حول تداعيات تلك التصريحات على الحرب الدائرة بين الجيش السوداني والدعم السريع وموقف البرهان من مفاوضات جنيف التي دعت لها واشنطن، والترتيبات القانونية والدستورية التي يمكن أن تترتب على الاعتراف الأمريكي ومستقبل العلاقة بين القوات المسلحة والقوى السياسية وغيرها..أجرت وكالة "سبوتنيك"، المقابلة التالية مع المستشار عبد الماجد عبود أمبدي، عضو المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، وأمين الشؤون القانونية وحقوق الإنسان بحركة العدل والمساواة السودانية.
إلى نص المقابلة…
بداية.. كيف قرأت تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو التي يؤكد فيها على أن الدعم السريع لا مستقبل له في السودان؟
تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان توم بيرييلو، بأنه لا مستقبل للدعم السريع في البلاد تزيد من تعقيد المشهد الحالي الذي يحتاج إلى لملمة الجراح والسعي لوقف الحرب بأي من السبل.
ما تداعيات تلك التصريحات وهل تصب في صالح الجيش السوداني؟
أي إدانة لقوات الدعم السريع قبل 15 أبريل/ نيسان 2023 كانت تمثل إدانة للقوات المسلحة بالضرورة، نظرا لأنها وعدد من الأسماء الأخرى تعد قوات "رديفة" للجيش، وأعتقد أن تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، بأن الدعم السريع تاريخه مرتبط بـ الإبادة الجماعية والتطهيرالعرقي في دارفور ولا مستقبل له في السودان، لن تفيد القوات المسلحة بقدر ما تزيد من تعقيد ما هو معقد بالفعل في المشهد السياسي، وأيضا تؤثرعلى دعوة الأطراف لعملية التفاوض.
هل أخطأ المبعوث الأمريكي في توقيت تلك التصريحات في ظل دعوة واشنطن لمفاوضات جنيف؟
إن مثل تلك التصريحات في هذا التوقيت قد تخلق عقبات أمام مساعي وقف الحرب، وأرى أن هذا ليس هو الوقت المناسب للحديث عن تلك الاتهامات، وأن مكانها طاولة العدالة الانتقالية التي أقرتها كل الفعاليات والكيانات السياسية السودانية سواء في (تقدم أو الكتلة الديمقراطية وغيرها).
هل ترى أن تصريحات الخارجية الأمريكية والتي تعترف فيها بالبرهان كرئيس لمجلس السيادة تسير في نفس اتجاه تصريحات مبعوثها للسودان توم بيرييلو بشأن مستقبل الدعم السريع؟
اعتراف أمريكا أو عدم اعترافها بالبرهان لن يغير شيئا على أرض الواقع، كل ما هنالك أنه يعطي تطمينات للحكومة السودانية المقيمة في بورتسودان لدفها للمشاركة في مفاوضات سويسرا المقرر لها 14 أغسطس القادم بصورة أو بأخرى، فإذا كان البرهان قد أتي بالصفة الأولى التي أقرتها وزارة الخارجية الأمريكية في البيان الذي أصدرته والذي يعتبر مؤسسة القوات المسلحة وحدها هى المعنية بوقف هذه الحرب.
برأيك.. ما الأسباب التي دفعت واشنطن للتخلي عن مواقفها بشأن البرهان؟
الولايات المتحدة الأمريكية استدركت الأمر بأن الجيش السوداني يقاتل معه عدد كبير من الحركات المسلحة وكتائب الإسلاميين والمقاومة الشعبية، فبالتأكيد أن أي خطاب موجه للقوات المسلحة بعيدا عن تلك الكيانات سوف يخلق وضع غير جيد في البلاد، لذا فإن تلك التصريحات هى محاولة لجمع كل الكيانات، ومن الأفضل أن يخاطب رئيس مجلس السيادة رغم أنه فقد شرعيته بانقلاب 25 أكتوبر/ تشرين أول 2021، لكن من الأفضل مخاطبته بتلك الصفة من أجل لملمة الجراح وأن تأتي كل الكيانات التي تقاتل من تحته إلى طاولة المفاوضات.
هل ترى أن التحركات الأمريكية تهدف لإدانة الدعم السريع أم لإرضاء البرهان للقبول بمفاوضات جنيف؟
الدعم السريع في المقابل لديه تحالفات وفرق تقاتل معه، وفي رأيي أنه كلما كانت عناصر الاتفاق والحوار محصورة في شخصي (البرهان وحميدتي) وهم يمثلون من تحتهم، أعتقد أن هذا سيكون أفضل ويوفر الكثير من الوقت من أجل الوصول إلى وقف سريع للحرب لرفع المعاناة عن المواطنين بعد أن أصبحت المجاعة على الأبواب، وفي رأيي أن هذه هى فلسفة الولايات المتحدة في معالجة الأمر بصورة غير احترافية ولكنها حاسمة، لأن السلام تحت أي رؤية هو أفضل من الحرب.
برأيك.. هل يمتلك البرهان قاعدة سياسية وشعبية..وما هى الجهات الداخلية التي لا تعترف به كرئيس لمجلس السيادة السوداني؟
الكثير من الشعب والفعاليات والكيانات السياسية والأحزاب السياسية السودانية، لا تزال حتى اليوم تعترف بالفريق عبد الفتاح البرهان كرئيس لمجلس السيادة السوداني، والجهة الوحيدة الغير معترفة بالبرهان كرئيس لمجلس السيادة هى قوى الحرية والتغيير(سابقا)، وتنسيقية القوى الديمقراطية (تقدم) حاليا.
يرى البعض أن حل الأزمة السودانية ووقف الحرب يكمن في لقاء مباشر يجمع بين البرهان وحميدتي.. ما تعليقكم؟
في اعتقادي أن الصراع السوداني ليس صراع سياسي بقدر ما هو قانوني دستوري، وحسم هذا الجدل لن يكون بالندوات السياسية والتصريحات الإعلامية، بل إن المكان المناسب لمناقشة هذه المسألة هى جلسات المحاكم، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الماضية تستمع فقط إلى إعلام قوى الحرية والتغيير لأنه الممثل المدني الحقيقي للشعب السوداني المنادي بالتحول المدني الديمقراطي منذ عقود.
ما هي تبعات الاعتراف الأمريكي بالبرهان كرئيس لمجلس السيادة.. هل يعني هذا العودة إلى الشراكات السابقة بين الجيش والقوى السياسية المدنية؟
مخاطبة الإدارة الأمريكية للبرهان برئيس مجلس السيادة هو اعتراف بالشراكة التي كانت قائمة ما بين الدعم السريع والقوات المسلحة وقوى إعلان الحرية والتغيير في ذلك الوقت، بالتالي أي خطاب أو رسالة تأتي من الولايات المتحدة الأمريكية بالضرورة تأتي في هذا السياق، لأن تلك الصفة لديها تبعات ومدلولات والتزامات دستورية وقانونية، فإذا قبل عبد الفتاح البرهان بأن ينادى بهذه الصفة، هذا في تقديري يعني عودة للشراكة من جديد، وسوف نرى هذا في مفاوضات جنيف في 14 أغسطس/ آب الحالي.
أجرى الحوار/أحمد عبد الوهاب