بدأ هذا التدخل يتوسع حتى وصل للمناصب السيادية لاسيما في قطاعي المصرف المركزي والنفط، لا تخفي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرهما تدخلها الواضح في ذلك، الأمر الذي استنكره الخبراء الليبيون واعتبروه انتهاكا واضحا للسيادة الليبية.
انتهاك واضح
قال المحلل السياسي الليبي، جمال شلوف، إنه "من بعد أحداث 2014 في أحداث فجر ليبيا، وطلب مجلس النواب الليبي تدخل الأمم المتحدة، انتهكت السيادة الليبية تماما، ومنذ اتفاق الصخيرات وما نتج عنه من اتفاق سياسي لم يكن حلا أبدا بين الليبيين وإنما كان تكريس للانقسام".
واعتبر شلوف في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن كل الحوارات التي جاءت تحت رعاية دولية هو حوار بين الدول المتداخلة في ليبيا بأدوات دولية، والاتفاق ينتج أجساما عبارة خليط من مصالح الدول المتداخلة في ليبيا.
وأوضح أن كل هذا الأمر أدى إلى تطور آخر في جنيف هو اختيار بعثة الأمم المتحدة للمحاورين بشكل علني، لم يتم اختيارهم من قبل الليبيين بل تم اختيارهم من قبل الأمم المتحدة، وفرض اختيارهم على ليبيا وإنتاج الأجسام الموجودة حاليا.
وقال شلوف إنه "لا يمكن أبدا أن يكون هناك تدخل أجنبي فاضح وفادح في ليبيا كالذي يحدث الآن، وأن تكون هناك سيادة، حكومة الوحدة الوطنية تبحث عن مصالحها الخاصة، واتضح ذلك في مشكلة المصرف المركزي وتعاملها معه هي تريد فرض أمر واقع لأجندة معينة ولا يهمها أبدا ما يعانيه المواطن الليبي من مشاكل اقتصادية على المدى الطويل".
وأكد أن هذه التدخلات الأجنبية سوف تستمر هذه ما لم يستيقظ الليبيون ويستعيد الشعب الإرادة الوطنية ويكون الحل الحوار ليبي بعيدا عن أي مظلة دولية".
تدخل غير مقبول
فيما يرى المحلل السياسي، إدريس أحميد، أن ما حدث في ليبيا عام 2011 هو تدخل أجنبي واضح أراد أن يسقط البلاد ويدخلها في الأزمات المتتالية ونجحوا في ذلك، مع الاحتفاظ بأن هناك مطالب حقيقية للتغير وأن الشعب الليبي يستحق التغيير للأفضل، ولكن هذا التدخل الأجنبي كان يعرف أن ليبيا سوف تنقسم بين مؤيدين للنظام وبين مؤيدين للثورة.
وأضاف أحميد في تصريحه لـ"سبوتنيك": "فشلت حينها أولى محاولات المكتب التنفيذي الذي أراد بعد إعلان التحرير حل المليشيات وجمع السلاح، ولكن مع كل أسف رُفض القرار وولدت تشكيلات جديدة ووجدت أطراف ليبية تتعامل مع الخارج".
وتابع أحميد: "فشلت الانتخابات في عام 2012 بسبب تدخل تيار الإسلام السياسي الذي سيطر على الانتخابات ووضعوا عراقيل لا تزال تعاني منها ليبيا حتى الآن، ثم جاءت انتخابات 2014 ورفضت نتائج الانتخابات وذهب البرلمان إلى مدينة طبرق شرق البلاد لعقد جلساته هناك وحدث الانقسام في ذلك الوقت".
وأضاف: "جاء بعد ذلك المبعوثين الذين من أجل تنفيذ مهام محددة ومهمة، وكانوا يعرفون جيدا أن هناك أطراف لا تريد الحل لليبيا، ولم يصلوا بليبيا إلى حل، ولعل اتفاق الصخيرات كان أفضل ما جاءت به البعثة، ثم جاءت بعد ذلك حكومة الدبيبة عن طريق اتفاق جنيف مع تكرار نفس الخطأ في غياب واضح للشارع الليبي".
وأردف المحلل السياسي: "كان يفترض أن يكون التدخل الدولي وتدخل بعثة الأمم المتحدة تدخل إيجابي في حل الأزمة الليبية، لأنها لم تطبق أي عقوبات دولية على قادة المليشيات أو المعرقلين بصفة عامة، ولكن لا تزال الأمم المتحدة وأمريكا وبريطانيا تتعامل معهم".
وقال عن المناصب السيادية في ليبيا، "لا يعقل أن يتحدث سفراء بريطانيا وأمريكا أو غيرهم عن مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، هذا انتهاك واضح السيادة، ومع كل أسف تتعامل الأطراف الليبية مع هؤلاء".
ويعتقد أن التدخل الخارجي أصبح واضحا في ظل غياب الشعب الليبي، من أجل مصالحهم الخاصة منها ضخ النفط ولا يتحركون إلا عندما يتوقف ضخ النفط والاستثمارات.
ويرى أحميد أن "هذه التدخلات إنقاص للسيادة الليبية وهذا أمر يرفضه الليبيون، مع العام بأن المؤسسة الوحيدة التي تمتلك السيادة هي المؤسسة العسكرية في شرق البلاد، التي تأسست بصعوبة كبيرة وأصبحت تمتلك السيادة والسيطرة".