذ اندلاع الحرب، في أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع.
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.
مناقشة