وقال المحلل السياسي إدريس أحميد بالحديث عن مذكرة التفاهم التي طرحت فيها الكثير من التساؤلات والاحتجاجات والرفض، وأهمها ما هي دواعي هذه الاتفاقية العسكرية في الوقت الذي تسعى فيه ليبيا إلى إنهاء المظاهر العسكرية ووقف إطلاق النار، وبأن هناك قرارات للتوجه نحو البناء والاعمار وتوحيد المؤسسات العسكرية بماذا تأتي هذه الاتفاقية في هذا الوقت.
وأضاف أحميد: "حتى وإن كانت هناك خلافات داخلية في ليبيا لا يعني ذلك السماح والموافقة للتدخلات الأجنبية في البلاد".
واعتبر أن هذه المذكرة التي قدمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الأيام الماضية للبرلمان التركي بشأن وضع القوات التركية الموجودة في ليبيا والتي يضمن حماية قانونية كاملة ودعماً لوجيستيا كاملا للقوات التركية أثناء عملها في الأراضي الليبية، في مجال التدريب لا يمكن أن تبرم الدولة الليبية أي اتفاقيات في هذا المجال العسكري والمدني إلا بعد استقرار كامل في البلاد.
وأكد أن موضوع الحصانة القانونية واسعة حسب الاتفاقية، حسب نص المادة (11) أي إجراء يرتكبه الجنود الأتراك أثناء أداء واجبهم يتم معاملتهم حسب القانون التركي، كما أن هناك نص المادة 12 التي تسمح لهم بحمل الأسلحة الشخصية والعسكرية بارتداء ملابسهم الرسمية أثناء أداء مهامهم وواجباتهم، وهذا انتهاك للسيادة فمن المفترض أن يكون هناك دور للمؤسسة العسكرية في ليبيا.
وتابع المحلل السياسي الليبي: "كما أن هناك المادة السابعة تقول يسمح لهم باستخدام الأراضي الليبية و المجال الجوي والمياه الإقليمية كما يريدون بدون أذن مسبق من الدولة الليبية، لذلك ما حدث هي سابقة لم تحدث من قبل، وقبل عام 2011 لم يكن هناك سماح لأي قوات أجنبية بالتواجد في ليبيا، وهذا ما يتناقض مع الاتفاقيات في دولة مثل ليبيا لأنها دولة في طور البحث عن الاستقرار والحلول، ليتفاجأ الجميع باتفاقية تكبل ليبيا وتنقص من سيادتها في غياب واضح للقانون الليبي والسيادة الليبية".
وأوضح أن "تركيا بتواجدها في ليبيا وجدت فرصا للبحث عن مصالحها الخاصة، ولها تواجد أفريقي في الصومال وإثيوبيا ومالي، تحاول لأن تكون طرف دولي منافس في ظل التنافس الدولي الحالي، وإذا ما تم تطبيق هذه الاتفاقية فإن تركيا سوف تكون حصلت على فرصة ذهبية لها في ليبيا، وشدد على ضرورة أن لا يجب توقيع الاتفاقيات إلا بعد التشاور مع الجهات المختصة".
وأشار إلى أن "هذه المذكرة صلاحيتها ثلاث سنوات وتمدد تلقائيا هي شيء سهل وفرصة حصلت عليها تركيا، ووضعت تركيا شروطها وكأن ليبيا دولة بدون سيادة وهذا ما يتناقض مع السيادة الوطنية، كما أن دول الجوار لن تقبل بهذه الاتفاقية التي تشكل خطرا على سيادتهم".
وأكد أن مثل هذه الاتفاقيات ومنح التواجد لا يتم في دولة تعاني من انقسام، يجب أن يكون هناك رد أممي لأن دولة ليبيا لا تزال تحت الفصل السابع، وليبيا تعاني من غياب سلطة رسمية واحدة، ولا يتم ذلك مع حكومة مؤقتة بقت في السلطة نتيجة لأمور واضحة، يجب رفض هذه الاتفاقية شكلا ومضمونا.
اتفاقيات مكملة
فيما اعتبر المحلل السياسي ناصر أبوديب أن بنود هذه الاتفاقية مكملة للاتفاقيات التي وقعت في السابق في أبريل 2012 أو في نوفمبر 2019 من أجل الدفاع المشترك، وبالتالي هي مكملة للأمور اللوجيستية ما لهم وما عليهم، وإن كان الأمر عسكري بحت.
وتابع أبوديب في تصريحه لـ سبوتنيك": "هذه الاتفاقية مكملة للدفاع والتدريب للعناصر العسكرية للقوات في غرب ليبيا، وأن تركيا تسعى لدعم وتعزيز هذه الاتفاقية، خاصة في ظل الاصطفافات التي تحدث في ليبيا حسب التحالفات".
وأوضح أن الحديث عن الاتفاقية في هذا الوقت لكل مؤسسة أو حكومة في وقت معين وتسريب لبعض الوثائق وهو ذكر دور الحلفاء في هذا الوقت، خاصة وأن القوات التركية قدمت دعم كبير في غرب ليبيا.
ورجح ذلك لأن هناك تحركات كثيرة لبعض القوات في غرب البلاد هذا الأمر جعل حكومة الوحدة الوطنية والحكومة التركية تقوم بتسريب هذه الأشياء.
وقال: "تركيا تسعى لتعزيز موقعها في جنوب المتوسط كأي دولة أخرى والقرب من أفريقيا والشرق الأوسط، الجميع يسعى لأخذ حصته من ليبيا سواء في الأمور الاقتصادية أو في جغرافية ليبيا المغرية جداً، بالتالي الكل يريد تثبيت نفسه في ظل هذه الصراعات والانقسامات الموجودة في ليبيا وهذا أمر غير مستغرب أغلب الدول موجودة في ليبيا منذ 2011".
وأوضح أن القرار لم يبقى قرارا داخليا للأطراف الليبية سواء عسكريا أو اقتصاديا أو سياسيا، أو حتى عند الحديث عن الانتخابات والاتفاقيات نجد أن ليبيا مرهونة لأطراف خارجية، حتى البعثة الأممية تعمل بدون رئيس وخوري تعمل بالإنابة، أي أن الصراعات الخارجية والخلافات لها تأثير كبير على ليبيا، وبالتالي فإن السيادة الليبية منتهكة من عديد الدول والأطراف.
لا يعتقد بأن "هذه الاتفاقيات تهدد أمن دول الجوار خاصة العلاقات التي تربط تركيا بالجزائر جيدة، وأن هناك تواصل سياسي بين تركيا ومصر، تركيا تريد تفعيل اتفاقية مع ليبيا لشرق المتوسط في الغاز، مصر تريد أن تكون حليف مع تركيا لإيجاد حل لليبيا من أجل مصالحهم المشتركة، وبالتالي هذا لا يؤثر".
وأكد أن "الأراضي الليبية أصبحت مستباحة من الجميع، ولم نسمع أو نشاهد أي ردود فعل من دول الجوار التي تعاني أغلبها كالسودان والنيجر ومالي أو الدول التي تفتقد للديمقراطية".