خبراء يحذرون من تداعيات خطيرة بشأن أزمة محافظ "المركزي" الليبي

حذر خبراء من الخلاف الحاصل حول منصب محافظ "مصرف ليبيا المركزي"، بعد إعلان الرئاسي الليبي إقالة الصديق الكبير، وتعيين محمد عبد السلام الشكري محافظا للمصرف.
Sputnik
وقال خبيران إن الخلاف الحاصل يؤثر على مستوى الثقة في التعامل مع المؤسسات الليبية، ويترك أثارا سلبية على مستويات اقتصادية متعددة، بالإضافة لحالة الاحتقان، والآثار التي تنعكس على الشارع الليبي.
بدأ الخلاف بين الدبيبة والكبير قبل أشهر، فيما ظهر للعلن بعد بيانات مفصلة من المصرف حول الإنفاق والعجز في الميزانية، كان آخرها في مارس/ آذار 2024.
جاء إعلان "المجلس الرئاسي" الليبي، تعيين المحافظ الجديد، وإعادة هيكلة مجلس إدارة المصرف، بعد يومين من صدور قرار رئاسة مجلس النواب بشأن إيقاف العمل بالقرار رقم (3) الصادر في عام 2018 بتكليف محمد عبد السلام الشكري محافظاً لـ"مصرف ليبيا المركزي"، وهو قرار يعد من اختصاص البرلمان وفق الاتفاق السياسي.
البرلمان الليبي يصوت بالإجماع على إنهاء ولاية حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي
رفض "البرلمان" و"المجلس الأعلى"
رفض البرلمان الليبي قرار الرئاسي، كما أعلن المجلس الأعلى للدولة الليبية، أمس الاثنين، استمرار الصديق الكبير محافظا لمصرف ليبيا المركزي إلى حين البت في المناصب السيادية.
وأصدر المجلس الأعلى للدولة بيانا رفض فيه اعتماد المجلس الرئاسي على قرار مجلس النواب رقم 3 للعام 2018 في تسمية الشكري، مبررا ذلك بأنه مخالف للمادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي، حيث لم يكن هناك توافق بين المجلسين لتعيين محافظ المصرف المركزي، وكذلك رفضته في حينه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لذات السبب.
ليبيا... "الأعلى للدولة" يعلن استمرار محافظ المصرف المركزي في منصبه
خلافات بين الصديق والدبيبة
تعود الأزمة لخلافات بين رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ومحافظ المصرف المركزي، الذي رفض صرف كل الأموال التي طلبها الدبيبة، ووزراء حكومته، وفقا لمصادر مطلعة، تحدثت لـ"سبوتنيك".
خلال الأشهر الأخيرة انتقد الكبير، إنفاق "حكومة الوحدة"، وأرسل الكبير خطاباً إلى الدبيبة، تناول فيه التحديات المالية التي تواجه البلاد، وفي مقدمتها ازدياد الإنفاق العام بشكل غير مدروس.

تضمن خطاب المصرف للحكومة ولمجلس النواب، في وقت سابق، ما أنفقته الدولة خلال الفترة الممتدة من 2021 حتى نهاية 2023 والمقدر وفقاً لإحصائيات المصرف بنحو 420 مليار دينار ليبي (الدولار يساوي 4.83 دينار في السوق الرسمية)، وهي الفترة التي شغلتها حكومة الدبية، وتستمر في المشهد للآن.

كما أشار إلى ارتفاع بند الدعم من 20.8 مليار دينار بما فيه المحروقات حتى شهر نوفمبر 2021 إلى 61 مليار دينار منها 41 مليار دينار فاتورة استيراد المحروقات في سنة 2022 ومبلغ 41 مليار دينار في سنة 2023، بالإضافة إلى العجز المتوقع في الإنفاق العام بنحو 45 مليار دينار.
تداعيات خطيرة
في الإطار، حذر الدكتور عبد اللطيف الصنقري الأكاديمي الليبي والخبير الاقتصادي، من تداعيات الخطوة على الوضع المالي في ليبيا.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الخلاف الراهن يؤثر على مستوى ثقة المؤسسات الدولية في التعامل مع ليبيا، كما ينسحب على مستوى الاستثمار، بالإضافة إلى تأثر العملة الليبية.
واستبعد الصنقري، استمرار عمل الصديق الكبير و محمد عبد السلام الشكري، على رأس المصرف المركزي في آن واحد، باعتبار أن المؤسسات الدولية لا يمكنها أن تتعامل مع مصرفين.
من ناحيته، حذر خالد الغويل، الخبير الاقتصادي الليبي، من تداعيات الخلاف الحالي حول منصب "محافظ المصرف المركزي"، وما قد يترتب على المشهد الحالي على مستويات عدة.
مصرف ليبيا المركزي يوقف أعماله بالكامل إثر اختطاف أحد مسؤوليه
وتابع: "الخلاف حول منصب محافظ بنك ليبيا المركزي ليس وليد الساعة، ما يتطلب إبعاد المركزي عن الخلافات بين الأطراف، إلى حين توحيد الصف.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الجدل الحاصل حول منصب المحافظ ككل الأجسام السياسية منتهية الصلاحية، خاصة أن الاتفاق السياسي بالصخيرات منحهم التمديد إلى حين الانتخابات، فيما يعتبر "المركزي" من مشمولات مجلس النواب، بالاستشارة مع المجلس الأعلى للدولة.
تضرر العملة الليبية
بشأن العواقب التي تترتب على حالة الخلاف الراهنة حول منصب محافظ "المركزي"، يوضح الغويل، أن العملة الليبية قد تتضرر، بحيث تشهد هبوطا حادا نتيجة الخلافات.
وتابع: "استبعد وقف المعاملات المالية، باعتبار "المركزي" هو صاحب آليات الصرف، وتحديد الآلية، لذلك قد يكون هناك انعكاسات خطيرة نتيجة هذا الخلاف، خاصة أن الأزمة تدار من الخارج".
ومنذ مارس/ آذار 2022، تتنازع حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى برئاسة الدبيبة المتمركزة في العاصمة، والثانية حكومة مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية، ويرأسها أسامة حماد.
منذ عام 2011، البلاد من انقسام مستمر رغم تهيئة دول الجوار للظروف الملائمة من أجل حل الأزمة وإجراء انتخابات تنهي حالة التشتت وتوحد المؤسسات المنقسمة بين الشرق والغرب.
وسبق أن أُجّلت الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي كان من المقرر إجراؤها، في ديسمبر/ كانون الأول 2021 إلى أجل غير مسمّى بسبب الخلافات السياسية المستمرة.
مناقشة