وقال الخبير السوري: "إن السبب الرئيسي في الأحداث العسكرية والأمنية والصدامات التي شهدتها مدن الشمال المحتلة مع قوات الاحتلال التركي، هو ارتفاع مؤشرات عودة العلاقات (السورية- التركية)، وزيادة الغزل التركي الرسمي للدولة السورية الشرعية.
وأشار الكاتب والمحلل السياسي السوري إلى أن "الواقع المعقد الذي خلقته الدول المناهضة للدولة السورية، بعدما استوردت عشرات آلاف الإرهابيين الأجانب إلى سوريا على أمل انهيار الدولة السورية وتحويلها إلى كانتونات عرقية ومذهبية يمكن لها أن تستوعب الجنسيات المتعددة التي تم حقنها ضمن الجبهات بداية الحرب".
واستطرد الخبير السوري، قائلا: "إلا أن صمود الجيش السوري بدعم من حلفائه، ومن ثم بدء تفكك جبهة الحرب على سوريا، أظهر مشكلة في المقلب الآخر، وبات الأجانب المنضوين في تنظيمات جهادية ممن يعيشون صدمة انسداد الأفق، حيث لا مكان آخر لهم يلجؤون إليه في العالم، وباتوا أمام معركة بقاء بكل معنى الكلمة بعدما نزح التركي من صف (الصديق الأول) وفق تصنيفهم، إلى خانة (العدو الأول) الذي سيقدمهم على مذبح التبدلات الإقليمية والعالمية المتسارعة".
وكشف الكاتب والمحلل السياسي السوري، والخبير في القضايا الاستراتيجية أن أهم العوامل التي تدفع الدولة التركية على العمل على إعادة العلاقات مع سوريا هو (التقارب العربي- السوري ) وعودة العلاقات مع عدد كبير من الدول العربية وعلى راسها الخليجية منها، يضاف إليها زيارة وزير الخارجية التشيكي الأخيرة ورؤساء عدد من الأجهزة الأمنية الأوروبية إلى العاصمة دمشق.
وتابع الدكتور دنورة في حديث لوكالة "سبوتنيك"، بأن التركي يمتلك براعة في قراءة المتغيرات الدولية، ويعمل على الاستفادة منها، في ظل الجهود الروسية الكبيرة والمستمر منذ سنوات، لإعادة العلاقات بين الدولة الشرعية في سوريا، وبين الدول الأخرى، خصوصاً الجارة منها، وفي مقدمتها تركيا.
وبحسب الخبير السوري: "فمن الملاحظ، أن الخطاب التركي الرسمي نزح خلال الآونة الأخيرة من حفرة الخطاب العقائدي الأيديولوجي المرتبط بالإخوان المسلمين، نحو الخطاب الدبلوماسي الدولي في تعامله مع الأزمة السورية، فتحول الخطاب الشهير الذي كان يستخدم عبارات (مهاجرين وأنصار) في التعامل مع قضية اللجوء السوري لديه، إلى خطاب يتكئ إلى مفاهيم دبلوماسية (دولتين جارتين وعلاقات تاريخية وشعبين شقيقين)، وهذا سببه نضوج الجهود الروسية في تعزيز الانفتاح العربي والدولي على دمشق.
وأوضح دنورة من العوامل التي تدفع الدولة التركية لإعادة العلاقات مع سوريا، في سعيها مع الوسيط الروسي هو ملف "الإدارة الكردية" شمال شرقي سوريا، لكن هناك اختلاف في وجهات النظر بين الطرفين، فسوريا وعلى لسان عدد كبير من المسؤولين السياسيين والعسكريين ترفض الوقوف مع طرف خارجي ضد مكونات وأبناء الشعب السوري، معتبرةً أن الملف الكردي هو شأن داخلي سوري، كما هو ملف داخلي تركي.
وأكد الدكتور دنورة أن طبيعة اللقاءات السورية والتركية المرتقبة سيحددها (ترمومتر) التصريحات الرسمية التركية، فكلما ارتفعت الجرعة الإيجابية في هذه التصريحات، كلما ارتقى مستوى اللقاءات المرتقبة، علماً أن كل المعطيات تقول بأن عجلة إعادة العلاقات تسير بشكل متسارع بدرجة كبيرة في ظل الدعم الروسي والصيني المشترك، إلى جانب الدعم العربي السعودي والعراقي والإمارتي المشترك.