خبراء: واشنطن تحرك المشهد للحد من التقارب العربي مع "محور الشرق"

أجمع خبراء في العلاقات الدولية بالقول إن واشنطن تقف وراء التوترات في الشرق الأوسط، لقطع الطريق على التقارب العربي مع "محور الشرق".
Sputnik
ووفق الخبراء، فإن واشنطن تخشى التقارب الاقتصادي الكبير بين دول الشرق الأوسط وروسيا والصين، ما يعني تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة.
ويرى الخبراء أن واشنطن تحرك الأحداث بما يضمن بقاء المنطقة ضعيفة دون قدرات اقتصادية كبيرة ودون سلام واستقرار، بما يفرض الحاجة لبقاء قواتها في المنطقة واستنزاف أموال الدول العربية عبر صفقات السلاح.

الاقتصاد والحرب

في وقت سابق، صرّح رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، أن "آسيا ستصبح مركزًا محددًا للعالم لعقود من الزمن، إن لم يكن لقرون، وستضع مجموعة "بريكس" ومنظمة "شنغهاي" للتعاون الأسس للنظام العالمي الجديد الناشئ".
"قبل الانتخابات مباشرة"... خبير بريطاني يحذر من كارثة مرتقبة في واشنطن
وقال أوربان خلال مقابلة: "لعقود من الزمن، إن لم يكن لقرون، ستصبح آسيا المركز المحدد للعالم، مثل الصين والهند وباكستان وإندونيسيا، يتم بالفعل إنشاء المنصات، هناك مبادرة "بريكس"، وهناك منظمة "شنغهاي" للتعاون التي تبني اقتصاداً عالمياً جديداً حول هذه البلدان".
في الإطار، قال البرلماني السوري السابق، مهند الحاج علي، إن "نظرية الاقتصاد هي الدافع للسلام وهي الدافع للحرب، تبقى التفسير الأجدر لما يحدث".
وأضاف في حديثه مع "سبونيك"، أن "ما تشهده منطقة الشرق الأوسط بكل تأكيد هو متوقع، في ظل غياب الاتفاق بين الدول العظمى على شكل العالم الاقتصادي الجديد، والتنافس الكبير بين المحورين".
وأوضح أن "تبني روسيا والصين لمشروع الحزام والطريق، الذي ينتهي مصبه الأخير في منطقة الشرق الأوسط، قد ينعش اقتصادات الكثير من دول تلك المنطقة، التي تناهض سياسات أمريكا والكيان الصهيوني، على حد سواء، وانتعاش الاقتصاد يعني زيادة القوة العسكرية التي قد تؤدي لطرد أمريكا من منطقتنا، لذلك لجأت لتعقيد الأمور بطريقة البروكسي أو الحرب بالوكالة عن طريق ما يسمى بالربيع العربي، ومحاولة ضم القدس وتهويدها".
ويرى أن "واشنطن استغلت عملية "طوفان الاقصى" وتصاعد الأمور لتعقيد المشهد الاقتصادي أمام مشروع الحزام والطريق أو الدول الراغبة في الانضمام لـ"بريكس" أو "شنغهاي"، بعد أن استشعرت زيادة النفوذ الروسي في أفريقيا".
راديو
خبير: كل الاحتمالات مفتوحة لحرب واسعة النطاق في منطقة الشرق الأوسط وإسرائيل تنتظر الرد

مشهد خروج فرنسا

ولفت الحاج علي إلى أن "ما حدث للقوات الفرنسية في غرب أفريقيا، لا تريده واشنطن في الشرق الأوسط، لذلك هي تُبقي على التوترات في المنطقة، التي نشطت فيها الدبلوماسية الروسية والصينية".

وأشار إلى أن "التقارب مع روسيا والصين، يشكل خطرا على المصالح الاقتصادية الأمريكية في الشرق الأوسط، كذلك فإن عملية الاستقرار والسلام والقضاء على التنظيمات الإرهابية، ليس في صالحها، إذ يصبح لا مبرر قانوني لتواجد القواعد الأمريكية في منطقتنا".
وتابع "وبالتالي أمريكا في حالة ضعف واضح، حتى مع تحريك أساطيلها، فإن إدراتها ضعيفة ومشاريعها في أوكرانيا قد فشلت، كما هو الحال في تايوان تفشل، كما بدأت تخسر أفريقيا، في حين أن أوروبا باتت مستنزفة ولا يمكن الاعتماد عليها، ما يعني أن الورقة التي تراهن عليها الآن هي الاستمرار في الشرق الأوسط".

دور مباشر لواشنطن

يقول المحلل السياسي اللبناني، حسن حردان، إن "الولايات المتحدة الأمريكية تلعب دورا مباشرا في العدوان على قطاع غزة، وتوفر كل وسائل الدعم العسكري والسياسي الدبلوماسي لإسرائيل لتحقيق أهداف حربها على غزة".
مضيفا في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "الأهداف التي تسعى لها واشنطن، تتمثل في فرض المشروع الإسرائيلي، القضاء على المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية، بما يعبد الطريق أمام مشروع التطبيع الإسرائيلي في المنطقة، وربطها بالكامل سياسيا وأمنيا واقتصاديا بإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، بما يؤدي إلى قطع الطريق على مشاريع التقارب والتعاون الاقتصادي، التي بدأت بين محور الشرق والدول العربية، والتي امتدت مؤخرا لتشمل دول الخليج، وخصوصا السعودية بعد نجاح الصين في قيادة الوساطة التي أسفرت عن المصالحة بين إيران والسعودية، وعودة العلاقات بينهما وخفض مستوى التوتر الذي كانت أمريكا تقف وراءه".
وتابع: "من هنا فإن واشنطن لها مصلحة مباشرة وحيوية لتفكيك مجموعة دول "البريكس" ومنع توسعها بعد انضمام دول جديدة ذات وزن اقتصادي إليها، لأن هذه المجموعة باتت تضم الدول الصاعدة اقتصاديا وتشكل تحديا كبيرا للهيمنة الأمريكية الأحادية، حيث باتت تنافس وبقوة الاقتصاد الأمريكي الغربي في الأسواق العالمية، مما أدى إلى تراجع كبير في حصة أمريكا والدول الغربية الصناعية من الناتج العالمي وانعكس بخلال في الميزان التجاري لديها".
وشدد على أن "أمريكا تقف وراء دعم الحرب، ودفع المنطقة عبر دعم إسرائيل في عدوانها وحشد الأساطيل الحربية الأمريكية لأجل إبقاء المنطقة والدول والقوى التي تواجه الهيمنة الأمريكية والاحتلال الصهيوني تحت الضغط المستمر ، بهدف إضعافها وفرض الشروط والإملاءات الأمريكية، بما يمكن واشنطن من تعويم هيمنتها الأحادية المتراجعة في المنطقة والعالم".
لافروف: الولايات المتحدة تصب الزيت على النار في صراع الشرق الأوسط
وأردف حردان، بالقول: "أمريكا لا تريد أن تجبر إسرائيل على وقف حرب الإبادة في غزة، قبل أن تتمكن من تحقيق أهدافها وفرض الاستسلام على المقاومة، بما يخلق مناخات الهزيمة الضرورية لفرض مشاريع الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة، ولهذا فإن كل المؤشرات تؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حصل على ضوء أخضر أمريكي خلال زيارته واشنطن للقيام بعدوانه على بيروت وطهران، والذي ترتب عليه اغتيال الشهيدين، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، والقائد العسكري للمقاومة في لبنان فؤاد شكر".

منع التقارب بين روسيا والصين

في الإطار، قال الدكتور عبد الكريم الوزان، إن "واشنطن هي من حرك الأحداث في الوقت الراهن".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "التقارب العربي مع روسيا والصين، دفع واشنطن للعمل على إبقاء المنطقة تحت التهديدات".
ولفت إلى أن "التصريحات الإعلامية والسياسية لا تعبر عن المواقف الحقيقية للجانب الأمريكي، الذي تتطابق مصالحه مع مصالح الاحتلال وبريطانيا".

وشدد على أن "واشنطن تعمل على إدارة المشهد بما يخدم مصالحها، بإضعاف المنطقة، والحفاظ على مصالحها دون حضور روسي أو صيني كبير".

مكانة "بريكس"

في وقت سابق، أكد الباحث في مركز الدراسات الأوراسية المركزية في جامعة مومباي، برامود راي، أن "التحدي الأكبر الذي تواجهه مجموعة "بريكس" هو عدم التحول إلى النموذج والآليات الغربية في عملها".
وقال راي في منتدى "بريكس الدولي للمستقبل"، أن "تجمع بريكس بلس في 2024 ضم 45% من مساحة الأرض، و46% من سكان العالم، أي ما يقارب 46% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وما لا يقل عن 25% من التجارة العالمية، و32% من الناتج العالمي من الغاز الطبيعي، و43% من احتياطات النفط الخام، و38% من واردات النفط العالمية لمجموعة "بريكس" كمنظمة تقوم بعمليات تطورية لبناء نظام عالمي جديد، وهو بالطبع نظام شامل ودون مواجهة".
وأضاف: "هناك جدل يدور حول ضرورة أن تكون بريكس خطوة ثورية جذرية للإطاحة بالنظام الدولي الحالي الموجه نحو الغرب. من وجهة نظري، على الرغم من ظهور مجموعة بريكس كمنظمة موثوقة، حيث تتزايد الرغبة في عضويتها، خاصة من دول الجنوب العالمي، ولا يزال يتعين عليها أن تفعل الكثير لإثبات قدراتها الكاملة وعقلانيتها".
مناقشة