وفق الخبراء، فإن مساعي واشنطن إلى نشر صواريخ نووية في كوريا الجنوبية، أو تعزيز قدراتها الجنوبية، يفتح الباب أمام احتمالية الحرب النووية، التي تظل الخيار الأخير أمام الدول التي تسعى واشنطن لتطويقها، بما فيها كوريا الشمالية، وأن هذه العملية تدفع بمواجهة مباشرة بين "الناتو" و"محور الشرق".
وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) أعربت عن اهتمامها بمقترح روسيا لتشكيل هيكل أمني جديد في أوراسيا.
وجاءت تصريحات لافروف خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع الوزاري لقمة شرق آسيا في لاوس، اليوم السبت، قال خلاله: "لا يزال الغرب يروج لاحتواء الصين وروسيا"، مضيفًا أن "شركاء روسيا في رابطة دول جنوب شرق آسيا يدركون جيدا وأظهروا اهتماما بمبادرة الرئيس الروسي بوتين، التي ذكرتها بالفعل، بشأن نظام أمني أوراسي غير قابل للتجزئة ومتساو".
وعن التحالف النووي بين سيئول وواشنطن، أردف لافروف بأن "ثمة عنصرا مقلقا آخر وهو أن الولايات المتحدة أبرمت مؤخرا اتفاقا مع كوريا الجنوبية بشأن التخطيط النووي المشترك". وأضاف الوزير: "في الوقت الحالي لا نستطيع حتى الحصول على تفسير لما يعنيه هذا، ولكن ليس لدينا شك في أن هذا يثير مخاوف إضافية".
سياسة أمريكا والذهاب نحو الحرب النووية
في الإطار، يقول الخبير الاستراتيجي محمد سعيد الرز، إن الولايات المتحدة الأميركية دأبت منذ منتصف خمسينات القرن الماضي، على تعزيز القدرات التسليحية للنظام الانفصالي في كوريا الجنوبية حين نصبت على أرضها عام 1958 صواريخ نووية في مواجهة كوريا الشمالية.
وأوضح: "إذا كان معروفا أن كوريا الجنوبية تملك المواد الأولية لصناعة قنبلة نووية، إلا أن الولايات المتحدة منعتها من ذلك كي يبقى القرار النووي مرهونا بسيطرتها على سيئول، التي طالما أبدت أمام إدارات البيت الأبيض المتتالية قلقها المتزايد من امتلاك بيونغ يانغ السلاح النووي".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن ما سبق أدى إلى استجابة الرئيس جو بايدن خلال الأيام الماضية لمطالب كوريا الجنوبية حين اتفق مع رئيسها، يون سوك يول على توجيه الغواصة الأميركية" يو أس أس كنتاكي" التي تحمل صواريخ نووية، لترابط على شواطئ شبه الجزيرة الكورية، وذلك للمرة الأولى منذ أربعة عقود.
ويرى أن توقيت الخطوة يحمل معطيات عديدة أبرزها أن كوريا الشمالية استطاعت تطوير سلاحها النووي وصواريخها الباليستية، إلى مستوى عال جدا، يستطيع تهديد الولايات المتحدة نفسها.
حصار كوريا الشمالية
وتابع: "في وقت سابق حين أرسلت واشنطن قاذفات، ومقاتلات من الجيل الخامس، هدد الرئيس كيم جونغ أون بتدمير الولايات المتحدة وشبه الجزيرة الكورية الانفصالية في توقيت واحد".
أما المعطى الثاني وفق الرز، هو "أن المعاهدة الدفاعية الروسية الكورية الشمالية، التي وقعها الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره الكوري قبل أكثر من شهر، شكلت مصدر قلق كبير في إدارة البيت الأبيض، كونها خلخلت المعادلات الأمنية الاميركية في المنطقة لصالح تقدم المستوى الدفاعي لمحور الشرق".
ويرى أن هذا التطور الخطير "يترقب معه الرد الذي يمكن أن يقوم به الزعيم الكوري كيم جونغ، خاصة وأنه ينتهج مبدأ التحرك الاستباقي تجاه التهديد الأميركي المباشر لبلاده، ووسط حالة الحصار الأميركية الاقتصادية والغذائية الشديدة لكوريا الشمالية ما يفتح المجال أمام كل الاحتمالات".
استراتيجية التطويق
فيما قال الخبير الأمني المغربي محمد الطيار، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد على "استراتيجية التطويق"، وهي تحركات يمكن أن تدفع نحو مواجهة بين الناتو وروسيا وحلفائها.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن التحركات الأمريكية حول العالم، تدفع نحو مواجهة نووية عالمية، حيث تصبح الخطوة هي الخيار الأخير.
وشدد على أن مساعي واشنطن لنشر صواريخ نووية في كوريا الجنوبية، تعزز احتماليةاندلع حرب نووية، في ظل التوترات القائمة، والتي يمكن أن تنزلق لمستويات متقدمة الفترة المقبلة.
تحذير صيني
كما حذر وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الفلبين من نشر نظام صواريخ أمريكية متوسطة المدى، وذلك خلال لقاء جمعه بنظيره الفلبيني إنريكي مانالو.
ونقلت وكالة "شينخوا" الصينية عن وانغ، أن الصين والفلبين جارتان قريبتان ومن شأن التمسك بحسن الجوار والتعاون المتبادل المنفعة والتنمية المشتركة أن يخدم المصالح الجوهرية للبلدين، مؤكدا أن الدروس الإيجابية والسلبية للعلاقات الصينية-الفلبينية مؤخرا أثبتت مرارا أنه ليس من السهل بناء علاقات جيدة، ولكن من السهل تدميرها.
وحذر وزير الخارجية الصيني من أن علاقات الفلبين ببلاده تواجه في الوقت الحالي صعوبات وتحديات خطيرة، تكمن في انتهاك الجانب الفلبيني المتكرر للتوافق بين الجانبين والتزاماته الخاصة، والسعي بشكل مستمر إلى التعدي على الحقوق البحرية، وتضخيم تكهنات الرأي العام، معربًا عن قلق الصين البالغ إزاء ذلك الوضع ورفضها الشديد له.
سياسة مريبة
وفي وقت سابق، قال البنتاغون إن الولايات المتحدة ستبدأ في عام 2026، في نشر أنظمة هجومية بعيدة المدى في ألمانيا والتي ستتجاوز بشكل كبير الأسلحة الموجودة بالفعل في أوروبا. نحن نتحدث بشكل خاص عن صواريخ "إس إم 6" وصواريخ توماهوك و"الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت".
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، إن روسيا ستطور رداً عسكرياً على الخطط الأمريكية بطريقة هادئة، دون أعصاب وانفعالات.
وأوضح ريابكوف لاحقًا أن روسيا ستختار من بين أوسع مجموعة ممكنة من الخيارات عند تطوير ردها على نشر الصواريخ الأمريكية البعيدة المدى في ألمانيا، دون استبعاد أي خيارات، بما في ذلك نشر أنظمة مماثلة مجهزة بالطاقة النووية.