وغادر ديفيد بارنياع، رئيس جهاز الـ"موساد" الإسرائيلي، اليوم الجمعة، تل أبيب متوجها إلى دولة قطر، لاستكمال مباحثات صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس الفلسطينية.
وذكرت جيلي كوهين، مراسلة هيئة البث الإسرائيلية، صباح اليوم الجمعة، عبر صفحتها الرسمية على "إكس"، أن "رئيس الموساد سيسافر من تل أبيب إلى الدوحة، لعقد اجتماعات جديدة مع رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني".
يأتي هذا فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس الخميس، إن "جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) تلقى عبر الوسطاء في مصر وقطر، رد حركة حماس على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة".
وفي ظل التفاؤل الحذر، طرح البعض تساؤلات بشأن إمكانية مساهمة هذه الخطوة في إنجاز صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب على قطاع غزة، بعد فشل كل المحاولات السابقة.
فرصة مهمة
اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، شرحبيل الغريب، أن الرد الإيجابي من حركة حماس، والملاحظات التي قدمتها أعطت قناعة لدى الوسطاء في المضي قدماً نحو مفاوضات تفضي لصفقة، وفرص نجاح الجهود المبذولة هذه المرة كبيرة رغم التحديات التي تواجه الصفقة داخليا ورفض أعضاء من حكومة نتنياهو إبرام صفقات.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، عاملان أساسيان يعطيان دفعة جديدة لنجاح الصفقة هذه المرة، الضغوط الأمريكية، وموقف المؤسسة الأمنية والعسكرية في إسرائيل التي تريد هذه الصفقة وتعد موقف حماس فرصة ربما لا تتكرر ثانية.
وأكد أن إسرائيل تدرك أنها غير قادرة على فتح جبهة أخرى في الشمال، والإدارة الأمريكية لها حساباتها، وبالتالي الحرب استنفدت أهدافها، والكل بات في أزمة، وهذا هو التوقيت الأنسب للمضي قدماً في مفاوضات صفقة تبادل للأسرى.
وتابع: "أستطيع القول إننا في الطريق نحو الصفقة، وانطلاقا من أن كل الأطراف في مأزق، حيث حاصر نتنياهو نفسه بمعايير النصر، التي لا تتوافق مع مفاهيم الحروب غير المتناظرة، وحماس لا يمكنها المبادرة بوقف إطلاق النار من جانب واحد، أو القبول بصفقة على الأقل نظريا تفتح الطريق لوقف دائم لإطلاق النار".
وأوضح أن "حزب الله" ربط مصير المعركة في الشمال بوقف الحرب في غزة، وقواعد الردع تفرض على إسرائيل و"حزب الله" الامتناع عن التصعيد لدرجة الحرب، وبالتالي الجميع محاصر بأطواق الحرب، ستدفع الجميع الى التقدم بخطوات تساعد الطرف الآخر للتراجع، وهذه مهمة الوسطاء، حيث أن تكلفة الحرب تضغط على الجميع للاستجابة للمقترح المقدم والعمل على تطبيقه.
ضغوط مطلوبة
في السياق، اعتبر ثائر نوفل أبو عطيوي، المحلل السياسي الفلسطيني، أن التعديلات التي كشفتها بعض وسائل الإعلام والتي أدخلتها حركة حماس على الورقة الإسرائيلية الأخيرة للتوصل إلى هدنة في غزة، لا تمس المسائل الجوهرية للتوصل إلى صفقة، حيث أبقت على مواقفها من تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من كافة مناطق القطاع.
وبجسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أبقت الحركة كذلك على شروط عودة كافة النازحين إلى مناطق سكنهم، والانسحاب من محور فيلادلفيا ومعبر رفح، ورفضت حماس "فيتو" على إطلاق سراح ذوي الأحكام المؤبدة، مع إبداء المرونة من جهة أخرى في معالجة البندين 8 و 14، من أجل ضمان استمرار المفاوضات حتى التوصل لوقف إطلاق النار الدائم.
وقال إن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية أكدوا أن رد حماس والتغييرات التي طرأت على الصفقة كافية للمضي قدما في المحادثات، فيما أوضح المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أن هناك مراجعة مع مصر وقطر لرد حماس على مقترح الصفقة، كما أعلنت إسرائيل تلقيها رد حماس من الوسطاء وتقوم بدراسته، مضيفًا: "من التجارب السابقة للمباحثات والمفاوضات للوصول إلى هدنة، فإن الأمر لا يزل قيد البحث والدراسة من قبل نتنياهو الذي يريد الاستمرار بالحرب لما لا نهاية".
ويرى أنه من الممكن أن تواصل إسرائيل ممارسة الضغوط العسكرية والدبلوماسية على حماس من أجل تأمين إطلاق جميع الرهائن الـ 120 المتبقين، بما في ذلك أربعة محتجزين منذ ما قبل الحرب الحالية، هذا في ظل أن حماس تطلب الانسحاب التام من محور فيلادلفيا (صلاح الدين) ومن محور نتساريم، وعدم تواجد أي قوات إسرائيل داخل قطاع غزة وعودة كافة النازحين لديارهم وفك الحصار وفتح المعابر والبدء في مشاريع إعمار غزة.
وأكد أن الكرة الآن في ملعب إسرائيل من أجل إنجاز صفقة تبادل الأسرى ضمن المقترح المعدل الذي قدمه الرئيس الأمريكي مسبقًا، والتوقعات المستقبلية تبقى مرهونة بموافقة إسرائيل بعد إرسال حركة حماس مواقفتها للوسطاء على المقترح، ومن الممكن ألا يكتب لقبول المقترح الجديد والمعدل الاقتراب أو إنجاز الصفقة نظرا لصعوبة الوضع بين إسرائيل وحزب الله على الحدود الشمالية وتصاعد وتيرة الحرب بينهما.
وفيما يتعلق بالتوصل إلى هدنة، قال إنه بات ضروريًا من كافة الأطراف ذات العلاقة ومن الوسطاء بالضغط بشكل كبير للوصول إلى توافق يقود لاتفاق لتحقيق الهدنة، لأن اليوم نتحدث عن دخول الحرب والعدوان المستمر على قطاع غزة للشهر العاشر على التوالي في ظل أوضاع صعبة ميدانية وإنسانية ، هناك أكثر من مليون و200 نازح فلسطيني يعيشون في خيام وسط ظروف إنسانية مأساوية صعبة للغاية حيث لا طعام ولا ماء ولا دواء ولا غاز ولا كهرباء، هذا من جهة، إضافة إلى سقوط ما يقارب من 38 ألف شهيدا، ناهيك عن الدمار العمراني للمباني السكانية التي طال نصف مباني قطاع غزة ما بين تدمير كلي وجزئي، ما يؤكد أن الهدنة باتت مطلبا ضروريًا لكافة الأطراف.
ويعتقد عطيوي أن الوصول إلى هدنة وصفقة تبادل للأسرى يفتح الأفق للمستقبل القريب لاستعادة غزة عافيتها من جديد على قاعدة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأن حجم الدمار كبير وحجم الخسارة لا يوصف ولا يقدر بثمن، لأن الخسارة هنا خسارة الإنسان الفلسطيني.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد أوضحت أن "حركة حماس أرسلت للوسطاء بأنها لن تمضي قدما بالمفاوضات الدائرة حول إتمام صفقة تبادل الأسرى والرهائن مع تل أبيب دون ضمانات بانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا جنوبي قطاع غزةط، وأوضحت القناة على موقعها الإلكتروني، أن "مطلب حركة حماس ليس من المرجح أن تقبله إسرائيل".
في وقت نقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، عن مسؤول أمني بارز، قوله إن "حماس ما تزال مصرة على بند في الصفقة المحتملة مع إسرائيل، على منع تل أبيب من العودة إلى القتال في قطاع غزة بعد المرحلة الأولى من الصفقة".
وأوضح المسؤول، الذي لم تذكر الصحيفة اسمه أو كنيته، أن "هذا البند لا تسمح به إسرائيل ولن توافق عليهط، مضيفًا أن طهناك ثغرات أخرى في بنود الصفقة لم يتم إغلاقها بعدط، مشيرًا إلى أن "الجيش الإسرائيلي سيواصل الضغط العسكري على قطاع غزة من أجل العمل على إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس في القطاع".
وأفاد مكتب نتنياهو، أمس الخميس، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي أبلغ الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه قرر إرسال وفد لمواصلة المفاوضات بشأن الأسرى برئاسة رئيس الموساد، مشدداً على أن إسرائيل لن تنهي الحرب إلا بعد تحقيق جميع أهدافها.
ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حينما أعلنت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية "طوفان الأقصى"، وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي غالبيتهم من المستوطنين، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميًا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حتى الآن، عن سقوط نحو 38 ألف قتيل و أكثر من 87 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فيما لا يزال أكثر من 10 آلاف في عداد المفقودين.