غياب القوانين
لا يزال التلوث البيئي في منطقة الواحات على حاله منذ عقود، حيث لاتزال بعض الحقول النفطية تتخلص من سمومها في البر، في ظل غياب قوانين تفرض على الشركات النفطية معايير معينة السلامة البيئية وتطبيقها ومراقبتها.
تقع مناطق الواحات في الجنوب الشرقي من ليبيا وتبعد عن مدينة بنغازي جنوبا حوالي 400 كيلومتر، حيث تشتهر مدينة جالو بإنتاج التمور حيث بلغ عدد النخيل بها حوالي 2 مليون نخلة، كما تشتهر كذلك بإنتاج الطماطم وزراعة أشجار الزيتون، أما واحات أوجلة واجخرة تشتهر بإنتاج التمور.
الموت البطئ يهدد واحات ليبيا
© Sputnik . MAHER ALSHAERY
تحيط بمنطقة الواحات 60 حقل نفطي تقريبا، تابعة لعدد من الشركات النفطية العاملة بالمنطقة، تنحصر الأضرار التي يمكن أن يسببها التلوث الناجم عن الحقول النفطية يتمثل في الغازات المتصاعدة من هذه الحقول والتي تساهم بشكل كبير في تلوث الهواء بسبب قرب هذه الحقول من المناطق السكنية، علاوة على ذلك البحيرات النفطية التي يتسرب منها النفط للمياه الجوفية التي تصل بدورها لكل بيت في هذه المنطقة.
تحدث أهالي الواحات عن الأضرار التي لحقت بهم وعن كثرة حالات الإجهاض وانتشار أمراض السرطان بأنواعه وأمراض الربو وغير وزيادتها السنوات الأخيرة، يأتي كل ذلك في غياب واضح لمشاريع التنمية المستدامة الحقيقية في المنطقة وغياب البنى التحتية والطرقات وغيرها من متطلبات الحياة في هذه المناطق.
دراسات غير دقيقة
في هذا الإطار يقول الأكاديمي الليبي والخبير الدولي في التغيرات المُناخية سامي اعتيبي إن أبرز المشاكل البيئية الموجودة منطقة الواحات هي الانشطة الصناعية المتمثلة في قطاع النفط، وهنا يجب يجب التطرق لمشكلة تلوث الهواء وتلوث التربة، وتلوث المياه، حيث أن مشكلة تلوث الهواء هو ناجمة عن الملوثات الناتجة عن قطاع النفط والانبعاثات بكل انواعها، منها الهيدروكربونات الخطرة والسامة، بالإضافة إلى مشكلة أخرى من مشاكل تلوث الهواء وهو الغبار المتطاير هذا الغبار نتيجة لعدم وجود غطاء أخضر حول منطقة الواحات وكثرة حركة السيارات والآليات في المنطقة، حيث أدت هذه الذرات إلى الكثير من المشاكل منها الأمراض الصدرية وغيرها.
الموت البطئ يهدد واحات ليبيا
© Sputnik . MAHER ALSHAERY
وتابع اعتيبي في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن مشكلة تلوث المياه في منطقة الواحات تتمثل في المياه المُصاحبة الناتجة من حفر الآبار لاستخراج النفط، والتي ترمى في الصحراء. حيث شكلت هذه المياه برك كثيرة تحتوي على هيدروكربونات ومواد مشعة، بالإضافة لكونها تؤدي لمشاكل بيئية للحياة البرية في المنطقة، وتبخر هذه المياه يسبب خطر كبير بالإضافة إلى تلوث المياه الجوفية.
وأضاف أن الشركات النفطية العاملة في تلك المناطق الوطنية منها والأجنبية التي تعمل على أرض الواقع، منها الخليج والڤيبا والزويتينة، وشركات أجنبية للتنقيب، وأغلبها تعمل بطريقة عشوائية بعيدا عن الإرشادات البيئية، وكلها تشترك في تلوث البيئة.
وقال لا توجد دراسات حقيقية لإظهار مستويات التلوث بشكلها الحقيقي في المنطقة، وكل ما هناك هو دراسة مؤقتة بأجهزة بسيطة، ولكن هناك انبعاثات كثيرة بدون معرفة كمياتها ورصد أضرارها، حيث كانت هناك دراسة في فترة كورونا وأغلب الشركات كانت في إجازات رسمية، ولكن ما تم رصده هو تلوث بكل انواعه.
مخاطر كبيرة
أوضح اعتيبي أن هناك أضرار بشرية كثيرة في المنطقة منها الأمراض السرطانية بأنواعها مثل سرطان الرحم والصدر والعين والسرطان لدى الأطفال، ولكن لا يمكن القول بأنها ناجمة عن التلوث بشكل مباشر، لأن الأمر يحتاج لدراسة واقعية تتم عن طريق فرق متخصصة تضم الكثير من الخُبرات حتى يتم التأكيد بأن هذا المرض ناجم عن هذه المشكلة البيئية.
وأردف "أن سبب هذا التلوث مشكلة كبير للحياة البرية وأدى إلى نفوق الكثير من الطيور المهاجرة، حيث اختفت الكثير من الطيور نتيجة لعدم الحفاظ على البيئة بشكل عام".
الموت البطئ يهدد واحات ليبيا
© Sputnik . MAHER ALSHAERY
التوصيات
وأشار أعتيبي أن التهديدات البيئية في ليبيا خطيرة جداً، وأن منطقة الواحات تعاني بشكل خاص، وأبدى تخوفه تجاه منطقة الواحات المقبلة على كارثة بيئية خطيرة جداً، بسبب ارتفاع كبير في درجات الحرارة وغياب الغطاء الأخضر، ونتيجة للتغيرات المناخية، وربما ستتسبب هذه المشكلة في إزهاق الكثير من الأرواح بسبب ارتفاع الحرارة إلى درجات غير مسبوقة في المستقبل القريب، وتتحول الأزمة إلى كارثة بسبب أن الأزمة عندما يتم إهمالها تتحول إلى كارثة وفي وجود الكارثة تظهر الكثير من الأزمات.
ونوه عن مشكلة أخرى وهي خطورة الأعاصير الرملية، لأن مناطق الواحات مناطق مكشوفة في تلك الصحراء ومع ارتفاع درجات الحرارةً وتناثر الرياح بسرعات متفرقة يؤدي إلى عواصف رملية قد تسبب كارثة بيئية خطيرة، يجب رسم سياسات واضحة لتفادي أنواع الكوارث التي قد تحدث في أي لحظة، يجب على المجالس البلدية بمنطقة الواحات الاستعداد الكامل لذلك.
الأمن الغذائي
تُعرف منطقة الواحات بإنتاجها للتمور، وهنا يرتبط الأمر بشجرة النخيل وموروثها العريق وهي شجرة ذكرت في القرآن، تتعرض للتلوث والإهمال لهذه الشجرة المُباركة، بالإضافة للآثار التي تتحدث عن حقب زمنية ماضية.
جبر الضرر
فيما يرى الأكاديمي الليبي المتخصص في قضايا البيئية حسن الدمنهوري، أن الأضرار الناجمة عن التلوث البيئي في مناطق الواحات كثيرة جدا وأبرزها في الأمراض التي يعاني منها سكان هذه المناطق، بالإضافة إلى قرب المناطق من الحقول النفطية، التي تعد غير صالحة للسكن والزراعة والعيش.
الموت البطئ يهدد واحات ليبيا
© Sputnik . MAHER ALSHAERY
وتابع: "هذا الأمر تكرر في منطقة حائل في السعودية ولكن الشركات هناك كانت ملتزمة فنيا بمكافحة التلوث البيئي، بالإضافة لرصد مبلغ خاص لجبر الضرر، وبناء المستشفيات والملاعب وتفعيل الأندية كنوع من التنمية المستدامة لسكان تلك المدينة وهذا ما ينعكس على منطقة الواحات التي لم تراعي فيها الشركات أي مقومات للتنمية المستدامة في مناطق الواحات".
وأضاف الدمنهوري في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن الشركات العاملة في تلك المنطقة ليست وليدة اللحظة فهي تتواجد هناك منذ السبعينات وإن كانت هذه الشركات في زيادة ملحوظة، ومن المفترض أن تكون هناك أمور فنية في هذه الشركات تمنع وصول التلوث للمناطق السكنية المجاورة لهذه الشركات، وهذا أمر بديهي يفترض أن تقوم به كل الشركات حسب القوانين البيئية المعمول والتي تنص على عدم تسريب أي فضلات أو نفايات في الجو والتربة ومصادر المياه.
أصوات مُكبلة
وأشار إلى أن الإعلام البيئي سلط الضوء على بعض هذه الاختراقات خاصة وأن سكان الواحات حاولوا مرارا الخروج بهذه المشكلة إلى حيز الوجود وإيصال أصواتهم للجهات المسؤولة في الدولة ولكن دون جدوى، وبالتالي فإن تلك المناطق تضررت كثيرا، ولم تعوض تلك المناطق بأي شيء، وكان مفترض من تلك الشركات أن تقوم بتخفيف الضرر البيئي وأن تسعى لتفعيل التنمية المستدامة الحقيقية في تلك المناطق والحفاظ على البيئة الصحرواية.
وأكد بأن هناك تعتيم إعلامي كبير حول ما تقوم به هذه الشركات من تلوث نفطي خاصة وأن ليبيا تعتبر أن النفط هو المصدر الأول للدخل، ولا تريد الدولة أي شيء يعرقل أو يوقف الإنتاج.
وقال: "أجريت الكثير من الدراسات والأبحاث التي أكدت بقوة أن هناك تلوث بيئي خطير في تلك المناطق، مع العلم بأن جميع المشاكل البيئية تمت دراستها وتحديدها في أغلب المناطق البيئية، وما ينقص تلك المناطق هو جهة تنفيذية تعالج هذه الأضرار أو الهدر البيئي او الحد منه".
رصد وتوثيق
فيما قسم عوض بترون، عضو بمنظمة الركب لحماية البيئة، الملوثات التي تهدد المنطقة إلى قسمين، ملوثات صادرة عن عمليات إنتاج النفط والتي تتحرك عن طريق الهواء، والأخرى تنتقل عن طريق الرطوبة وتتساقط على المزارع والخضروات، والنوع الثاني من الملوثات هو الناتج عن المبيدات الحشرية التي تستخدم في الزراعة، حيثُ تُعد بعض انواعها ممنوع عالميا غير أن البعض الآخر مجهول المصدر.
وأضاف بترون، في تصريح خاص لـ"سبوتنيك" أن هناك عدد كبير من الشركات التي تعمل في منطقة الواحات منها الهاروج والواحات وإيني والواحة، والزويتينة والخليج العربي والسرير والتي تعتبر أكثرها محافظة على البيئة دون غيرها.
وأردف: "رصدت المنظمة نفوق عدد من الحيوانات تتمثل في الضرر الذي لحق بالطيور المهاجرة التي تشرب من المياه المُصاحبة للنفط والتي أدت إلى نفوقها على الفور، بالإضافة إلى نفوق عدد كبير من الإبل في الواحات نتيجة انتشار البرك بالقرب من منطقة أجخرة نتيجة للملوثات السامة الموجود في المياه المُصاحبة".
الموت البطئ يهدد واحات ليبيا
© Sputnik . MAHER ALSHAERY
وقال أن هناك أضرار بشرية كثير وانتشار للأمراض من الملوثات النفطية، وأكد أن هناك ملوثات إشعاعية وملوثات ومركبات ضارة، نشرت مشاكل صحية مثل أمراض الجيوب الأنفية، وأمراض السرطان والتي أفاد التشخيص الطبي بأن هذا المرض كان نتيجة قربهم من المناطق النفطية.
وطالبت منظمة الركب لحماية البيئة، جهات الاختصاص بالعمل على إنشاء مختبرات للتحاليل في المنطقة، وشدد على ضرورة وضع حل لمعالجة المياه المُصاحبة وقالت إن هذه النداءات تظل وعودا لم يتم الوفاء بها.
الشركات العاملة في الواحات
أفاد بترون أن الشركات العاملة في منطقة الواحات هي شركة الزويتينة وشركة الواحة وإيني والخليج والهاروج والسرير.
تمتلك شركة الزويتينة حقل الانتصار "103A" و "103D"، وشركة الواحة، التي تمتلك حقل جالو 59، وحقل الفارغ وحقل الهراش، وشركة إيني تمتلك حقل أجب 100 وحقل التوامة وحقل 82، وشركة النافورة تمتلك حقل النافورة القريب من المنطقة، وشركة الهاروج تمتلك حقل آمال وحطتي 9-10 القريبة بمنطقة أوجلة، شركة السرير تمتلك حقل اجخرة والنخلة والمسراط، هذه إجمالي مجموعة الحقول بمنطقة الواحات.
وأضاف "بالنسبة للحقول المسببة للتلوث والقريبة من المنطقة هي حقل النافورة التابع لشركة الخليج الذي يمتلك مجموعة محطات منها محطة (4-5) الأقرب لمناطق أوجلة وجالو، ولديها آبار بجانب منطقة اجخرة مسببة مشاكل بيئية، بالإضافة لشركة الواحة لديها حقل 59 مسبب مشاكل متمثلة في المياه المُصاحبة وتلوث في الهواء الجوي، وشركة الهاروج لديها المحطة 9 القريبة من منطقة أوجلة مسببة تلوث هوائي، وتلوث في المياه المصاحبة".
وقال إن شركة السرير تعتبر أكثر الشركات المحافظة على البيئة ولكن لديها بعض الآبار داخل منطقة اجخرة وأثناء عمليات التنظيف والتشغيل للآبار تحدث بعض أنواع التلوث.
جهود فردية
تحدث أنور بازما، مسؤول الإصحاح البيئي في منطقة جالو بالواحات، إنه تم رصد الكثير من الملوثات التي تنتشر في مناطق الواحات الناتجة عن الآبار التي تُحيط بمناطق الواحات بالكامل، أثرت هذه الملوثات على صحة الإنسان بشكل مباشر، وأدت إلى زيادة أمراض الجلدية بالإضافة إلى زيادة حالات الإجهاض والولادة المُبكرة في الواحات.
وتابع بازاما في تصريحه لـ"سبوتنيك" أن إدارة الإصحاح البيئي قامت بإثبات ورصد كل ذلك، كما تم رصد انتشار الروائح الكريهة للغازات والمركبات في ساعات الصباح الباكر، وكمية الملوثات المُنبعثة من هذه الحقول والآبار، بالإضافة إلى شكاوى المواطنين التي تلقتها إدارة الإصحاح البيئي.
وأكد بأن هناك أضرار أخرى للحقول بسبب انتشار كميات المستنقعات وبرك المياه المُصاحبة للنفط المنتشرة في كل المناطق، والتي تؤثر بشكل مباشر على المواطنين وعلى المحاصيل الزراعية.
وأضاف بازما بأن هناك خطر آخر يهدد حياة الأهالي في هذه المناطق يتمثل في مرور خطوط نقل النفط الخام القريبة من الأحياء السكنية، حيثُ حدثت عن تسريبات في السابق.
توصلنا مع هذه الشركات لتحديد نسب وكميات التلوث الناتجة عن هذه الشركات، بكل تأكيد لا يمكن إنهاء هذه المشاكل البيئية ولكن نعمل على ضرورة الحد منه.
دور المؤسسات المدنية
حرموا سكان الواحات من نقاوة الهواء وسطوع الشمس بعد كميات الأبخرة والغازات المُتصاعدة من الحقول والآبار بالمنطقة، وكان لمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بالمنطقة دور كبير في تقييم الأثر البيئي ورصده، بالإضافة إلى محاولات حثيثة لوضع حد لهذا الكُدس الكبير من التلوث.
ومن جهتها قالت غزلان بشير، عضو جمعية حماة البيئة ومدير مفوضية المجتمع المدني بمنطقة جالو التابعة لمناطق الواحات أن الوضع البيئي في مناطق الواحات كارثي جداً في السنوات الأخيرة، جراء الانبعاثات والغازات السامة أو البحيرات الموجودة بالمناطق.
أكثر من 35 شركة نفطية تحيط بمنطقة جالو تنتج حوالي 70 % من إنتاج النفط في ليبيا وتخرج من منطقة الواحات، وبها العديد من الشركات.
قامت هي وزملائها كمنظمات مجتمع مدني في هذه المناطق بالعديد من ورش العمل والمظاهرات المنددة بالتلوث، ولكن لا حياة لمن تنادي، حيث لم تستجيب أي جهة من الجهات المسؤولة في الدولة على مر الحكومات المُتعاقبة.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك" عند الحديث عن رصد الضرر الناجم عن هذه الشركات، فإن أي شخص يأتي لزيارة مناطق الواحات يشعر بانتشار التلوث بنسب كبيرة جداً، وأكبر دليل على ذلك بحيرات السوداء المنتشرة بشكل كبير جدا، غطت الكثير من المناطق الصحراوية، كما أن انبعاثات الغازات وأبرزها غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث خلال فترات الصباح الأولى.
الموت البطئ يهدد واحات ليبيا
© Sputnik . MAHER ALSHAERY
نداءات غير مسموعة
وتابعت بشير "قامت منظمات المجتمع المدني بالعديد من المطالبات والمخاطبات للدولة الليبية ولكن الدولة لم تولي أي اهتمام لهذه المطالبات، ولكن قامت منظمات المجتمع المدني برفع دعوى قضائية ضد المؤسسة الوطنية للنفط والشركات التابعة لها المحلية والأجنبية بضرورة وقف الضرر عن هذه المناطق ولتجاهل المؤسسة لهذا التلوث وعدم حديثها عنه، أو وضع خطط للحد منه، وكل حديث المؤسسة عن زيادة الإنتاج فقط ولكن لم يتم التطرق لأي شيء آخر".
وتحدثت عن غياب التنمية المستدامة وانعدام البُنية التحتية بالإضافة إلى انهيار الطريق الرابط بين مناطق الواحات ومدن الساحل الليبي والتي لم تحظى بأي صيانة بالرغم من مرور كل الشركات النفطية العاملة بالمنطقة من خلالها.
تُعد مناطق الواحات سلة غذاء ليبيا فهي أرض خصبة جداً من ناحية إنتاج التمور والزيتون والبنجر والطماطم وغيرها من الخضراوات، وشددت على ضرورة اهتمام الدولة الليبية بها.
تشريعات غير نافذة
ومن الناحية الحقوقية يقول الحقوقي أحميد الزيداني، تعددت في الآونة الأخيرة مسألة حقوق الإنسان والبيئة، وحسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإن المادة 25 تنص في فقرتها الأولى على "لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته"، بالإضافة لاتفاقية الجزائر بشأن الحفاظ على الطبيعة والموارد الطبيعية والتي تم إبرامها تحت إشراف ورعاية منظمة الوحدة الإفريقية في 1968، واتفاقية جنيف في 1968 المتعلقة بتلوث الهواء بعيد المدى، وغيرها من الاتفاقيات.
وأضاف الزيداني في تصريح خاص لسبوتنيك "أما بالنسبة لسكان منطقة الواحات في حال لم تلتف الدولة لمطالبهم وزادت الانتهاكات البيئية ضدهم، يمكنهم اللجوء للحقوق الدولية لضمان استيفاء حقوقهم وضمان عدم تكرار الانتهاكات التي تتعرض له البيئة".
وأوضح بأن المُشرع البيئي أوجد جملة من القوانين والتشريعات التي يمكن التعويل عليها، غير أن هناك بعض المواد والتشريعات تحتاج لبعض التعديلات والتحديثات، ومن أهم التشريعات في القانون الليبي القانون رقم 15 لسنة 2003 بشأن حماية وتحسين البيئة، بالإضافة إلى قرار رقم 224 لسنة 2021 بشأن إنشاء مراقبات البيئة في البلديات، وقرار رقم 42 لسنة 2022 بشأن إنشاء جهاز الشرطة البيئية.
وأردف "عند العودة للقانون رقم 15 على أنه المرجع الأول لحماية وتحسين البيئة، مقارنة بما يحدث في منطقة الواحات وماهية حقوق المواطنين في تلك المناطق والانتهاكات التي تُمارس ضدهم، يمكنهم الاستناد عليها لاستيفاء حقوقهم"، فإن المادة رقم 10 تنص على "لا يجوز لأي منشأة أو مصنع تنبعث منه أي ملوثات للهواء مخالفة القواعد والمعايير العلمية المُعتمده لتنفيذ أحكام هذا القانون".
عقوبات ضعيفة
وتابع "أنه وبحسب المادة 14 تنص على "يمنع إشعال النيران والمواد المطاطية والنفطية والقمامة والمواد العضوية الأخرى بغرض التخلص منها في المناطق الآهله بالسكان أو المجاورة لها"، وما يحدث في مناطق الواحات أما إشعال البرك النفطية والتي تعتبر من مخلفات النفط أو تركها، ونص العقوبة هنا يكون بمخالفة قيمتها 1000 دينار ولا تتجاوز 5000 دينار، وبالتالي فإن هذه العقوبة من القانون تحتاج إلى تعديل نظرا لتدني القيمة المذكورة وقدم العقوبة، ولأنه من غير المنطقي أن تتوحد العقوبة بين من يقوم بإشعال النار في المواد المطاطية مثل الإطارات، ومن يقوم بإشعال النار في المواد النفطية لأن الدخان والأبخرة الناتجة عنها ليست واحدة".
وأكد بأن هذه القيمة ضعيفة وليست رادعة للشركات النفطية بشكل عام، ويجب أن يكون هناك تغليظ في العقوبة حتى لا تتكرر مثل هذه الأفعال.
وقال: "حسب اللائحة التنفيذية للقانون 15 فإن المادة الثانية منه تنص على "تتولى الجهات العامة كلا في مجال اختصاصه إعداد برامج فعالة لحماية وتحسين البيئة، بإجراء مسح شامل للعناصر الناتجة على الأعمال التي تقوم بها وتأثيراتها، ووضع برامج مُفصلة للقياس ورصد الملوثات وتوفير المواد والعناصر اللازمة لذلك".
وشدد على ضرورة الوقوف وبشكل جاد ضد الانبعاثات البيئية في أي منطقة كانت وذلك لزيادة نسب مرضى السرطان في تلك المناطق حسب التقارير الواردة، وبالتالي يجب تسليط الضوء على المخاطر البيئية في منطقة الواحات كونها من أهم المناطق في الإنتاج الزراعي في البلاد.
ولفت إلى أن هناك أطر تشريعية يمكن الاستناد عليها لوقف تلك الانتهاكات بمساعدة الجهات المختصة، لحماية المواطنين في تلك المناطق، في حالة إخفاق الدولة لإيجاد حلول عملية لوقف تلك الانتهاكات ضد المواطنين، وهنا يجب أن يتوجه المواطنين والمتضررين سلك المسلك الدولي وهو اللجوء للآليات الدولية المتاحة والتي تُعنى بحماية حقوق الإنسان.
وتحدث سليمان اكريم، رئيس منظمة السلامة للتنمية المستدامة التي تهتم وتختص بالملوثات النفطية وتقديم النصائح والإرشاد الزراعي فيما يتعلق في التعامل مع المبيدات الحشرية في تصريح خاص لـ "سبوتنيك"
وأضاف "أن مناطق الواحات تمتاز بثروات نفطية وغازية ومنتجات زراعية، والمياه العذبة، وتعتبر هي المغذي الأساسي لكل ليبيا عن طريق النفط والغاز".
المتابعة والإرشاد
وتابع أن مناطق الواحات تعاني من مشاكل عديدة أبرزها مخلفات مستخرجات النفط، المتمثلة في المحروقات التي تحتوي على عناصر سامة منها كادميوم، زئبق ورصاص، بالإضافة إلى تلوث التربة من البترول ومستخرجات النفط، والمخلفات المعدنية الصلبة المتمثلة في البراميل والأنابيب والقمامة، وكلها ترمى في الخلاء ويعود المواطنين لاستعمالها مرة ثانية وهي محملة بالمواد المسرطنة.
وأوضح أن منظمة السلامة قدمت حملات توعوية كاملة بالتوعية من هذه المشاكل البيئية الخطيرة، وانطلقت هذه الحملات بدعم محدود من بعض المنظمات الدولية، واشتملت على توعية الطلبة في المدارس بجهد بسيط ومحدود لغياب الدعم المالي.
أمنيات قيد الإنتظار
وأكد أن ما تحتاجه المنطقة هو الدعم المالي للمنظمات المحلية وذلك لإنشاء المسطحات الخضراء، والتشجير وزراعة الغابات وإقامة المحميات لحماية الحياة البرية، لأن المنطقة تواجه في مشاكل انقراض الحيوانات والنباتات.
وشدد في ختام تصريحه على ضرورة أن تقوم المؤسسة الوطنية والمنظمات الدولية المهتمة بهذه المشاكل البيئية المتزايدة بتقديم الدعم اللازم لمناطق الواحات والمساهمة في وقف هذا الزحف من التلوث.
مصادر خاصة
ومع صعوبة التواصل مع المؤسسة الوطنية للنفط، صرح مصدر رفض ذكر اسمه لعدم امتلاكه صلاحيات بالحديث معنا: "عملت المؤسسة الوطنية للنفط في السابق على بذل جهد كبير وأعدت لجنة لعمل دراسة متكاملة على المياه الجوفية، والمياه المُصاحبة والعناصر المُشعة وتلوث الهواء الجوي، ولم تقتصر الدراسة على الحقول النفطية فقط فلقد استهدفت عدة مناطق بالمنطقة".
وأضاف: "استهدفت هذه الدراسة الملوثات الأخرى التي ليست لها علاقة بالملوثات النفطية والتي تتمثل في المبيدات الزراعية ومخلفات الصرف الصحي، وبعد انتهاء الدراسة تم عرض النتائج أمام المختصين".
وأكد أن كل الصناعات بها تلوث والتلوث موجود لكن كيف يمكن التحكم به، ومن خلال الدراسة تم الخروج بعد توصيات وبرامج عمل يتم تنفيذها في مناطق الواحات ومنها وحدة مراقبة جودة الهواء الجوي.
وقال "تم تركيب 9 وحدات مراقبة ويتم العمل على مراقبة الهواء الجوي، لأن هذه الصناعة وكل صناعة بكل تأكيد ينتج عنها ملوثات".
وأكد أن المياه الجوفية سليمة ولايوجد بها ملوثات، وكانت هناك نقطة في التوصيات بضرورة مراقبة المنطقة من وقت لآخر، يعمل الفريق على أخذ عينات من هذه المناطق وسيتم مقارنتها بالنتائج المتحصل عليها في السابق.
وأوضح "أن الوضع في مناطق الواحات يحتاج لمتابعة ومراقبة وهذا أمر أساسي ولابد منه، تعمل المؤسسة على إخفاء البحيرات كانت البداية من النافورة وصلنا إلى جالو 59 ومن المحتمل مع نهاية 2024 لن يتم مشاهدة أي بحيرة على السطح سوف يتم حقنها في المكامن بالكامل كما تم إخراجها سوف ترجع من جديد".
وبحسب تصريح خالد بوخطوة، مدير إدارة الصحة والسلامة والبيئة بالمؤسسة الوطنية للنفط من خلال فيديو تم نشره على الصفحة الرسمية للمؤسسة وبعد الحصول على إذن استخدام الفيديو من مكتب الإعلام بالمؤسسة.
وقال بوخطوة: "تولي المؤسسة الوطنية للنفط اهتمام كبير بالصحة والسلامة والبيئة، وتوجد إدارات مختصة بهذا الجانب في كل الشركات التابعة للمؤسسة مهمتها متابعة مؤشرات الأداء في جميع المواقع النفطية، نعمل بتوجيهات العمل بالقوانين الخاصة بحماية البيئة".
وأكد أن المؤسسة والشركات التابعة لها تقوم بدراسة الأثر البيئي لجميع المشاريع والقيام بالدراسات البيئية اللازمة لتقييم الأثر البيئي لكل الصناعات النفطية، ومتابعة الأداء البيئي للشركات والعمل على تحسينه بصفة مستمرة.