وينطلق المنتدى، غدا الأربعاء، بمشاركة دول أوروبية ومنظمات دولية عدة، في محاولات تقوم بها حكومة الوحدة الوطنية للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وإيصال رسالة مفادها بأن "ليبيا دولة عبور وليست مصدر للمهاجرين القاصدين دول أوروبا".
في الإطار، قال المحلل السياسي حسام العبدلي، إن "منتدى الهجرة عبر المتوسط، يعد منتدى هام تنتظره حكومة الوحدة الوطنية والساسة في ليبيا، ويواجه العديد من التحديات المهمة".
غياب التنمية الأفريقية
وأضاف العبدلي، في تصريحه لـ"سبوتنيك": "أصبحت الآن الأمم المتحدة وبعض الدول وبعض المنظمات الدولية تعامل ليبيا معاملة دول المصدر، ويجب أن يتم التفريق بين دول المصدر ودول العبور ودول المقصد. ليبيا دولة عبور".
وتابع العبدلي: "تحاول حكومة الوحدة الوطنية من خلال هذا المنتدى أن تصل لدباجة مخرجات وبيان مهم تكون فيه ليبيا دولة عبور وليست دولة مصدر إلى أوروبا".
واعتبر العبدلي أن "التحدي الآخر الذي يواجه هذا المنتدى هو كيف سيتم إيقاف الهجرة من دول المصدر، وتحديدا دول الصحراء منها النيجر وتشاد وبوركينا فاسو والسودان وأفريقيا الوسطى وسيراليون ودول غرب أفريقيا، وكيف يمكن إيقاف هذه الموجات القادمة لليبيا وقاصدة أوروبا".
وأوضح أن "هذا الأمر يتعلق بإقامة مشاريع تنموية لتلك الدول الفقيرة، على أوروبا أن لا تطلب من ليبيا حماية جنوب أوروبا، لابد من إنشاء مشاريع تهتم بتنمية هذه الدول لأن ليبيا دولة عبور وليست معنية بإيقاف هذه الهجرة والمعنيين هنا الأوروبيين، الذين استنزفوا خيرات أفريقيا في السنين الماضية".
وأردف قائلا: "كان هناك مؤتمر للهجرة في مدينة بنغازي، في الفترة الماضية، شارك فيه عدد من الشخصيات السياسية الأوروبية والأفريقية وبعض المنظمات الدولية، ولكن ماهي نتائج هذا المؤتمر، المشكلة الحقيقية هي عدم الوصول للمسات الأخيرة من النتائج التي يجب أن توضح فيها بأن ليبيا دولة عبور وليست دولة مصدر، وليس شرط على ليبيا أن تحمي أوروبا، وإنما على أوروبا أن تعمل على إقامة المشاريع التنموية في الدول الأفريقية التي تقع خلف ليبيا، وليست ليبيا".
واعتبر العبدلي أن "تركيز الأوروبيين في هذا الوقت تحديدا على ليبيا خصوصا هو جعل ليبيا بلاد لتوطين المهاجرين فيها سواء كانوا أفارقة أو من جنسيات أخرى، وبحسب تصريحات وزير الداخلية بحكومة الوطنية عماد الطرابلسي، الأسبوع الماضي، أكد أن هناك 2.5 مليون أجنبي موجودين في ليبيا منهم 99% دخلوا ليبيا بدون وثائق رسمية، يشاركون ليبيا الدعم المقدم لهم من الحكومة من وقود وكهرباء وغيرها".
وشدد على أن "هذا الأمر يحتاج لعمل حقيقي من حكومة الوحدة الوطنية خاصة بين وزارة الداخلية ووزارة العمل، لأن وزارة العمل تسعى لتطبيق نظام الكفيل وهو أن يجب على كل شخص أجنبي موجود على الأراضي الليبية يكون له كفيل ليبيا ومن ينتهي عقد عمله يعود لبلاده وليس البقاء في ليبيا بطريقة غير مشروعة ويحمل ليبيا حمل أكثر من تستطيع".
واستطرد بالقول: "ليبيا، في ظل الانقسام السياسي والأزمات التي تمر بها لا تحتمل بأن يكون هناك عدد 2.5 مليون أجنبي فيها. الليبيون يريدون من يستفيدون منه، مثل الأوروبيون التي تستقبل الهجرة من الأطباء والعناصر الشابة، ولكن في ليبيا لاتعرف من هو المهاجر من المجرم هرب من بلاده، يجب أن يكون هناك تعاون ليبيا أفريقي أمني من الدول المصدرة للهجرة".
وأكد على ضرورة أن "يتم توضيح أن ليبيا دولة عبور وليست دولة مصدر لأنه وبحسب ما شاع عن الأمم المتحدة تم اعتماد قانون بأن ليبيا صنفت دولة مصدر وليست دولة عبور، مثلها مثل الدول الأفريقية وهذا خطأ جسيم، وبحسب اجتماع عبدالحميد الدبيبة مؤخرا في جامعة الدول العربية أوصل رسالة مفادها أن ليبيا دولة عبور وليست دولة مصدر، وبأنه ضد أي قانون يساوي ليبيا بدول المصدر".
وأشار العبدلي إلى أن "أوروبا تعاني من مشاكل سياسية، وأصبحت أوروبا تعاني من أعداد المهاجرين الذين وصلت أعدادهم للملايين، أثقلوا كاهل هذه الدول وتم استقطاع ضرائب من مرتبات الأوروبيين لدعم المهاجرين من دول أفريقيا".
وقال: "فازت عدة أحزاب من اليمين المتطرف مضادة للمهاجرين ومضادة للمهاجرين الذين تحصلوا على جنسيات أوروبية، صعود اليمين المتطرف، بسبب عدم جدية باقي الأحزاب في ملفات الهجرة، على الأوروبيين أن يكونوا جادين في محاربة الهجرة، وليبيا لن تكون بلد توطين المهاجرين".
واعتبر أن "هناك اتهامات ظهرت مفادها اضطهاد للمهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، وأن كانت دول أوروبا ومنظماتها تريد استقبال المهاجرين فإنا ليبيا سوف تتكفل بنقلهم لهذه الدول، ولكن التنظير غير مقبول".
وأكد أن "ليبيا لن تستطيع السيطرة على حدودها ولن تستطيع إيقاف الهجرة، ولا يجب أن تكلف ليبيا ما لا طاقة له به، ولا يجب أن تتحمل ليبيا المسؤولية في ذلك".
غياب السيطرة
من جانبه، يرى المحلل السياسي إدريس احميد، أن "أبرز التحديات تتمثل في ليبيا، وإمكانية إيقافها لتدفق الهجرة غير الشرعية، لأن أغلب المؤتمرات تعقد حول الهجرة غير الشرعية ولم تصل إلى حل".
وأوضح أن "ليبيا وفي ظل الانقسام الذي تمر به لن تستطيع السيطرة على ملفات الهجرة، لأن الهجرة تنطلق من الجنوب وصولا إلى إيطاليا، وبالتالي لن تستطيع ليبيا إيقاف هذا التيار من الهجرة".
وتابع في تصريح خاص لـ"سبوتنيك": "هناك مهاجرون من دول أفريقيا يحلمون بالذهاب إلى أوروبا وهذه المشكلة الحقيقية في ذلك، كما أنهم سببوا العديد من المشاكل في ليبيا وتونس، وزادوا من المعاناة ولم يقوموا باحترام القانون، وجعلوا من شعارات حقوق الإنسان ذريعة للقيام بأعمال تخالف قوانين دول شمال أفريقيا".
وأضاف احميد: "على الرغم من وجود تشريعات وقوانين للحد من الهجرة غير الشرعية إلا أنه لم يتم السيطرة على هذا الموضوع. أوروبا تبحث عن الهجرة القانونية عن طريق التشريعات والقوانين ولكن يراها المهاجرون صعبة وبالتالي يضطرون للهجرة غير الشرعية".
وشدد على ضرورة أن "يكون هناك تعاون دولي للحد من الهجرة في الشرعية خاصة فيما يتعلق في غياب التنمية وهو المشكلة الرئيسية وسيطرة الشركات الاحتكارية والدول الكبرى على الاقتصاد في هذه الدول، مما يعطل التنمية في هذه الدول من يضطرهم للهجرة إلى أوروبا".
وأكد أن "ليبيا تعاني من مشاكل كبيرة سببها المهاجرين الذين يتدفقون بأعداد كبيرة في الجنوب الليبي وربما يفوق عددهم عدد سكان الجنوب. ما ينقص ليبيا هو حاجة الجهات المسؤولة عن الهجرة غير الشرعية تحتاج إلى دعم ورؤية واستراتيجية وغياب الصرف والميزانيات بسبب الانقسام".
وتساءل قائلا: "هل يستطيع هذا المنتدى الذي تنظمه حكومة الوحدة الوطنية في العاصمة طرابلس أن يكون حلا حقيقيا للحد من تدفق الهجرة غير الشرعية؟ نأمل أن لا يكون مجرد منتدى ينتهي بعد انتهاء فعالياته".