وتفتح زيارة بلقاسم حفتر إلى تركيا الباب أمام تقارب، يرى الخبراء أنه بات ضروريا لحل الإشكاليات بين الجانبين، والانفتاح الاقتصادي، الذي يدفع نحو حلحلة الجمود الواقع في المشهد الليبي.
وكان "الصندوق" الذي يترأسه بلقاسم أعلن، أمس الخميس، أن الطرفين ناقشا سبل تطوير التعاون الثنائي بين البلدين.
ويرى خبراء أن زيارة بلقاسم حفتر لتركيا، لا تعني تخلي شرق ليبيا عن مواقفها الخاصة بإجلاء "المرتزقة" ورفض الاتفاقيات التي لم يوقع عليها البرلمان الليبي، وأن الزيارة تأتي في إطار السعي للتواصل والتقدم على المستوى الاقتصادي، وبحث الجوانب السياسية والأمنية.
وأعلنت أنقرة، في وقت سابق، عن قرب افتتاح قنصليتها في مدينة بنغازي، المغلقة منذ عام 2014، وفقا لوكالة أنباء "الأناضول" التركية.
في الإطار، قال المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي الليبي، محمد السلاك، إن "التغير في المواقف شمل المنطقة، وأنه لا ثابت في السياسة، كما تؤكده حركة التاريخ".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "التغير في المواقف خلال السنوات الأخيرة على مستوى المنطقة، يصب فى اتجاه تطبيع العلاقات، وتجاوز الخلافات والسعى إلى بناء شراكات جديدة، وتعزيز المصالح الاستراتيجية".
تقارب مرحلي
ويرى محمد السلاك أن "شرق ليبيا ليس استثناء من هذه المعادلة، وأنه لا يخلّ بالثوابت المتعلقة بملف الأمن، والموقف من الوجود العسكري التركي في ليبيا، خاصة أن السياقات منفصلة".
ولفت إلى أن "زيارة بلقاسم حفتر، جاءت في سياق بحث مجالات التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين، وملف إعادة الإعمار، باعتبار أن الأخير يتولى إدارة صندوق التنمية، وإعادة الإعمار، وهذا من صميم عمله".
ويرى أن "التقارب وبناء تفاهمات مشتركة مع الدول الإقليمية يسهم بفاعلية في حلحلة الأوضاع، وفك حالة الاشتباك المعقدة التي تشهدها البلاد، شرط التزام الأطراف كافة للدفع باتجاه الحل الشامل وصولا إلى الانتخابات".
من ناحيته، قال وزير الاقتصاد الليبي السابق، سلامة الغويل، إن "السياسة الرشيدة لسلطات الشرق الأمنية والتشريعية، هي من خلقت الثقة لدى الشريك التركي".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "الدول تستطيع أن تقيم العلاقات وفق مصالحها، وتبحت عن الشركاء، في هذا الإطار".
ويرى أن "إقامة العلاقات بين تركيا وشرق ليبيا، هي خطوة طبيعية"، موضحًا أن "الزيارة تعكس مدى التفاهم وإمكانية إقامة التعاون والشراكة، خاصة بعد التقارب المصري التركي، وما تمثله القاهرة بالنسبة لليبيا".
وأخذت العلاقات بين الشرق الليبي وتركيا في العودة إلى الهدوء نسبيا، منذ أن وصل رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، على رأس وفد برلماني العاصمة التركية أنقرة، في زيارة رسمية خلال ديسمبر/ كانون الأول 2023.
ووفق بيان المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب في حينها، التقى عقيلة فور وصوله رئيس مجلس النواب التركي، نعمان كورتولموش، وبحثا عددا من الملفات السياسية والعلاقات الثنائية.
كما التقى صالح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وأكد حينها موقف مجلس النواب بشأن تشكيل حكومة جديدة مهمتها الإشراف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
تعاون بين الدبيبة وأنقرة
وفي مارس/ آذار 2024، وقّع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، وزير الدفاع، عبد الحميد الدبيبة، مذكرة تفاهم مع وزير الدفاع التركي، ياشار غولر، في المجالات العسكرية، في مدينة أنطاليا التركية.
وخلال اللقاء، ناقش الجانبان أوجه التعاون العسكري بين البلدين.
وأكد الدبيبة حينها أن تطوير التعاون بين رئاسة الأركان العامة لقوات حكومة الوحدة ووزارة الدفاع التركية تعد من الأولويات ولها أهمية كبيرة.
اتفاقيات سابقة
وكانت الحكومة التركية وحكومة الوحدة الوطنية الليبية، وقعتا في عام 2022، مذكرتي تفاهم في مجال استكشاف الغاز والنفط في البحر المتوسط.
واعتبر رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، حينها أن هذه الاتفاقيات "غير قانونية وهي إجراءات منعدمة"، لانتهاء ولاية حكومة عبد الحميد الدبيبة، في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.
وأكد صالح أن "التعامل مع الحكومة في ليبيا يجب أن يكون عبر الحكومة الشرعية التي نالت ثقة البرلمان.
وتشهد ليبيا أزمة سياسية متصاعدة في ظل وجود حكومتين في البلاد، واحدة شرقي البلاد مكلفة من البرلمان، وأخرى في الغرب وهي منبثقة عن اتفاقات سياسية رعتها الأمم المتحدة، إذ ترفض الحكومة في طرابلس غربي البلاد، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، تسليم السلطة إلا عبر انتخابات.
وكان من المقرر أن تُجرى أول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا، في 24 ديسمبر 2021، لكن خلافات سياسية بين مختلف أطراف الأزمة الليبية، فضلا عن خلافات حول قانون الانتخابات، حالت دون إجرائها.
اجتماع القاهرة
وقبل أيام، اتفق أعضاء مجلسي النواب والدولة في ليبيا، في القاهرة على "تشكيل حكومة جديدة واحدة تحضّر للانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
ودعا البيان الختامي، لمجلسي النواب والدولة الليبيين، إلى "تشكيل خريطة سياسية لإنهاء الأزمة وصولا للانتخابات، ودعوة مجلس النواب للإعلان عن فتح باب الترشح والشروع في تلقي التزكيات، ودراسة ملفات المرشحين لرئاسة حكومة كفاءات بقيادة وطنية تشرف على تسيير شؤون البلاد".
وتمسك المجتمعون في بيانهم الختامي، بضرورة "إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وفق القوانين المتوافق عليها والصادرة عن مجلس النواب، مع العمل على استمرار توسعة دائرة التوافق، وتقديم مقترح خارطة طريق من قبل أعضاء المجلسين باعتباره المسار الأساسي لاستكمال باقي الاستحقاقات الضرورية للوصول إلى الانتخابات".