هل يشهد العراق سلسلة من العمليات التصعيدية ضد المصالح والقواعد الأمريكية والتحالف الدولي وما تداعيات تلك العمليات على الوضع الداخلي في العراق ومصير المفاوضات التي تجريها حكومة السوداني مع واشنطن..ومدى ارتباط هذا التصعيد بالوضع في غزة والتوتر بين كل من طهران وواشنطن وتل أبيب؟
بداية، يقول غازي السكوتي، مدير "المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية" إن "التصعيد الأخير من جانب الفصائل العراقية المسلحة ضد قاعدة عين الأسد التي يتواجد بها جنود أمريكان بطائرة مسيرة يشكل إعلان نهاية الهدنة التي وقعتها حكومة السوداني منذ فبراير/ شباط الماضي مع تلك الفصائل ومع القوات الأمريكية".
تهديد خطير
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "عودة الفصائل لقصف قاعدة عين الأسد يشكل تهديد خطير بعودة التصعيد والمواجهة المسلحة مع احتمالات العودة إلى قصف السفارة والمصالح والقواعد الأمريكية في العراق في إطار الضغط على حكومة السوداني من أجل اتخاذ خطوات جادة لطرد القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي لمحاربة داعش".
وتابع السكوتي: "لكن في الواقع سوف تبقى المعادلة معقدة جدا، نظرا لأن الحكومة العراقية تذهب باتجاه استمرار التحالف الاستراتيجي مع واشنطن في إطار اتفاقية واشنطن وبغداد في العام 2008 المتعلقة باستراتيجية الشراكة والتحالف الاستراتيجي والاقتصادي والأمني والتكنولوجي والعسكري وغيرها من المجالات".
التسليح العراقي
وأشار مدير المركز العراقي إلى أن "القوات المسلحة العراقية تعتمد اليوم بأكثر من 80 بالمئة من أسلحتها على الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى قضية ارتباط التدريب والتجهيز والدعم اللوجستي والعملياتي والاستخباراتي، نحن أمام حكومة تذهب نحو تأسيس علاقات وشراكة مع أمريكا والغرب، في نفس الوقت نجد الفصائل الحليفة لطهران تتخذ استراتيجية معاكسة تماما في إطار ما يسمونه وحدة المقاومة في سوريا وجنوب لبنان وأيضا في اليمن".
وأكد السكوتي: "اليوم المجابهة بين القوات الأمريكية والفصائل العراقية، هى مجابهة ممتدة إقليميا بصورة التوافق مع امتداد الحرب الإقليمية من جانب إسرائيل على غزة ولبنان واليوم اليمن وما شهدناه من قصف في ميناء الحديدة، لذلك فإن هذا التصعيد يشكل إشارة خطيرة جدا لاحتمالات انفجار الوضع في الشرق الأوسط وربما اليمن والخليج العربي".
الحشد الشعبي
وحول إمكانية دخول الحشد الشعبي للمعارك الحالية بعد تعرض بعض مقراته للاستهداف والتفجير، يقول السكوتي: "في الواقع الحشد الشعبي لم يخرج عن الإطار الحكومي النظامي، لكن ما يجري أن هناك فصائل ليست من الحشد ولكنها تنسب نفسها للحشد والحشد لا علاقة له بما تقوم به من عمليات، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 34 فصيل مسلح عراقي ترتبط مباشرة بفيلق القدس وتتلقى التعليمات والأوامر من الحرس الثوري الإيراني والإمام خامئني بوصفه القائد الأعلى للمقاومة الإسلامية العالمية".
ولفت السكوتي إلى "أننا اليوم أمام أجندة عالمية للمقاومة الإسلامية يقودها الإمام خامنئي، هذه الفصائل المسلحة التي تحدثنا عنها لا تنتشر في العراق فحسب، بل في لبنان وسوريا وحتى في اليمن، لكن فيما يتعلق بالحشد فهو ضمن القوات النظامية ويشارك في العمليات العسكرية والأمنية وغيرها".
إيقاع محدد
من جانبه، يقول عادل الأشرم، المحلل السياسي العراقي: "حقيقة أن الارتباطات الخارجية المتعلقة بالمليشيات أو الفصائل، جميعها تتبع لمركزية واحدة حتى وإن خفتت في مكان وزادت سخونتها في مكان آخر كل هذا يأتي ضمن إيقاع محدد، وهذه المسارات التي ضبطت ضمن معادلة موجودة في حالة الصراع المباشر وغير المباشر الذي تشهده الساحة الفلسطينية تحديدا، نجدها تترك أثرا فيما هو موجود في العراق، وهذه المليشيات نجدها تتبع المركزية التي تحركها، وبالتالي التصعيد من عدمه يعتمد على نوايا المركزية وخططها".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "المركزية التي تأتمر الفصائل بها هى التي تحدد شكل التصعيد ومدى تأثيرة ومتى يعلو ومتى يتوارى أو يخفت، لذا لا اعتقد أن تلك المليشيات من الجدية والثقة بأنها صادقة فيما تطرحه إعلاميا بشأن مناصرتها لغزة والشعب الفلسطيني، نظرا لأن كل تلك الأجهزة مرتبطة بعمليات قتل الفلسطينيين حتى قبل أن تحدث الحرب في غزة، وجميعنا يعلم ما حدث من تهجير للجالية الفلسطينية التي كانت بالعراق ومن الذي قام بتهجيرها وقتلها وفعل الأعاجيب في أبنائها العُزل، نجد أن الفصائل التي تدعي اليوم مناصرة الفلسطينيين هى من قامت بكل تلك الأفعال".
وأشار الأشرم إلى أن "ما يجري يصب في تحقيق مصالح الدول الداعمة لها وعلى حساب دول المنطقة والدول العربية التي احتلتها إيران، ثم إن عملية ضبط الإيقاع المتفق عليه ضمن الحالة الأمريكية، وأعتقد أن الأمور لن تصل بين الفصائل العراقية وأمريكا إلى حالة من التصادم المباشر وهناك خطوط لا يسمح بتجاوزها تحت أي ظرف من الظروف، وهذا ينعكس على كل الجبهات التي مكنتها إيران في البلاد العربية"
وكان السوداني، قد قال في وقت سابق، إن "قدرات قوات الأمن العراقية تنامت بصورة كبيرة تظهر في مستويات الاستقرار والأمن، التي يشهدها العراق في الوقت الحالي".
ولفت السوداني إلى أن "الوضع الأمني في العراق، يؤكد أن بغداد حققت تقدما في ملف إنهاء وجود التحالف الدولي بالبلاد"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية (واع).
أوضح رئيس الوزراء العراقي، أن بلاده تتجه، في الوقت الحالي، نحو إقامة علاقات ثنائية مع الدول الأعضاء في التحالف الدولي بعد إنهاء مهامه.
وأصبح موقف بغداد أكثر وضوحا بالنسبة لإنهاء مهمة التحالف الدولي بالبلاد، منذ تنفيذ واشنطن ضربات جوية على مواقع في سوريا والعراق، قالت إنها كانت مصدرا لاستهداف جنودها فى قاعدة عسكرية بالأردن.
وأعلنت بغداد رفضها للقصف الأمريكي، وقالت إن "استمرار وجود التحالف الدولي في العراق، يزعزع استقرار المنطقة"، كما أكد رئيس الوزراء العراقي أن "القوات الأجنبية لم يعد لها دور في البلاد بعدما أصبح العراق، يمتلك قدرات أمنية متطورة".