مصالحة داخلية ومبادرة لغزة.. ما إمكانية نجاح حراك الصين في حل الأزمات الفلسطينية؟

أطلقت الصين حراكًا دبلوماسيًا وسياسيًا لحل القضية الفلسطينية، سواء على المستوى الداخلي أو فيما يتعلق بالحرب القائمة على قطاع غزة.
Sputnik
بكين التي استضافت اجتماعا للفصائل الفلسطينية ودفعتها للتوقيع على اتفاق مصالحة ينهي الانقسام، طرحت كذلك مبادرة من 3 مراحل لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وإبرام صفقة تبادل للأسرى.
المبادرات الصينية التي لم تلق ترحيبًا إسرائيليًا رسميًا، لا تزال في طور الطرح، فيما تبقى التساؤلات قائمة عن إمكانية نجاح بكين، سواء على تنفيذ بنود المصالحة أو مبادرتها للحل في غزة.

جهود صينية

قال الدكتور ماهر الصافي، المحلل السياسي الفلسطيني، إنه "منذ بداية حرب غزة، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بذلت بكين جهودًا دبلوماسية لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الحرب، ودعت مراراً وتكراراً إلى وقف إطلاق النار في القطاع وانسحاب القوات الإسرائيلية من كافة الأراضي في غزة، وأعربت عن دعمها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حل الدولتين".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، الاتفاق ممكن أن يبنى عليه إن صلحت النوايا وإن التزمت إسرائيل في الجلوس على طاولة المفاوضات من أجل تنفيذ كافة هذا الخطوات الثلاث.
"الفلسطينيون يحكمون فلسطين".. الصين تقترح مبادرة من 3 خطوات للخروج من المأزق الحالي في غزة
وأضاف الصافي أن "الخطوة ألأولى تتحدث عن تحقيق وقف إطلاق نار شامل ودائم ومستدام في قطاع غزة في أقرب وقت ممكن، وضمان دخول المساعدات الإنسانية، بيد أن المشكلة تكمن هنا بسياسة المحتل الإسرائيلي في إطالة أمل ألحرب واختلاق قضايا جديدة".
وأوضح أن "الخطوة الثانية تطالب ببذل جهود مشتركة نحو حكم غزة في مرحلة ما بعد الصراع بموجب مبدأ الفلسطينيون يحكمون فلسطين"، مؤكدًا أن "غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين، واستئناف عملية إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع في أقرب وقت ممكن يشكل أولوية ملحة، ويتعين على المجتمع الدولي أن يدعم الفصائل الفلسطينية في تشكيل حكومة توافق وطني مؤقتة وتحقيق الإدارة الفعالة لغزة والضفة الغربية".
وشدد على أهمية الخطوة الثالثة التي تتحدث عن مساعدة فلسطين على أن تصبح دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة والشروع في تنفيذ حل الدولتين.

إرادة مطلوبة

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، شرحبيل الغريب، أن "المبادرة التي أعلنت عنها الصين والتي تزامت مع الإعلان عن اتفاق مصالحة فلسطينية، تأتي في توقيت حساس ومهم يمر به الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة وتطهير عرقي لم يسبق له مثيل".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، أي جهود يمكن أن تنصب في صالح تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، هي جهود مهمة جدا في هذا التوقيت، كما أن المبادرة التي دعت إليها بكين، مبادرة ذات أهمية كبرى، لكن من واقع التجربة التي عاشها الشعب الفلسطيني، ولا يزال يعيشها مدى التفاؤل ليس كبيرًا.
وأضاف أن "ما لم تنجح فيه القاهرة لن تحققه الصين وبالتالي لا أعتقد أن يكون هناك أي تقدم في هذا المسار، خاصة في ظل تكرار اتفاقيات المصالحة في اكثر من عاصمة عربية وغير عربية، فيما شهدت القاهرة شهدت جولات مشابهة لهذه الاتفاقية، بالتالي ستكون المبادرة نسخة مكررة من الاتفاقيات السابقة".
وفيما يتعلق بإمكانية نجاح مبادرة المصالحة، قال إن "توافرت الرغبة والإرادة في تنفيذ عملي لمخرجات هذا اللقاء والذي من شأنه أن ينهي حالة الانقسام ويوحد الأراضي والسلطة الوطنية وغيرها من المسارات"، معتبرًا أن "مبادرة بكين للمصالحة محل اختبار لكل الأطراف السياسية لإثبات مدى جديتها في تحقيق الوحدة الوطنية والتوحد في مشروع سياسي فلسطيني يكون قادرا على مواجهة كل التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية".
مصر: الحديث عن مقترح التهدئة في قطاع غزة تسريبات إسرائيلية للتغطية على خطاب نتنياهو
وأوضح الغريب أن "مبادرة الصين هي تكرار لكل المبادرات التي سبق الإعلان عنها في قطر والقاهرة وغيرها من العواصم العربية والأجنبية".
وأعلنت وزارة الخارجية الصينية، أمس الثلاثاء، أن بكين اقترحت مبادرة من 3 خطوات للخروج من المأزق الحالي في غزة.
وجاء في بيان وزارة الخارجية الصينية: "في 23 يوليو/ تموز 2024، حضر وزير الخارجية، وانغ يي، في بكين الحفل الختامي لمحادثات المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وشهد توقيع 14 فصيلا فلسطينيا على إعلان بكين بشأن إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية".
وبحسب البيان، أشار وانغ يي إلى أن "القضية الفلسطينية هي جوهر قضية الشرق الأوسط، وليس لدى الصين أبدا أي مصالح أنانية بشأن القضية الفلسطينية، وكانت الصين من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين".
وأضاف البيان: "في الوقت الحاضر، يستمر الصراع في غزة، وتستمر آثاره في الانتشار، وهناك صراعات إقليمية متعددة مترابطة، وللمساعدة في الخروج من الصراع والمأزق الحالي، تقترح الصين مبادرة من ثلاث خطوات".
وفي وقت سابق من أمس، وقعت الفصائل الفلسطينية إعلانا في بكين، لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وحضر وزير الخارجية الصيني وانغ يي مراسم التوقيع.
وأفاد حينها التلفزيون الصيني، أن قادة من حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين سيلتقون مع الصحفيين في بكين بحضور وزير الخارجية الصيني.
ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من كتوبر 2023، حينما أعلنت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية "طوفان الأقصى"؛ وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي غالبيتهم من المستوطنين، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع، ما أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 39 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 90 ألفا آخرين.
مناقشة