ماذا يترتب على قرار كوريا الجنوبية تعليق "الاتفاق العسكري" مع جارتها الشمالية؟

زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ اون، ورئيس كوريا الجنوبية السابق، مون جاي إن، في قمة بينهما، 18 سبتمبر/ أيلول 2018
أعلن مجلس الأمن القومي في كوريا الجنوبية، اليوم الإثنين، أن سيئول ستعلق بشكل كامل الاتفاق العسكري بين الكوريتين لخفض التوتر لعام 2018 مع كوريا الشمالية المسلحة نوويا، بعد أن أرسلت بيونغ يانغ بالونات مملوءة بالقمامة عبر الحدود خلال الأسبوع الماضي.
Sputnik
وقالت سيئول إنها "ستعلق اتفاقية 19 سبتمبر العسكرية بأكملها، لحين استعادة الثقة المتبادلة بين الكوريتين"، بعد أن تم تعليق الاتفاقية جزئيا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، بعد إطلاق بيونغ يانغ الناجح لقمر تجسس عسكري.
وبعد وقت قصير من التعليق الجزئي، أعلنت كوريا الشمالية أنها انسحبت "على الفور" من الاتفاق، وقالت إنها "ستنشر قوات مسلحة قوية ومعدات عسكرية من نوع جديد في المنطقة" على طول خط ترسيم الحدود العسكري بين الكوريتين.
وجاء قصف بيونغ يانغ لجارتها ببالونات تحمل القمامة، مثل ورق النفايات والسماد الظاهر، ردا على قيام نشطاء من كوريا الجنوبية بإطلاق بالونات تحمل منشورات مناهضة لنظام زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون.
وقالت كوريا الشمالية في وقت متأخر، أمس الأحد، إنها ستتوقف "مؤقتا" عن إرسال البالونات، لكنها تعهدت باستئناف هذه الممارسة "غير السارة" إذا استأنفت كوريا الجنوبية إطلاق المنشورات.
من جهته، قال نائب وزير الدفاع الكوري الشمالي، كيم كانغ إيل، في بيان نقلته وسائل الإعلام الرسمية إن بيونغ يانغ أرسلت أكثر من 3500 بالون تحمل 15 طنا من النفايات عبر الحدود، من الثلاثاء إلى الأحد الماضيين.
وأضاف في البيان الذي نقلته وكالة أنباء كوريا الشمالية: "إذا استأنفت عشائر كوريا الجنوبية إلقاء المنشورات المناهضة لكوريا الشمالية، فسوف نواجه ذلك من خلال نثر النفايات والقمامة بشكل مكثف بمئات أضعاف كمية المنشورات المتناثرة وعدد الحالات".
شقيقة زعيم كوريا الشمالية: إرسال بالونات قمامة إلى سيئول هدية صادقة لهم

الاتفاقية العسكرية الشاملة

جاء الاتفاق العسكري لعام 2018، الذي تم توقيعه بين الكوريتين الشمالية والجنوبية في 18 سبتمبر/ أيلول، وسط ذوبان الجليد في العلاقات بينهما، خلال رئاسة مون جاي إن لكوريا الجنوبية، والذي يهدف إلى خفض التوترات في شبه الجزيرة الكورية، وسط مخاوف من التصعيد، خاصة على طول الحدود شديدة التحصين.
وتم التوقيع على الاتفاقية، المعروفة رسميا باسم "الاتفاقية العسكرية الشاملة"، في قمة جرت رئيس كوريا الجنوبية السابق، بين مون جاي إن، والزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، والتي بموجبها توصل الجانبان إلى فرض مناطق عازلة، وتعليق التدريبات بالذخيرة الحية، وتنفيذ مناطق حظر الطيران، وإزالة بعض مواقع الحراسة، وتعليق التدريبات بالمدفعية والمناورات الميدانية، فضلا عن التعاون الاقتصادي بين الكوريتين، مثل بناء الطرق والسكك الحديدية وغيرها.
وصفت كوريا الجنوبية الخطوة التي اتخذتها، اليوم الإثنين، بأنها "عادلة وقانونية"، وقالت إنها "ستسمح بإجراء تدريبات عسكرية على طول المنطقة منزوعة السلاح" التي تم تقييدها بموجب الاتفاقية، مما يمكن سيئول من "اتخاذ إجراءات أكمل وأكثر فورية ضد الاستفزازات الكورية الشمالية"، وفقا لوكالة "يونهاب" الكورية.
وقال الرئيس الكوري الجنوبي السابق، مون جيه-إن، وقت توقيع الاتفاقية إن كوريا الشمالية وافقت على السماح لإشراف مفتشين دوليين على "تفكيك دائم" لمنشآتها الصاروخية الأساسية، وستتخذ خطوات إضافية مثل إغلاق مجمعها النووي الرئيسي في يونغبيون، إذا اتخذت أمريكا إجراءات متبادلة".
وتابع مون في أعقاب محادثاته مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، أن الكوريتين اتفقتا على ضرورة تحويل شبه الجزيرة الكورية إلى "أرض سلام خالية من الأسلحة النووية والتهديدات النووية".
كما اتفق الجانبان على إقامة منطقة عازلة على طول الحدود ومنطقة حظر طيران على طول خط ترسيم الحدود العسكرية الذي يفصل الجانبين لتفادي حدوث اشتباكات عارضة.

البنود وتبعات التعليق

وقال نائب المستشار الأول للأمن الوطني في كوريا الجنوبية، كيم تيه-هيو: "سيمكّن هذا الإجراء من إجراء تدريبات عسكرية بالقرب من خط ترسيم الحدود العسكرية والذي تم تقييده بموجب الاتفاقية، وسيسمح بردود أكثر ملاءمة وفورية على استفزازات كوريا الشمالية. وستتخذ الحكومة جميع التدابير اللازمة لحماية أرواح مواطنينا وسلامتهم".
وبحسب المرشح السابق لمنصب رئيس هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية، الأدميرال كيم ميونغ-سو، تفرض الاتفاقية قيودا على مراقبة الجيش الكوري الجنوبي لكوريا الشمالية وإجراء التدريبات بالذخيرة الحية بالقرب من الحدود البحرية.
وتدعو الاتفاقية إلى إنشاء مناطق عازلة ومناطق حظر جوي بالقرب من الحدود بين الكوريتين، حيث يُحظر إطلاق المدفعية والتدريبات البحرية وأنشطة المراقبة لمنع الاشتباكات العرضية بين الكوريتين.
ويحظر الاتفاق تحليق المروحيات المسيرة على مسافة 10 كيلومترات من المنطقة الغربية و15 كيلومترا من المنطقة الشرقية من خط ترسيم الحدود العسكرية (MDL)، الذي يفصل بريا بين البلدين.
وقال كيم ميونغ-سو إن الاتفاق قيدَ مراقبة الجيش الكوري الجنوبي لكوريا الشمالية من حيث "المكان والزمان"، بالإضافة إلى المراقبة في الوقت الحقيقي للجانب الخلفي لكوريا الشمالية وإجراء التدريبات بالذخيرة الحية على الجزر الغربية.
سيئول: يجب الحفاظ على الاتفاقيات التي تمنع الاشتباكات المسلحة بين الكوريتين

اتفاقية رمزية أم عملية؟

رغم أن الاتفاقية 19 سبتمبر العسكرية تداخلت مع تدابير موجودة من قبل، مما جعل غرضها يبدو رمزيا أكثر منه عمليا، فقد أقرّ المراقبون عموما بأنها ساعدت في تحقيق الاستقرار بين الكوريتين.
وكتب الكابتن المتقاعد في البحرية الكورية الجنوبية، سوكجون يون، في مقال نشر في شهر مارس/ آذار الماضي، على موقع "38 نورث"، الذي يراقب كوريا الشمالية: "على الرغم من كل العيوب والغموض الذي تضمنته "الاتفاقية العسكرية الشاملة"، إلا أن أهم قيمة لها كانت في تعزيز بيئة أمنية أكثر استقرارا في شبه الجزيرة الكورية، وهذا من غير المرجح أن يتكرر في أي وقت قريب".
وعلى الرغم من أن الكوريتين الشمالية والجنوبية ظلتا في حالة حرب من الناحية الفنية، منذ انتهاء الحرب الكورية بهدنة فقط في عام 1953، إلا أن بيونغ يانغ اتبعت نهجا أكثر صرامة في العلاقات مع سيئول خلال العام الحالي، عندما وصفت كوريا الجنوبة بأنها "عدوها الرئيسي"، في حين ألغت الوكالات التي تركز على إعادة التوحيد، وهددت بتكريس هدف "الاحتلال الكامل وإخضاع واستعادة" جارتها الجنوبية في دستور كوريا الشمالية.
مناقشة