وكيل خارجية سلطنة عمان لـ"سبوتنيك": نطالب بإصلاح جذري لآليات عمل الأمم المتحدة

قال الشيخ خليفة بن علي بن عيسى الحارثي، وكيل وزارة خارجية سلطنة عمان للشؤون السياسية، إن الحرب الهمجية التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة يجب أن تتوقف فورا.
Sputnik
وأضاف في حوار مع "سبوتنيك"، أن سلطنة عمان على تواصل دائم مع المجتمع الدولي والدول الفاعلة في المنطقة من أجل خفض التوترات وعدم التصعيد، لتجنب المنطقة أي حروب مستقبلية.
ونفى المسؤول العماني أي تواصل مباشر مع إسرائيل أو حمل رسائل بينها وبين إيران، كما تحدث عن مجمل القضايا في المنطقة ورؤية السلطنة بشأنها ودورها في بعضها...إلى نص الحوار.

بداية سعادة الشيخ الوكيل كيف ترون خطورة استمرار التوترات في منطقة الشرق الأوسط على السلم والأمن الدوليين؟

تعد منطقة الشرق الأوسط، ذات أهمية حيوية للأمن والسلم الدوليين، وقد يعود ذلك لموقعها الاستراتيجي المهم في العالم بين الشرق والغرب، إلا أن الملاحظ أن هذه المنطقة تواجه تحديات سياسية وأمنية في كثير من الفترات التاريخية.
كما نعتقد أهمية أن تكون هناك رؤية لتثبيت استقرار المنطقة لمصلحة الجميع، إقليميا ودوليا، ولعل أهم القضايا الملحة في المنطقة التي ينبغي العمل من أجل الحل العادل والعاجل لها، هي القضية الفلسطينية، وهي قضية مركزية لدى الشعوب والحكومات العربية منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1948، وبسبب الاحتلال قامت العديد من الحروب على فترات مختلفة، وما زال الصراع حتى يومنا هذا، حيث يتمثل حاليا في الحرب الهمجية الإسرائيلية في غزة، والتي يجب أن تتوقف فورا.
سلطنة عمان: تصعيد التوتر في المنطقة سيزيد الوضع الإقليمي تعقيدا ويعرقل جهود التهدئة

فيما يتعلق بالتوترات بين إسرائيل وإيران...هل أجريتم أي اتصالات بأي من الأطراف حول هذا الملف مؤخرا... وما الذي لمستموه؟

لتجنب المنطقة أي حروب مستقبلية، فإن سلطنة عمان على تواصل دائم مع المجتمع الدولي والدول الفاعلة في المنطقة من أجل خفض التوترات وعدم التصعيد، ولكن ليس لدينا أي تواصل مباشر مع إسرائيل، ولا نقوم بحمل رسائل بينها وبين إيران.

بشأن المساعي الأمريكية من أجل تطبيع العلاقات بين السلطنة وإسرائيل في فترة سابقة... إلى أين وصلت وما الموقف بعد ما شاهده العالم في غزة؟

ليس لدى سلطنة عمان نية في التطبيع مع إسرائيل، والقضية المهمة الآن ليست التطبيع من عدمه، وإنما التوصل لحل القضية الفلسطينية، وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم، وهذا هو الهدف الذي يجب أن يسعى إليه المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وبتحقيق هذا الهدف يجلب الأمن والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط.
كما يلاحظ أن التطبيع الذي تم مؤخرا بين إسرائيل وعدد من دول المنطقة لم يحقق هذا الهدف، بل استغلته إسرائيل للتنكيل بالفلسطينيين والمماطلة والتسويف، دون إعطائهم حقوقهم لقيام دولتهم المستقلة، حسبما نصت عليه القرارات الدولية.
الخارجية العمانية لـ"سبوتنيك": إسرائيل استغلت التطبيع مع بعض الدول للتنكيل بالفلسطينيين

هناك تساؤلات هامة بشأن الموقف العربي من التوترات في المنطقة...هل ترون أن هناك حاجة لموقف عربي حاسم بشكل أكبر... أم ما هي الخيارات المتاحة؟

لا ننكر أن هناك تباينات نسبية في بعض المقاربات تجاه قضايا المنطقة، وهذا عائد بأن لكل دولة عربية في بعض الأحيان خصوصية في المصالح والأولويات، لكن نعتقد أنه بالنسبة للقضية الفلسطينية، فإن الموقف العربي والمطالب العربية موحدة بشأن حق نيل الفلسطينيين حقوقهم.
نحن في عمان دائما ندعو لتوحيد الصف العربي، وقد يكون ذلك من خلال تعزيز دور جامعة الدول العربية، والمنظمات الإقليمية المرتبطة بالعمل العربي المشترك.

على صعيد التحولات الحاصلة على مستوى المنطقة...كيف تنظرون لتعدد القطبية وهل ترون أنه أصبح واقعا؟

التحولات هي سنة الحياة، وأحيانا تكون هناك تحولات إيجابية وأخرى سلبية، لذلك ينبغي على الدول أن تدير هذه التحولات بالطريقة التي تأتي بمزيد من التعاون بين الدول، بحيث تساعد هذه التحولات ليعم السلام والاستقرار العالمي، وبالنسبة لمنطقة الخيلج والشرق الأوسط، بطبيعة الحال من أهم مناطق العالم، التي تتأثر بشكل مباشر بالتحولات العالمية، وتعدد القطبية الحالية عزز التباين في المواقف بين روسيا والغرب، حول قضية أوكرانيا، وكذلك الخلافات الغربية-الصينية فيما يتعلق بتايوان وبعض القضايا التجارية، ونحن في سلطنة عمان نحاول ألا نكون جزءا من هذا الاستقطاب، ونسعى أن يكون هناك تواصل وتفاهم بين الشمال العالمي والجنوب، من أجل تجنيب العالم المزيد من الصراعات.
"أنصار الله" تكشف عن عرض أمريكي وصلها عبر سلطنة عمان مقابل وقف هجماتها في البحر الأحمر

بشأن العلاقات بين روسيا وسلطنة عمان..ما مستوى التنسيق بين البلدين ومستقبل العلاقات خاصة فيما يتعلق بمستوى التطورات الحاصلة؟

العلاقات العمانية الروسية هي علاقات طيبة، يسودها التفاهم والاستقرار، وحظيت هذه العلاقات في السنوات الأخيرة بمزيد من الاهتمام من كلا القيادتين، حيث تلقى السلطان هيثم بن طارق، اتصالا هاتفيا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس/ أذار 2023، ويعد أول اتصال هاتفي على مستوى قيادتي البلدين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، عام 1985.
بالمناسبة أيضا هناك حاليا استعدادات من الجانبين العماني والروسي، للاحتفاء بمرور 40عاما على تدشين العلاقات الدبلوماسية، كما شاركت عمان هذا العام كضيف شرف، في منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي في دورته الـ 27، ولوحظ أن مستوى الزيارات المتبادلة تتطور باستمرار.
كما أصبحت موسكو إحدى الوجهات السياحية الهامة للعمانيين في الصيف، وهناك اهتمام متزايد من السياح الروس لزيارة سلطنة عمان، وزرت موسكو في يونيو الماضي، لترؤس وفد بلادي في جلسة المشاورات السياسية بين بلدينا الصديقين، وأجريت خلالها مع صديقي معالي ميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي، المناقشات لتبادل الرؤى والأفكار حول سبل تطوير العلاقات بين بلدينا، كما يتشارك بلدينا في المواقف نحو القضايا الإقليمية والدولية، ونقدر في سلطنة عمان موقف روسيا من القضية الفلسطينية ودعمها لإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه ودولته المستقلة.
الخارجية العمانية: نتشارك في المواقف مع روسيا بشأن القضايا الإقليمية والدولية

كيف تنظرون لدور روسيا في حل الصراع بمنطقة الشرق الأوسط وخاصة القضية الفلسطينية؟

بالطبع لروسيا دور مهم في قضية الشرق الأوسط فهي عضو دائم في مجلس الأمن، ولها علاقات تاريخية مع كافة دول المنطقة، ومواقفها معروفة ومقدرة تجاه القضية الفسلطينية، ونحن ندعم كل الجهود التي تقوم بها روسيا وكل الدول الكبرى، لحل هذه القضية. وهناك بيننا وبين الأصدقاء الروس تشاور وتبادل للرؤى حول القضية الفلسطينية، والقضايا الإقليمية الأخرى.

هناك تقديرات تشير لاحتمالية اندلاع مواجهة كبرى بالمنطقة... هل ترى أن بعض الأطراف تدفع نحو هذه الحرب... وما إمكانية تجنبها؟

التقديرات المبدئية، التي نراها في سلطنة عمان، تشير لعدم اندلاع حرب كبرى في المنطقة، وبالرغم من أن إسرائيل تمارس الكثير من الاستفزازات سواء في غزة أو بعض دول المنطقة، إلا أننا نعتقد أن دول المنطقة لديها من الحصافة والعقلانية، بحيث أنها لن تجر المنطقة لأتون حرب جديدة، ونحن نعول ونتعاون مع جميع دول الإقليم، والعالم لتجنيب المنطقة الحرب، ودائما ما نؤكد أن الأصل فيما يحدث من توترات في المنطقة هو ما تقوم به إسرائيل من حرب إبادة في فلسطين، ولذلك نطالب بوقف فوري لإطلاق النار.

منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية بدت المنظومة الدولية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن منحازة أو أصيبت بخلل.. هل ترون أن هناك ضرورة لمراجعة الآليات ونظام عمل المؤسسات بما يسهم في القيام بدورها الهادف لحفظ السلم والأمن الدوليين وليس الانحياز؟

مسألة إصلاح الأمم المتحدة وملس الأمن، قائمة ومستمرة منذ زمن، وحتى قبل الأزمة الأوكرانية، ولكن هذه المطالبات تتجدد مع كل أزمة دولية، ونحن كعرب لا نعتقد أن آليات الأمم المتحدة الحالية تساعد على فرض الحل العادل للقضية الفلسطينية، وهذا الانطباع تعزز مع الأزمة الأوكرانية، وأغلبية دول العالم، وبالأخص دول العالم الثالث، ومنها عمان نطالب بإصلاح جذري لآليات عمل الأمم المتحدة، وهناك لجان خاصة لمراجعة ذلك، ولكن بحكم تباين المصالح بين الدول الكبرى، وخاصة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، تواجه هذه الإصلاحات كثيرا من الصعوبات.
خبراء: التوجه العربي والأفريقي نحو روسيا والصين يحقق التوازن ويتيح المزيد من الفرص

ما الدور الذي يمكن أن تلعبه روسيا والصين حاليا من أجل حفظ الأمن والسلم الدوليين؟

روسيا والصين من الدول الكبرى والمهمة في العالم، وهما أيضا أعضاء دائمين في مجلس الأمن، وذلك يحملهما مسؤولية كبرى فيما يتعلق بمسائل الأمن والسلم الدوليين، ونحن في عمان نؤمن بأن الأمن والسلم الدوليين لا يتحقق بدون وجود، التعاون والتفاهم بين الدول الكبرى كافة، وبالأخص الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، مع وجوب الأخذ في الاعتبار تطلعات الدول الأخرى.
كما نشجع دائما بضرورة التوافق العالمي من أجل التغلب على التحديات التي يواجهها الإنسان في عصرنا الحديث، سواء السياسة أو القضايا الأخرى، التي تتعلق بالبيئة والمناخ والطاقة والتنمية المستدامة.

برأيك هل قاربت الأزمة في اليمن على التسوية بين الأطراف وهل من دور لعمان في هذا الإطار؟

لا استطيع القول في هذه المرحلة، أن الأزمة اليمنية قاربت على التسوية، لكن ما استطيع قوله، أن الأزمة اليمنية الحالية تجاوزت الصراع المسلح، وتوقفت البنادق، وهذا بحد ذاته إنجاز، ونحن في عمان سعينا لتحقيق ذلك، ونقد مواقف الأطراف اليمنية ودول الإقليم المعنية في هذا الشأن.
بالطبع كما يعلم الجميع، تقوم سلطنة عمان بدورها في الدفع نحو التوصل إلى حل سلمي ودبلوماسي للقضية اليمنية، ونحن على تواصل مع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية، والأمم المتحدة، وللأسف ما حدث في غزة يبدو أنه أثر بشكل أو بأخر على التوصل لتسوية في اليمن، ومع هذا فإن الجهود العمانية مستمرة، ونعتقد أن كافة الأطراف لديها الرغبة للتوافق على رؤية خارطة طريق لإخراج اليمن من أزمته الحالية، وسيكون لصالح اليمن وشعبه أولا، ولصالح المنطقة والعالم.
إيران تؤكد إجراء محادثات غير مباشرة مع أمريكا في سلطنة عمان

اتصالا باستئناف العلاقات بين السعودية وإيران... إلى أي مدى ساهمت الخطوة في الهدوء بمنطقة الخليج؟

بالطبع عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران ساهم في استقرار المنطقة. دولتان رئيسيتان في المنطقة، والتفاهم بينهما ضروري، وهذا مسعى وهدف عملت عليه سلطنة عمان منذ فترة طويلة، ونحن سعداء أن كان لنا دورنا في هذا الموضوع، ونعتقد أن كلا الدولتين لديهما الرغبة لتجنب وحل أي مشكلة تظهر في طريق تعميق التعاون بينهما، ونعتقد أن التفاهم السعودي-الإيراني سيكون له انعكاسات إيجابية على القضايا الأخرى في المنطقة، ولذلك يجب على كل دول العالم تشجيع التوجه بين البلدين.

في الختام نود التعرف على توجهات جلالة السلطان بشأن ما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟

وكان السلطان هيثم بن طارق، قد أعلن تضامن السلطنة مع الشعب الفلسطيني الشقيق، ودعم كافة الجهود الداعية لوقف إطلاق الهجمات على الأطفال والمدنيين الأبرياء، ودعوة المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته لإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وما تقوم به الدبلوماسية العمانية مستمد من توجيهات جلالته، والموقف العماني من أحداث غزة يعكس التوافق بين رؤية القيادة وموقف المواطنين العمانيين المساندين للقضية الفلسطينية.
أجرى الحوار/ محمد حميدة
مناقشة