باحث اقتصادي لـ"سبوتنيك": السياسة المالية للعراق قد تواجه مخاطر كبيرة في الفترة القادمة

أكد الباحث الاقتصادي العراقي، عمر الحلبوسي، أن الأزمات التي تواجه العراق حاليا ومستقبلا لم تأت بشكلٍ مفاجىء، بل جاءت نتيجة استمرار السياسات الخاطئة، أهمها الاعتماد على النفط كمصدر أحادي للاقتصاد.
Sputnik
وقال الحلبوسي في حديثه لـ"سبوتنيك": "إن اعتماد العراق على النفط بشكل رئيسي جعله اقتصاد ريعي متطرف، وهو ما يعني ربط الاقتصاد العراقي بأسعار النفط التي تحكمها الكثير من المتغيرات ويمكن تقلبها بلحظة واحدة، يُضاف إلى ذلك التخلي عن القطاعات الإنتاجية وجعل العراق سوق استهلاكي غير منتج".
وتابع: اعتماد العراق على النفط وإهمال القطاعات الإنتاجية، تسبب في خلق اضطرابات مالية واقتصادية واجتماعية، وجعل العراق أكثر هشاشة في ظل تصاعد مخاطر الركود الاقتصادي واقتراب موعد حدوث أزمة مالية عالمية تطل من أمريكا لتغزو العالم، فضلاً عن التوسع بالمالية العامة عبر موازنات الواقع التي هي سياسية وليست اقتصادية وضعت بشكل مخالف للنظم الاقتصادية وقواعد المالية العامة، بالاعتماد على التكهنات وخلق الوهم المالي لدعم مشاريع غير إنتاجية تستخدم كدعاية سياسية أضرّت الاقتصاد العراقي الذي هو بحاجة إلى مشاريع إنتاجية وليست مشاريع بلا مورد.
لافروف: استثمارات شركات النفط الروسية في قطاع الطاقة العراقية تجاوز 19 مليار دولار
وأشار الباحث الاقتصادي، إلى أن "الحلول تكمن بضرورة ضبط الإنفاق التشغيلي المبالغ فيه والذي يشكل بموازنة 2024 ما يقارب 74‎‎ بالمئة، وضرورة ضبط الواردات الجمركية و الضرائب،إضافة إلى تخفيض رواتب المناصب الخاصة التي تستهلك المليارات شهرياً بلا فائدة تذكر".
وشدد الحلبوسي، "على ضرورة بذل كل الجهود لإيقاف الفساد المالي الذي هو بالأساس أضر بالعراق بصورة أكبر من انخفاض أسعار النفط، وهذه أبسط الحلول التي يمكن للعراق اللجوء إليها سريعا لمعالجة الوضع قبل حدوث الانهيار الاقتصادي".
وأردف الباحث الاقتصادي: "رغم كل ما يعيشه الاقتصاد من أزمات حتى الآن لم نجد تحركاً بهذا الصدد يساعد على تجنب العراق مرحلة الانهيار بسبب تعدد الصراعات السياسية التي تعصف بالبلاد، مع العلم أنه منذ عام 2022 كنت قد أشرت إلى أن هذه الأزمات سوف يعاني منها العراق في عام 2025 ،وأخبرت بأن منحنى الانهيار يبدأ في منتصف عام 2024 ويجب الإسراع بمعالجة الكثير من المخاطر التي أشرنا وقدمنا الحلول لها".
مستشار السوداني لـ"سبوتنيك": السياسة المالية للعراق قد تواجه مخاطر الانخفاض في عوائد النفط
ولفت الحلبوسي، إلى أن "ما يحدث اليوم من أزمات ومخاوف من الانهيار هو نفسه ما ذكرناه منذ أكثر من عامين ويحدث اليوم بنفس الموعد الذي ذكرناه، لكن لم تتم أي خطوة معالجة من قبل الحكومة، وهو ما يجعل العراق يسير بشكل متسارع نحو الانهيار الاقتصادي بسبب عدم اتخاذ خطوات علاجية وتصحيح المسار مالي والاقتصادي، في ظل تفاقم الكثير من الأزمات واستمرار تراجع أسعار النفط".
أكد المستشار المالي للحكومة العراقية، مظهر محمد صالح، أن السياسة المالية للبلاد قد تواجه مخاطر الانخفاض في عوائد النفط، وذلك بسبب انخفاض أسعار النفط عالميا.
وشدد صالح، خلال تصريحات سابقة لـ"سبوتنيك"، على توفير احتياطيات مالية كافية للعام 2025 بشكل ضامن للرواتب والمعاشات التقاعدية.
وقال إن "أسعار النفط شهدت مطلع أيلول/سبتمبر 2024 انخفاضًا ملحوظًا، حيث تراجع خام برنت إلى ما دون 72 دولارًا للبرميل، وإن هذا الهبوط الحاد يُعزى إلى المخاوف المستمرة بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، الذي أثر سلبًا على طلب النفط مما زاد من قلق الأسواق العالمية حول استمرارية ضعف الطلب العالمي على النفط الخام".
مسؤول عراقي لـ"سبوتنيك": 80 ألف طن من القمح الروسي تصل العراق خلال الأيام المقبلة
وأضاف المستشار: "قدر تعلق الأمر بالعراق الذي ما زالت الموازنة العامة الاتحادية الصادرة بالقانون رقم 13 لسنة 2023 (الموازنة الثلاثية) تتحوط بعجز افتراضي سنوي يقارب 64 تريليون دينار وسعر برميل نفط لأغراض تقييم عوائد النفط في الموازنة خلال العام المنصرم بنحو 70 دولار للبرميل كمتوسط سنوي".
وأوضح: "لذا فان السياسة المالية قد تواجه مخاطر الانخفاض في عوائد النفط ولكن تقديرات متوسط بيع النفط العراقي على مدار العام ستكون بنحو يقارب 75 دولارا ، ما يعني أن آثار الانخفاض على إجمالي السنة المالية الحالية هو محدود بالغالب".
ولفت صالح إلى أن "ذلك قد أخذ بالحسبان عند تشريع الموازنة العامة الاتحادية الثلاثية ذلك بتفعيل الإجراءات المالية الاحترازية اللازمة لاستدامة النفقات وعلى وفق الأولويات والمباديء التي خطها قانون الموازنة نفسه سواء في أساليب تمويل العجز أو في ترتيب أولويات الإنفاق العام".
وتابع: "بالتاكيد فإن الرواتب والمعاشات لها الأولوية الأولى في تدابير الإنفاق وكذلك المشاريع الإستراتيجية ذات الأهمية، والأهم من ذلك هو توفير تحوطات مالية كافية للسنة المالية المقبلة 2025 الضامنة للرواتب والمعاشات التقاعدية وتسيير الحياة الاقتصادية على أفضل وجه".
يذكر أن العراق، ثاني أكبر منتج في منظمة "أوبك"، يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط في الموازنة العامة للبلاد لتوفير الرواتب والمعاشات التقاعدية وفي إنشاء المشاريع.
مناقشة