وحول أهداف التحالف ومكوناته وتوقيته وعلاقته بالجيش والدعم السريع والقوى المدنية الأخرى، أجرت "سبوتنيك" المقابلة التالية مع نجم الدين دريسة، أمين الإعلام والمتحدث الرسمي باسم تحالف القوى المدنية المتحدة في السودان "قمم".
إلى نص المقابلة…
**بداية..ما هو تحالف القوى المدنية المتحدة "قمم" الذي تم تدشينه في أوغندا؟
*تحالف القوى المدنية المتحدة هو تحالف جديد يضاف إلى جملة التحالفات الموجودة في المشهد السياسي السوداني ويكملها ولا يتناقض معها، والهدف منه هو توسعة الجبهة المدنية العريضة من أجل وقف الحرب.
** ما هي مكونات هذا التحالف من القوى والأحزاب السياسية؟
* تحالف القوى المدنية المدنية المتحدة (قمم) هو تحالف مدني عريض تم تدشين عمله بالداخل ورئيس هذا التحالف هو (هارون مديخير)، وما يميز تحالف القوى المدنية المتحدة أنه ملتحم بالجماهير والشعب بصورة أساسية، ومكونات هذا التحالف هى الكتل المدنية والسياسية، علاوة على الاهتمام بصورة أساسية بالقوى الناهضة من الشباب والمرأة، علاوة على قوى الريف من الرُحل والرعاة، حيث ظل السودان على مدى سبعة عقود يتواجد في أحزاب مدنية نخبوية ولم يكن هناك أي تواجد شعبي داخل تلك الأروقة، بالتالي ظلت تلك النخب تستأثر وتحتكر القرار السياسي، في نفس الوقت هناك طيف عريض جدا من الشعب السوداني بعيد كل البعد عن المسائل الخاصة باقتسام السلطة والثروة التي كانت توزع بين النخب، وظل الطيف الشعبي على الرصيف بعيدا عن أي قرار.
**إذًا هذا التحالف هو تحالف شعبي وليس نخبوي كما في باقي التكتلات السياسية الحالية أو السابقة؟
* نحن في تحالف "قمم" نحاول معالجة كل الاختلالات التي عانى منها الشعب خلال العقود الماضية حتى هذه اللحظة، السودان خلال تاريخه الطويل مر بتحالفات كثيرة جدا منذ التحالف الأول خلال خمسينات القرن المنصرم والذي كان ينقسم إلى طرفين، تحالف الاستقلال والذي كان يقوده حزب الأمة والآخر هو تحالف الاتحاديين والذي كان يرفع شعار الوحدة مع مصر، وفي السبعينيات تشكل تحالف الجبهة الوطنية والذي كان يتكون من حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية لمناهضة نظام الرئيس النميري بعد انقلاب 1989 والذي قام به الرئيس المعزول عمر البشير، ثم تشكل بعد ذلك التحالف الوطني الديمقراطي والذي كان يتشكل من حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي السوداني والحركة الشعبية لتحرير السودان وقوى أخرى مدنية وسياسية.
**هل استمرت التحالفات السابق ذكرها بعد قيام الورة السودانية؟
*جميع التحالفات السابقة كانت قبل اندلاع الثورة في السودان، وبعد الثورة تكوّن تحالف قوى الحرية والتغيير والذي كان يتكون من 4 أو 5 أجسام سياسية منها (قوى نداء السودان والقوى المدنية والاتحاد المعارض والمدنيين)، ثم انقسم الحرية والتغيير بعد ذلك إلى المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية، وأعتقد أن معظم التحالفات السابقة كانت تحمل عناصر فنائها داخلها، لأنها لم تقم على أسس موضوعية والدولة تأسست منذ الخمسينات لصالح النخب، ولم يكن الشعب جزء من الدولة، كل الأحزاب التي تأسست في الخمسينات كان هدفها مناهضة الاستعمار، وعندما ذهب الاستعمار فشلت في إدارة الدولة والتنوع والاختلاف.
**ماذا يعني فشل الأحزاب في إدارة التنوع والاختلاف وإدارة الدولة؟
* الأحزاب السياسية عندما واجهت الواقع بعد زوال الاستعمار فشلت في إدارة الدولة وأيضا في إدارة التنوع والاختلاف الذي يذخر به السودان، فالسودان بلد زاخر بالموارد والمقدرات وبه تنوع واختلاف كبير جدا، وهو ما فشلت بامتيازالنخب السياسية في إدارته، بل صار السودان يوصم بالدولة المصابة بـ (لعنة الموارد)، فبلد به كل تلك الموارد والمقدرات وعلى مدى عقود طويلة يعاني شعبه من الفقر والجهل والتخلف والكثير من الأمراض بسبب عدم القدرة على إدارة الدولة ومواردها.
**تتحدثون عن فشل النخب في إدارة الدولة ومواردها..هل هذا يعني فشل الجيش لأنه كان على رأس السلطة؟
* الجيش السوداني تم تكوينه قبل ميلاد الدولة السودانية بما يقارب ثلاثة عقود وكان يسمى باسم (قوات دفاع السودان) عام 1925 ، وبالتالي لم يحدث أي تطور لتلك المؤسسة، بل كان الجيش عرضه للاختراق السياسي من قبل الأحزاب الأيديولوجية والعقائدية، حيث اخترق الشيوعيون المؤسسة العسكرية وقاموا بعمل انقلاب في العام 1989، وقبلها في عام 1777 آثر الإسلاميين البقاء مع نظام الرئيس النميري وقتها، بعد تلك الانقلابات بدأ السودان يعاني من حالة عدم استقرار، وأعتقد أن السبب الرئيسي للحرب الدائرة الآن هو عدم القدرة على إدارة التنوع والاختلاف وتم ترحيل كل المشاكل والأزمات السياسية إلى أن وصلنا لما نحن فيه اليوم، فمثلا ليست هناك عدالة في توزيع المناصب والموارد وحتى في أفراد الجيش من ضباط وصف، وظل الجيش يتدخل في العمل السياسي بشكل سافر جدا.
**تقول إن تحالف "قمم" يعود بالبلاد إلى أصحابها الذين تم تجاهلهم طوال العقود الماضية "الشعب"..هل يعني ذلك أن تحالفكم هو تحالف وتكتل لقوى الهامش؟
*هذا التحالف لا نستطيع أن نطلق عليه تحالف قوى الهامش، بقدر ما هو تحالف مدني عريض يضم مجموعات من كل القوى المدنية تقريبا بخلفيات سياسية وفكرية واجتماعية ومناطقية مختلفة، كما يوجد ضمن التحالفات منظمات المجتمع المدني، فالشعب يجب أن يكون جزء من القرار حقه، على أن يتم تأسيس جيش قومي جديد للسودان على أسس جديدة، وهناك ضرورة لوجود معايير موضوعية للمرحلة القادمة بما في ذلك (معيار السكان والمناطق)، بحث يتم انصاف ضحايا التهميش والانتهاكات، وهناك الكثير من الشعوب تعاني من ظلم الدولة المركزية وفقا لما يحدث في السودان على سبيل المثال، التي ركزت التنمية في الخرطوم وبعض الولايات الأخرى، تلك المفارقات خلقت واقع يعُج بالكراهية، ولا يخفى على أحد أن الإسلاميين هم من يقودون تلك الحرب ويقودون البلاد إلى حرب أهلية.
**ما هي قدراتكم كتحالف شعبوي لمعالجة الاختلالات الهيكلية والمشكلات المتراكمة في السودان منذ عقود؟
*التحديات أمامنا كبيرة جدا لكي نعالج الاختلالات التاريخية والأزمات المتراكمة، بعد أن تحول الصراع في السودان من صراع سياسي إلى صراع مجتمعي معقد خلقه تنظيم الهوس الديني، وبكل أسف نجدهم أخذوا الجيش في طريقهم وهو اليوم يقاتل نيابة عن الحركة الإسلامية.
** تتحدث عن جيش جديد للبلاد في الوقت الذي تدور فيه المعارك الضارية..هل ترى أن انهيار الجيش أو تغييره في هذا التوقيت في صالح السودان ولماذا لم تؤجلوا الحديث حتى وقف الحرب؟
* كما ذكرت أننا بصدد معالجة الاختلالات التاريخية التي صاحبت التجربة السياسية في السودان، هذا يعني أن تلك التجربة كان بها الكثير من الاختلالات، وبالتالي نحن نعمل على وضع الحصان أمام العربة، ونأمل أن نؤسس لدولة تكون فيها المواطنة أساس الحقوق والحريات الدستورية، وعندما نتحدث عن إنشاء جيش قومي يعبر عن الأطياف، هذا يعني فشل الجيش الحالي لأنه يعمل بالسياسة ويستأثر على أكثر من 80 في المئة من موارد البلاد ويعطي الفرصة للتدخلات الخارجية في البلاد بشكل مستمر، وظل طوال العقود الماضية عقبة أما خيارات الشعوب السودانية في الحكم.
** ما هي أهم الأشياء التي يدعو إليها تحالف "قمم"؟
*هذا التحالف يدعو إلى دولة مدنية وشعب حر أبي، وأيضا العمل على تفجير موارد السودان وأن يستفيد الشعب منها بصورة كبيرة جدا ومعالجة المشاكل التاريخية التي ظلت موجودة طوال تلك العقود، هذا التحالف يدعو لوقف الحرب وتأكيد على المشروع المدني الذي يعبر عن تطلعات الشعب السوداني، بجانب بناء دولة محترمة تحجز لها مكانة في خارطة الشعوب والأمم، نحن دولة قادرة وشعب خلاق ومميز ويستطيع قيادة العالمين الأفريقي والعربي.
** هل هناك توجهات سياسية للتحالف الجديد؟
*نحن تحالف مدني عريض لدينا أهداف واضحة أولها، وقف الحرب وبناء المشروع المدني والعودة للمسار المدني الديمقراطي ووقف خطاب الكراهية والعنصرية وإعادة بناء السودان على أسس جديدة وعادلة، وأي قوة أو حزب أو غيره يلتقي معنا ويتفق معنا حول تلك الأهداف فهو معنا، سواء من الحرية والتغيير بشقيها أو من الجيش والدعم السريع، نحن نرحب بها.
**هل تقبلون مشاركة الجيش والدعم السريع في السلطة إذا ما توقفت الحرب؟
* نحن لا نسمح بمشاركة أي قوة عسكرية سواء كانت تلك القوة من الجيش أو دعم سريع، نحن مع بناء جيش وطني قومي يعبر عن تطلعات الشعب السوداني ويحمي الدستور ويكون خاضع للسلطة المدنية الآتية من الشعب
ولا توجد سلطة أعلى من سلطة الشعب، لذا فنحن لسنا مع مشاركة الجيش في العملية السياسية والاقتصادية، بل مع خروجه من السياسة والاقتصاد بشكل كامل، لأن الجيش له أهداف ومهام محددة يقوم بها، ولا يحق له أن يتدخل بأي شكل من الأشكال في العمل المدني أو السياسي، نحن نطمح لتكوين جيش قومي يمثل كل السودان ويخضع لكل الضوابط والمهام المحددة لهفي حماية البلاد ضد العدوان الخارجي وليس الاشتغال بالسياسة والتجارة.
أجرى الحوار/أحمد عبد الوهاب