رئيس الحراك الجنوبي الحر يكشف لـ"سبوتنيك" عن المستفيد من التصعيد بين "أنصار الله" وإسرائيل

رئيس الحراك الجنوبي الحر ووزير حقوق الإنسان السابق في الحكومة اليمنية، محمد عسكر
أكد رئيس الحراك الجنوبي الحر ووزير حقوق الإنسان السابق في حكومة الشرعية اليمنية، الدكتور محمد عسكر، اليوم الثلاثاء، أن "التطورات الأخيرة والتصعيد المتبادل بين جماعة "أنصار الله" اليمنية وإسرائيل يهدد بانفجار المنطقة بالكامل، وهو ما تسعى إليه "أنصار الله" ونتنياهو لإطالة أمد الحرب".
Sputnik
وكانت تطورات الأحداث في الساحة اليمنية والمنطقة وتداعيات الهجمات المتبادل بين جماعة "أنصار الله" اليمنية وإسرائيل على اليمن والمنطقة ومستقبل الاستقرار والسلام، هي محاور المقابلة التي أجرتها وكالة "سبوتنيك" مع عسكر.
وإلى نص المقابلة:
التطورات الأخيرة في المشهد اليمني والقصف المباشر المتبادل بين جماعة "أنصار الله" اليمنية وإسرائيل.. إلى أين تتجه الأوضاع تهدئة أم تصعيد؟
هذا سؤال الساعة كما يُقال، أعتقد أن ما نشهده من تصعيد في الأيام الأخيرة يدق جرس الإنذار فيما يتعلق بالأمن والسلم الإقليمي والدولي، نحن نعيش اليوم وضع يتحكم فيه المتطرفون، سواء متطرفون في الجانب الإسرائيلي المتمثل بحكومة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو، الذين اختاروا أهدافا إعلامية سهلة لضربها في اليمن بعيدة عن أي تأثيرعلى ميليشيات الحوثي، فيما يتعلق بضرب خزانات الوقود التي تهم أكثر من 20 مليون يمني في ميناء الحديدة، ويستخدمه حوالي 70% من السكان لتدبير احتياجاتهم من الغذاء والمحروقات.
هل تقصد أن الضربة الإسرائيلية لم تكن تريد إضعاف جماعة "أنصار الله" اليمنية فاختارت أهدافا مدنية؟
نعم، لم تذهب الضربة الإسرائيلية إلى مراكز القيادة والسيطرة التابعة للحوثيين أو تذهب لاصطياد قيادات الميليشيات أو تستهدف الصواريخ ومصانع المسيرات، لم تذهب إلى القوارب المفخخة أو إلى أي هدف عسكري، بل ذهبت إلى هدف مدني حتى يكون له بروباغندا إعلامية تسوقها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل أمام شعبيتها المتناقصة، أو لكي يتم إرسال تلك الرسالة الإعلامية إلى الداخل والخارج لتقول إنها لا زالت موجودة.
رئيس الحراك الجنوبي الحر ووزير حقوق الإنسان السابق في الحكومة اليمنية، محمد عسكر
ما الهدف من مثل تلك الأفعال من وجهة نظركم بتلك الصورة؟
لدينا متطرفون ممثلون بجماعة ميليشياوية "أنصار الله" تحاول الهروب من أي حلول تقدمها لمشكلات وأزمات اليمنيين، إذ أن لدينا مشكلات في الأمن الغذائي وأمن الطاقة، وفي الجانب الصحي والتعليمي والتنموي بشكل عام بعد 10 سنوات من الحروب، وهنا نجد أن جماعة "أنصار الله" اليمنية هربت مرتبات المعلمين والمدرسين والقطاع الصحي، وبدلا من البحث عن حلول لتلك المشكلات ذهبت إلى التصعيد في البحر الأحمر، ثم انتقل التصعيد إلى الضرب باتجاه إسرائيل.
هل يمكن لهذا التطرف الذي تتحدث عنه أن يصل بالمنطقة إلى الانفجار؟
أعتقد أن المنطقة على شفا جُرف هار من انعدام الاستقرار بسبب التطرف في الجانبين، ولابد أن يتدخل المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن من أجل نزع فتيل التصعيد، فلو تطاير شرره لن يبقي ولن يذر أي منطقة، لا في الإقليم ولا في العالم.
يرى البعض أن هذا التصعيد الأخير ربما يكون ورقة ضغط على المجتمع الدولي للتدخل السريع لمنع تدهور الأوضاع ووقف الحرب في غزة؟
قراءتي المتواضعة أن خفض التصعيد والتسوية أو السلام خيار غير مطروح على طاولة حكومة نتنياهو حاليا، وليست موضوعة على طاولة جماعة "أنصار الله" اليمنية أيضا، بدليل أن جماعة "أنصار الله" اليمنية رفضت التوقيع على خارطة طريق السلام التي كانت قاب قوسين أو أدنى من أن نمضي فيها لوقف التصعيد واستمرار الهدنة في اليمن، وذهبت بعيدا عن التوقيع إلى خلق حروب جديدة، كذلك حكومة نتنياهو ليس من مصلحتها خفض التصعيد ولا تحقيق تسوية أو سلام، لأنها ستذهب مباشرة إلى الجانب القضائي لأن هناك إخفاقات وقضايا كبرى وتحقيقات تنتظرها، وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ إسرائيل، ما يعني أن مصير وتاريخ نتنياهو نهايته حتمية وواضحة في الجانب المظلم من التاريخ، وبالتالي ليس من مصلحته الذهاب إلى خيار التسوية.
ما الفائدة التي تعود على الحوثي وعلى نتنياهو من هذا التصعيد الذي تتجه له المنطقة؟
أعتقد أن المنطقة تتجه إلى حالة من عدم الاستقرار و التصعيد الكبير، طبعا جماعة "أنصار الله" اليمنية ونتنياهو هم السعداء من الضربات المتبادلة، على سبيل المثال نجد عبد الملك الحوثي سعيد، لأنه يثبت لليمنيين بعد 3 عقود من الحروب والحرائق في اليمن، أنه أصبح أخيرا في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، وهو الآن يستطيع أن يجنّد الأطفال ويحشد الناس لأنه في حرب مواجهة مع إسرائيل، في المقابل نجد أن نتنياهو سعيد أيضا، لأنه يصنع الحرائق في المنطقة، و يرد الصاع صاعين، ويقدم رسالة أنه لا زال الرجل القوي، في ظل الشعبية المتواضعة أو المتناقصة في إسرائيل.
رئيس الحراك الجنوبي الحر ووزير حقوق الإنسان السابق في الحكومة اليمنية، محمد عسكر
إذا استمر التصعيد.. هل تتوقع دخول دول أخرى من المنطقة وما هو مستقبل السلام؟
بكل تأكيد، وكما يُقال "معظم النار من مستصغر الشرر"، إن حالة الحرائق في المنطقة التي تنشرها ميليشيات الخراب المدعومة من إيران وحكومة يمين متطرف في إسرائيل،لا شك أنها ستطول آخرين و يمكن أن تأتي رياح وتنقل الحرائق إلى أماكن أخرى.
الذي أستطيع قوله إننا أمام صراع واضح بين إيران وإسرائيل، هذا الصراع يستهدف السيطرة الأمنية على منطقة الشرق الأوسط، وللأسف الشديد في ظل ضعف الدور العربي، نحن الآن أمام مشروع تفكيك للدولة العربية لصالح ميليشيات، هذه الميليشيات تقوم بحروب بالوكالة لصالح المشروع الإيراني، وهذا يضع المنطقة كلها في في حالة من الخطر، ولن تسلم أي دولة عربية أخرى، لكن نتمنى السلام لكل الدول العربية.
هل تعي الدول العربية لتلك المخططات المرسومة لها؟
حان الوقت أن يفيق العرب، وأن تفيق الدول العربية المعنية، ويعيدوا التضامن والتحالف فيما بينهم لصياغة مشروع حماية ودفاع عربي، وقد كانت هناك مشاريع موجودة من قبل لتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك، من أجل تهدئة الوضع ومنع انتشار الحرائق، وما لم يحدث ذلك، فسوف نظل في خانة المفعول به إلى أمد معين.
هذا ما يتعلق بالصراع الخارجي في اليمن.. ماذا عن الصراع الداخلي بين مكونات الشرعية؟
بلا شك أن حالة الضعف التي تعتري الطرف الآخر المناوىء أو المقابل جماعة "أنصار الله" اليمنية هو الذي سمح لهذه الميليشيات أن تتصرف وكأنها تمثل اليمن دون أن تعبأ بأي مسؤوليات تجاه الشعب اليمني ومقدراته ومصالحه، فتطلق مسيرات وصواريخ إلى جهات أخرى، دون النظر إلى أي عواقب تعود على الشعب اليمني، لأنها غير معنية بالنسبة لها وتنفذ أجندة أخرى.
إن الحل في تقديري يكمن في دعم الحكومة اليمنية الشرعية، وتعزيز قدراتها الأمنية والدفاعية لبسط سيطرتها على كامل التراب اليمني، وعدم ترك الدول لتنهشها الميليشيات، لأن ذلك سيسبب ضررا ليس لمواطنيها في الداخل فقط، وإنما سيسبب أضرارا فادحة على الإقليم وعلى المجتمع الدولي وعلى الأمن والسلم الدوليين.
وماذا عن الخلافات والتباينات بين مكونات الشرعية اليمنية؟
حالة التباين واردة ما بين الأطراف المكونة للشرعية، تحتاج هذه الأطراف إلى تعزيز لُحمتها وتوحيد صفها وتعزيز صناعة أو بناء مشروع حقيقي يجمعهم من أجل المستقبل وترك تبايناتهم خلف ظهورهم، لأن القادم أسوأ في تقديري والتحديات أكبر، ونتمنى أن تعي مكونات الشرعية والقوى المؤثرة فيها، أن تعي دورها وأن تتحرك طالما هناك اهتمام عالمي بملف اليمن لتقديم روشتة علاج الرجل المريض في اليمن (الحكومة والدولة اليمنية)، نريد هيكلة الدولة لتبسط نفوذها وتُؤمن المصالح المحلية والإقليمية والدولية.
رئيس الحراك الجنوبي الحر ووزير حقوق الإنسان السابق في الحكومة اليمنية، محمد عسكر
كيف يمكن توحيد أطراف أو مكونات الشرعية وهم المختلفين في غالبية التوجهات؟
أعتقد الحل هو من خلال الحوار بين هذه المكونات، وقد ظهر تحالف قبل حوالي شهرين أو 3 أشهر، تم إعلانه في عدن من الأحزاب والمكونات الجنوبية بما فيها المجلس الانتقالي، وأعتقد أن على الأطراف المكونة للحكومة الشرعية والداعمة لها عليها أن تتفق على خارطة طريق للمستقبل لمواجهة المشروع الحوثي، لتقديم بدائل أمام المجتمع الإقليمي والدولي لفكرة الدولة، ويجب على المشروع أن يتحدد في كلمة واحدة، وهي فكرة إستعادة الدولة ومؤسسات الدولة.
اليوم، نجد أن العالم والشعب اليمني يطالب بشكل مُلح بعد 10 سنوات بالدولة، الإقليم يريد دولة يتعامل معها والمجتمع الدولي يريد دولة تحمي مصالحه تشارك مع المجتمع الدولي في حفظ الأمن والسلم الدوليين، فما يحتاجه اليمن اليوم هو الدولة وليس سواها والدولة لها عنوان واحد هو الحكومة الشرعية، والحكومة الشرعية حتى تقوى، ولابد من حوار سياسي بين مكوناتها وبصورة صادقة وبدعم إقليمي ودولي لهذه الحكومة في النواحي الأمنية والعسكرية والمالية والاقتصادية حتى تفي بالتزاماتها تجاه المواطن والأمن الإقليمي والدولي، تلك هي روشتة العلاج التي يحتاجها اليمن وليس مزيد من الانقسامات والحروب بالوكالة، بجانب أن اليمن لا يحتاج إلى نقل صراع دولي إليه في قادم الأيام، والذي تسعى إليه جماعة الحوثي بكل قوة، اليمن يقع على مفرق طرق دولي مهم وخطير يؤثر على التجارة الدولية وعلى صناعة الترانزيت والملاحة الدولية والاقتصاد العالمي.
خبير عسكري يمني يوضح لـ"سبوتنيك" تداعيات التصعيد بين "أنصار الله" وإسرائيل على الوضع في المنطقة
هل يمكن أن تصطف الشرعية مع (الأعداء) بحسب بعض التعبيرات التي يتم تداولها لمحاربة جماعة "أنصار الله" اليمنية في البحر الأحمر؟
ليس كل ما يتم ترويجه في وسائل التواصل الاجتماعي تعبر عن قناعات ومصالح الشعوب، لابد من عقلنة الرأي العام وأن يفهم أين هى مصالحه الاستراتيجية، اليمن لديه علاقات متزنة مع أمريكا ومع روسيا والصين ويحظى باحترام متبادل، إن اليمن يتبع سياسة خارجية متوازنة تقوم على عدم الانجرار إلى أي محاور، وتطلب من المجتمع الدولي أن يتوحد كما توحد في قرارات مجلس الأمن في دعم الملف اليمني.
ما الدور الذي يقوم به الحراك الجنوبي الحر الذي تقودونه في الجنوب وعلاقته بالمكونات الجنوبية الأخرى؟
الحراك الجنوبي الحر الذي أشرف بتمثيله، هو أحد مكونات الحراك الجنوبي السلمي، وشارك في مشاورات الرياض منذ عامين تقريبا، وهو عبارة عن تجمع لقوى المقاومة في الجنوب والحراك السلمي والمرأة والمجتمع المدني وبعض التكنوقراط، ويسعى إلى وضع القضية الجنوبية أمام أي عملية سلام قادمة في اليمن، ويعبّر عن الحالة الشعبية الصادقة للقضية الجنوبية كقضية سياسية دخلت في حالة شراكة في الوحدة ثم حدثت حالة إخفاق لها، ونريد أن نرسم المستقبل بالشراكة مع إخواننا في الشمال، كما نؤمن بأن للجنوب الحق في تقرير مكانته السياسية في المستقبل، لكن كل هذا لن يحدث إلا بعد استعادة الدولة اليمنية، ولا يزال الحراك الحر فصيل مستقل يعبّر عن نفسه، ويبني علاقات متوازنة مع الداخل والخارج، وبعيد عن فكرة الوصاية من أي طرف.
أجرى الحوار: أحمد عبد الوهاب
مناقشة