خبير: لقاء الأسد وأردوغان نتاج لـ"أستانا".. وانسحاب تركيا من سوريا سيحرج الاحتلال الأمريكي

قال الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، الدكتور سليم حربا، إن المبادرة العراقية تتمثل في تأمين مناخات اللقاء بين الرئيسين الأسد وأردوغان كون العراق بموقعه الجغرافي يؤثر ويتأثر سلباً وإيجاباً بتحسن العلاقات السورية التركية أو توترها، إضافة إلى أن رئيس الحكومة العراقية يتميز بعلاقات جيدة ورؤية واقعية مع القيادة السورية والتركية.
Sputnik
وأضاف الدكتور حربا: "أعتقد أن أي دور للعراق سيكون موضع ترحيب حتى من روسيا وإيران كون جميع هذه الأطراف كانت مُمَثَّلة في مسار أستانا، وأيضاً إن تم هذا اللقاء فسيكون إحدى نتائج ذاك المسار، إضافة إلى دور العراق ونجاحه في استقبال اللقاءات والحوارات التي أدت إلى المصالحة والتفاهم الإيراني السعودي برعاية صينية، ناهيك عن أن العراق هو الذي سيستقبل القمة العربية القادمة العام المقبل".

وأوضح الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أن جملة هذه الأسباب المشتركة وموقع العراق وحرصه ومصلحته الأمنية والسياسية والاقتصادية تدفعه للعمل على تحسين التقارب السوري التركي، فالعراق حريص وجاد وناجح ومساهم في عقد هذا اللقاء.

سوريا تدخل "الصمت الانتخابي" وتحظر الإعلانات والأنشطة الإعلامية لمرشحي مجلس الشعب... صوروفيديو

تصريحات أردوغان "انقلاب فعلي"

وبين الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أن تصريحات أردوغان حتى الآن يفهم منها أنها انقلاب فعلي بسياساته وفكره، لكن العبرة في التطبيق وليس في التصريح، مشيراً إلى أن أسباب هذا التحول في سياسة ومواقف أردوغان تعود لأسباب ذاتية تركية أهمها نتائج الانتخابات المحلية البلدية التي لم تأتِ كما يشتهي أردوغان وبالتالي أعطته مؤشرا مقلقا ولا سيما في ظل تقدم حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي يدعو إلى زيارة دمشق ولقاء الرئيس الأسد وإعادة العلاقات مع دمشق.

واستطرد الخبير السوري: "ومن الأسباب أيضا، الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا والتضخم الاقتصادي، وظهور مشاكل عميقة مع اللاجئين السوريين في البعد الاقتصادي والأمني، فضلاً عن أن أردوغان يدرك أن بوابة الدخول إلى العالم العربي سياسياً واقتصادياً هي من سوريا، إضافة إلى كل مؤشرات التعافي في العلاقات السورية العربية والسورية الأوروبية التي بدأت تتجلى وتتصاعد"، مشيراً إلى أن "مصلحة أردوغان تأتي للتخلص من الأفعى والعقرب الذي رعاه ونماه واستثمر فيه وهو الإرهاب أي (هيئة تحرير الشام/ الواجهة الحالية لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي) وملحقاتها التي باتت تهدد الأمن القومي التركي وتُظْهِر نظام أردوغان أمام العالم وتحديداً في أوروبا بأنه يدعم هذا الإرهاب الموصوف بالقانون الدولي".

"أحلام أردوغان" السابقة ذهبت وبدأ عصر الواقعية

وقال الدكتور حربا: "نضيف إلى ماسبق، أن حل ما يدعيه أردوغان من وجود عناصر ومشروع انفصالي كردي لا يمكن حله أو الوصول إلى نتائج مرضية لا لتركيا ولا لأحد إلا بالتنسيق والتعاون مع الدولة السورية وكذلك مع العراق وإيران، وبالتالي نتمنى أن تكون هذه العودة، عودة أردوغان، عودة نصوحة أي الأحلام التي كانت تراود أردوغان ذهبت مع الريح والآن بدأ عصر الواقعية".
أردوغان: يمكنني بالتعاون مع بوتين توجيه دعوة للأسد من أجل تطبيع العلاقات مع سوريا

لا شروط في رد الخارجية السورية

وأوضح الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أن رد وزارة الخارجية السورية هو رد دقيق وهادئ وهادف ومسؤول وغير متسرع ولا يتضمن شروطا بقدر ما يتضمن مطالب موضوعية تنقل الأقوال إلى أفعال وتبدأ بسحب قوات الاحتلال التركي من الأراضي السورية وتتعزز بوقف تركيا ونظام أردوغان دعم الإرهاب قولاً وسلوكاً وعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، مشيراً إلى أنها مقدمات موضوعية ولازمة لنجاح أي لقاء وتقارب وإعادة العلاقات مع تركيا.

وأضاف حربا: "الرئيس الأسد قال إننا منفتحون على أي مبادرة للحل على خلفية تحقيق هذه المطالب ولا سيما أنه لا مشكلة بين سوريا على المستوى الشعبي وبين الشعب التركي"، مبيناً أنه "من الواضح والمنطقي أن التركي يعرف ذلك، وهذا كان مطلباً سورياً في كل جولات الحوار واللقاءات الأمنية والحوارات واللقاءات الفنية والوزارية، وحتى في اللجنة الرباعية التي عقدت في موسكو أكثر من مرة ، والتي يعطي وجود وزير الخارجية التركي "هاكان فيدان" فيها مؤشراً إيجابياً كونه كان سابقاً مسؤولاً وقائداً للوفد التركي إلى كل تلك الجولات واللقاءات والاجتماعات".

انسحاب تركيا سيحرج الأمريكي كقوات احتلال

وقال الباحث السوري في الشؤون العسكرية والاستراتيجية: "من غير المستبعد أن يكون هناك أطراف لا يروق لها التقارب السوري التركي، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ولا سيما أن أي انسحاب تركي من الأراضي السورية سيحرج الأمريكي كقوات احتلال في شمال وشرق سوريا وسيضعف قاعدة الأمريكيين ويفكك عملاءها من "قسد" وغيرهم تحضيراً لإحراج الأمريكي ثم لإخراجه من سوريا".

وأضاف حربا: "الكيان الإسرائيلي الآن بالمطلق لا يريد لسوريا إعادة التعافي والقوة لأن إسرائيل كانت وما زالت تستثمر كأصيل في ما تبقى من المجموعات الإرهابية المسلحة لإشاعة حالة عدم الاستقرار في سوريا وزيادة استنزاف الدولة السورية كأحد جبهات الإسناد السياسية والعسكرية للمقاومة، ولا سيما أن إسرائيل الآن وبعد أكثر من تسعة أشهر لم تحقق أي هدف عسكري إلا المجازر وحرب الإبادة في غزة وتضيق عليها الخيارات لخروجها من المأزق".

التقارب يضر مصالح المجاميع الإرهابية المتعددة الجنسيات

وأشار الدكتور حربا إلى "المجاميع الإرهابية المسلحة بما فيها المتعددة الجنسيات الموجودة في الشمال السوري في إدلب وريف حلب"، مؤكدا أنه "ليس من مصلحتها أيضاً هذا التقارب السوري التركي، وقد تسعى عسكرياً وأمنياً ومن خلال ارتباطها بأجهزة مخابرات أوروبية لعرقلة هذا التقارب، ولا سيما أن أي تقارب سيضع مسؤولية كل تلك المجاميع الإرهابية أمام الدول التي أتت منها لتعود إليها مشاريع إرهاب وهذا يمكن أن يشكل ربما بعض الهواجس أو يدفع بعض أجهزة الاستخبارات الغربية الأوروبية لمحاولة عرقلة هذا التقارب للإبقاء على هذه المجاميع والخرّاجات الإرهابية الموجودة في سوريا".
مناقشة