ماذا يعني قانون فك الارتباط؟
يعود قانون فك الارتباط إلى عام 2005، حين انسحبت إسرائيل من مستوطنات قطاع غزة، البالغ عددها 21 مستوطنة، إضافة إلى أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية، ضمن خطة أحادية الجانب في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون، وذلك لدواعٍ أمنية وعسكرية وديموغرافية، ولم ينص القرار وتبعاته على أيّ إقرار بحق الفلسطينيين في الأراضي التي انسحبت منها إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم يتضمن القانون حينها الانسحاب من مستوطنات الضفة كافة.
وفي 21 آذار/مارس 2023، صادق الكنيست الإسرائيلي، بالقراءتين الثانية والثالثة على إلغاء بنود في قانون "فك الارتباط" الذي أقر وطبق عام 2005، والبنود التي ألغيت بعد مرورها بالقراءات الثلاث في الكنيست، كان يُحظر بموجبها دخول المستوطنين في نطاق المستوطنات الأربع التي أُخليت، وهي "غانيم وكاديم وحومش وسانور"، وأصبح القانون الجديد يسمح بعودتهم إلى هذه المستوطنات بعدما تم إلغاء العقاب الجنائي الذي فُرض بموجب قانون "فك الارتباط"، على من يدخل أو يقيم فيها، وكان وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت أعلن، الشهر الماضي، في بيان مشترك مع ما يسمى رئيس مجلس المستعمرات شمالي الضفة الغربية، يوسي داغان، بدء تنفيذ ما نصّ عليه قانون "إلغاء فك الارتباط" من شمالي الضفة الغربية.
تداعيات إلغاء قانون "فك الارتباط"
يسهم إلغاء قانون "فك الارتباط" والعودة للاستيطان في تلك المستوطنات في عدة تبعات جيوسياسية وقانونية وأمنية، وتتمثل في تثبيت سيطرة إسرائيل على أراضٍ فلسطينية وتوسع الاستيطان، خصوصاً في محافظة نابلس، التي تُصنف 43.3 % من مساحتها على أنها مناطق (ج)، وجنين التي تصنف 33.4% من أراضيها مناطق (ج)، وهي مناطق تخضع أمنياً وإداريا لإسرائيل، ويسيطر عليها الجيش والإدارة المدنية.
وأضاف: "حجم البناء في المستوطنات المخلاة صغيرة الحجم، وسيعتمد على عدد الراغبين بالعودة والإيواء إليها، ولكن أمام الشهية الإسرائيلية لقضم المزيد من أراضي الفلسطينيين، سينجح المستوطنون في إحضار المزيد من الأعداد إلى هذه المستوطنات، وبالتالي يهدف القرار الإسرائيلي إلى زيادة العدوان على شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو تكريس للمشروع الاستيطاني، وقد قامت حكومات الاحتلال المتعاقبة على تقديم ميزانيات كبيرة من أجل هذا المشروع، وسعت إلى إطلاق العنان للمستوطنين للاعتداء على المواطنين الفلسطينيين، والتوسع الاستيطاني ومصادرة مزيد من الأراضي".
ويعيش نزار حياة من الخوف في بيت يشبه السجن، ويقول لـ"سبوتنيك": "نحن نعيش هنا داخل سجن، محاط بسياج وأسوار من كل الجهات، والسبب اعتداءات المستوطنين المتكررة، خاصة بعد عودتهم إلى المستوطنة التي كانت مخلاة، وقد هاجموا منزلي أكثر من مرة، وحطموا محتوياته، ودمروا أراضي زراعية".
وأضاف: "خلال فترة فك الارتباط كنا نمنع من البناء أو التوسع ضمن المناطق التي يشملها القانون، وجرى أكثر من عملية هدم، وبعد السماح للمستوطنين بالعودة إلى المستوطنات المخلاة، والغاء قانون فك الارتباط أصبح الوضع كارثي علينا، ولا نستطيع أن نصل إلى الشارع الرئيسي، ومحاصرون من مستوطنة حومش، ومستوطنة شافي شمرون، وفقط يوجد طريق ترابي، وعندما يضعون عليه حاجز، يتم حصارنا بالكامل كما هو حاصل في قطاع غزة".
وفي بلدة صانور جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، يخشى المواطنون عودة المستوطنين إلى المستوطنة المخلاة، وقد رافقت كاميرا " سبوتنيك" طاهر عيسى رئيس شعبة الخدمات في بلدة صانور، في جولة إلى المناطق التي شملها قانون الغاء "فك الارتباط" في البلدة، حيث تنتشر فيها البيوت والأراضي الزراعية على مساحة كبيرة.
وأضاف: "أكثر من 90% من البيوت المبنية في هذه المنطقة، حسب قانون الجديد، باتت في خطر الهدم والتهجير، مما سيؤدي إلى مشاكل كبيرة، وكذلك الأراضي الزراعية ستتعرض للمصادرة، وبالتالي حرمان غالبية سكان البلدة من مصدر الرزق".
ما هو عدد المستوطنين في الضفة الغربية؟
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 500 ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون حاليا في الضفة الغربية، وهي جزء من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، بالإضافة إلى وجود 200 ألف مستوطن في القدس الشرقية، ويتوزع المستوطنون الإسرائيليون على 147 مستوطنة تنتهك القانون الدولي، و151 بؤرة استيطانية، تم بناؤها دون موافقة رسمية وتعتبرغير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي والدولي.
ويؤكد الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي أنَّ المستوطنات غير قانونية، وفي ظل التداعيات التي يسببها هذا القرار والنقاش المحتدم حوله، يبقى قانون إلغاء " فك الارتباط" وتداعياته مرهون بمتغيرات تتمثل بمستقبل الحكومة الإسرائيلية الحالية، إضافة إلى قدرة الفلسطينيين ووجود إرادة دولية على مواجهة هذه المشاريع الاستيطانية.