وفي وقت سابق، أعلن وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، أن بلاده ستتخذ إجراءات إضافية ضد فرنسا رداً على موقف باريس الداعم لخطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء الغربية، وذلك بعد سحب السفير من باريس.
تصعيد رسمي
وقال عطاف خلال مؤتمر صحفي في الجزائر العاصمة: "سنقوم بالخطوات اللازمة التي سنعبّر من خلالها عن رفضنا لإقدام فرنسا على خطوة خطيرة على المنطقة والجهود التي تبذل خصيصاً في هذا الظرف لإيجاد حلّ سلمي وسياسي لقضية الصحراء الغربية".
مواقف مشابهة
وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قد أكد نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2021، إنهاء العقد الذي كان يربط بين الشركة الوطنية "سوناطراك" والمغرب، والذي يخص أنبوب الغاز "المغرب العربي - أوروبا" العابر للمملكة المغربية نحو إسبانيا، بعد اتخاذ الأخيرة نفس الموقف الفرنسي الحالي الداعم لمقترح "الحكم الذاتي".
ورقة الغاز
في العام 2023، ذكرت صحيفة "الشروق" الجزائرية، أن الواردات الفرنسية من الغاز الجزائري خلال النصف الأول من العام 2023 ارتفعت بنسبة 92.1 %، وهي تقارب نصف الكمية التي استوردتها فرنسا من الغاز.
كما ذكرت أن "واردات فرنسا من الغاز الجزائري ارتفعت لتبلغ 49.9 % من إجمالي واردات فرنسا من الغاز. وهو ما يجعل الغاز الجزائري أهم مصادر الطاقة في فرنسا".
ووفقا لموقع "الطاقة"، فإن "صادرات الجزائر إلى فرنسا من المحروقات شهدت ارتفاعا كبيرا خلال النصف الأول من هذا العام، وبلغت نموا يقدر بنحو 35.1 %، مقارنة مع نفس المدة العام الماضي".
ووقعت شركة "إنجي" الفرنسية مع شركة "سوناطراك" الجزائرية اتفاقا من أجل زيادة عدد شحنات الغاز والغاز المسال، في يوليو/ تموز 2022.
وينص العقد على توريد الغاز الطبيعي من طرف "سوناطراك" لمجمع "إنجي" عبر خط أنبوب نقل الغاز "ميدغاز"، ومراجعة سعر بيع الغاز على مدى 3 سنوات والممتد حتى سنة 2024.
قال البرلماني الجزائري، النائب بغيجة سعد، إن سحب سفير بلاده من فرنسا، لا يعني قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، يؤثر حتما على الجوانب الأخرى، بما فيها العلاقات الاقتصادية والتجارية والاتفاقيات الحاكمة.
وتابع أن سحب السفير الجزائري من باريس، هو بمثابة إنذار للطرف الفرنسي، العضو الدائم بمجلس الأمن والشريك الفعال في إحالة القضية على اللجنة الرابعة للأمم المتحدة الخاصة بتصفية الاستعمار، ما يعني أن باريس تناقض نفسها.
ويرى أن هناك بعض علامات الاستفهام بشأن الموقف الفرنسي في الوقت الراهن، حيث لم يتخذ الرئيس إيمانويل ماكرون الخطوة، حين كانت لديه الأغلبية في البرلمان.
وأشار إلى أن الجزائر ليس من مصلحتها خلط الأمور في الوقت الراهن، وتستطيع أن تضع مصلحة البلاد في المقدمة، وتتعامل مع الموقف بنفس المستوى.
فيما قال البرلماني السابق، زواني بن يوسف، إن فرنسا كل ما شعرت بتراجع نفوذها تلجأ إلى الضغط بإثارة القلائل والضغط بالمواقف لكل ما من شأنه إغضاب الطرف الجزائري.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الجزائر معروفة بسيادة قرارها وعدم الرضوخ لأي ضغط خارجي، يمس سيادتها الوطنية وهي خط أحمر.
ولفت إلى أن الجزائر تملك الكثير من الأوراق التي يمكن أن تضغط بها من الناحية الاقتصادية، منها اتفاقية الغاز والنفط.
وتابع: "لا يمكن فصل المواقف الفرنسية عن ما يجري اليوم في الشرق الأوسط وفي غزة خصوصا، ولا يمكن فصل الصهيونية العالمية وما تتآمر به على الجزائر من خلال حلفائها".
وقررت الجزائر في 30 يوليو/ تموز، سحب سفيرها لدى فرنسا، سعيد موسى، و"بأثر فوري"، وفقا لبيان من وزارة الخارجية الجزائرية.
وجاء في بيان للوزارة: "أقدمت الحكومة الفرنسية على إعلان تأييدها القطعي والصريح للواقع الاستعماري المفروض فرضا في إقليم الصحراء الغربية".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال في رسالة: "إن فرنسا ترى أن مخطّط المغرب بخصوص الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء في إطار السيادة المغربية هو الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي للنزاع القائم منذ فترة طويلة حول المنطقة".
وتابع ماكرون: "من الضروري مواصلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه المنطقة"، مؤكدا أن "فرنسا ستواكب المغرب في هذه الخطوات لفائدة السكان المحليين".
عقود مبرمة
في يوليو 2023، وقّع الرئيس المدير العام لشركة النفط والغاز الجزائرية "سوناطراك"، توفيق حكار، مع الرئيس التنفيذي لشركة "توتال" الفرنسية، باتريك بويانيه، عقدين في مجال المحروقات، وثالثا لتمديد الالتزامات التعاقدية بين الشركتين لبيع وشراء الغاز المسال، ومذكرة تفاهم في مجال الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة.
نص العقد الموقع بين الجزائر وشركة "توتال" الفرنسية، والخاص بمنطقة "تي إف تي 2"، على استثمارات بقيمة 332 مليون دولار أمريكي، بما يسمح باسترجاع 43 مليار متر مكعب من الغاز، و4.3 مليون طن من المكثفات، و5.7 مليون طن من غاز النفط المسال.
مقترح الحكم الذاتي
في عام 2007، قدّم المغرب مبادرة حول الحكم الذاتي في الصحراء، تضمنت ممارسة سكان الصحراء لحقوقهم من خلال هيئات تشريعية، بالإضافة إلى إقامة هيئات تنفيذية وقضائية.
ورحب مجلس الأمن في قراره رقم 1754، في عام 2007، بالمبادرة المغربية التي وصفها بالجادة وذات المصداقية، مطالباً الأطراف بالدخول في مفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2012، وصل المبعوث الخاص كريستوفر روس، إلى المناطق الصحراوية، الواقعة تحت نفوذ المغرب، وزار مخيمات "تندوف"، جنوب غربي الجزائر، بهدف تسهيل المفاوضات المباشرة بين أطراف النزاع، ومحاولة الوصول لحل سياسي عادل ودائم ومقبول.
وخلال عامي 2013 و2014، فشلت كافة المحاولات الرامية إلى توسيع مهمة بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء.
ويوم الخميس الماضي، أعربت الجزائر عن استنكارها لقرار الحكومة الفرنسية بالاعتراف بخطة "الحكم الذاتي" لإقليم الصحراء في إطار السيادة المغربية.
وأفادت الخارجية الجزائرية في بيان بأنه "تم إبلاغ السلطات الجزائرية بفحوى هذا القرار، من قبل نظيرتها الفرنسية في الأيام الأخيرة"، لكن البيان لم يشر إلى تفاصيل بشأن الإجراء الفرنسي.