خبراء يوضحون لـ"سبوتنيك" الجهات التي تعرقل تشريع القوانين المهمة في البرلمان العراقي

رغم مرور ما يقارب العقدين من الزمان على الدستور العراقي الذي تم إقراره في العام 2005، إلا أن الكثير من مواده لم يتم تفعيلها بتشريع القوانين لكي يتم تنفيذها على أرض الواقع، وهذا يعود للعديد من الأسباب بعضها يتعلق بالتقسيمة الطائفية والآخر بالإدارة والوضع الأمني في البلاد.
Sputnik
لماذا تأخر العراق في إقرار القوانين التي تنظم الوضع الداخلي والخارجي وتعالج الكثير من القضايا الحساسة مثل قانون العفو العام وتعديل قانون الأحوال الشخصية وآخرها حق الحصول على المعلومات..وما سر المخاوف والمعارضة من بعض القوى السياسية والأحزاب والمنظمات المدنية من إقرار بعض القوانين في الوقت الراهن؟
بداية، يقول غازي السكوتي، مدير "المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية" إن "مسألة تشريع القوانين في العراق وفق اعتقادي واحدة من المسائل المهمة، لكن مع الأسف هى شبه معطلة بفعل قراءات التوافق داخل البرلمان، فلا يصدر قانون إلا بعد أن تكون هناك مجموعة من التوافقات السياسية بين الأحزاب والتيارات والكتل السياسية المختلفة في الاتجاه السياسي أو المذهبي أو القومي".
خبير لـ"سبوتنيك": انتصار العراق على "داعش" كان على يد القوات العراقية وواشنطن تماطل في خروجها

صفقات سياسية

وأضاف السكوتي في حديثه لـ"سبوتنيك": "وفقا للمعطيات السابقة المتعلقة بالتوافقات، نلاحظ أن هناك أكثر من 50 قانون أشار لها دستور العام 2005 لكي توفر فرصة لتنفيذ المواد الدستورية، لكن تلك القوانين لم تصدر حتى يومنا هذا، وما يتعلق بقانون العفو العام أو قانون الأحوال الشخصية وقانون حق الحصول على المعلومات، في الواقع يجري الحوار حولها بكل أسف وفق صفقات سياسية بين الكتل، بمعنى نمرر قانون العفو العام لكن عليكم كأطراف سياسية أن تقبلوا بتمرير أشياء أو قوانين أخرى".
وتابع مدير المركز العراقي: "هناك نقاشات تدور منذ فترة حول إقرار قانون العفو العام، نظرا لوجود عدد من المغيبين والمختفين قسريا والذين يُقدر عددهم بحسب هيومن رايتس ووتش بأكثر من 12 ألف من الشباب من مختلف المحافظات السنية، إضافة إلى الاعتقالات العشوائية والمحاكم التي لا تنطبق عليها المواصفات القانونية وقواعد القضاء العراقي، علاوة على إصدار أحكام بالإعدام على أشخاص من الممكن أن يكونوا أبرياء، وإذا ما تم إقرار القانون من المفترض أن يتم إعادة النظر بشأن مصير هؤلاء المعتقلين والموقوفين أو المغيبين، من أجل تحريرهم من الوضع الخطير الذي يعانون منه منذ أكثر من 15 عام تقريبا".
سياسي عراقي لـ"سبوتنيك": جهات وأحزاب تقف وراء فشل البرلمان في اختيار بديل الحلبوسي

غياب الحيادية

وقال السكوتي: "مع الأسف يتم وضع قانون العفو العام من قبل الأحزاب الشيعية كشرط لتشريعه، وكذلك الحال بالنسبة للتصديق على تعديلات قانون الأحوال الشخصية من قبل الأحزاب السنية، هذه المعادلات في الواقع مضرة بالتأكيد ولا تؤدي إلى ضمان العدالة في تطبيق القوانين ولا تشرع قوانين من أجل خدمة المجتمع، كما يفترض أن يكون النقاش حول القوانين محايد ووطني، بغض النظر عن طبيعة الأحزاب واتجاهاتها القومية أو الطائفية أو السياسية".
وأشار مدير المركز العراقي إلى أن "تلك القوانين التي يتطلب من البرلمان مناقشتها وإقرارها أو تعديلها، هى قوانين وطنية في المقام الأول ولا يجب أن تخضع للتوجهات السياسية أو الحزبية والطائفية، ويجب أن تذهب تلك القوانين لضمان المصلحة الوطنية والعدالة في العراق، والإصرار على قانون الأحوال الشخصية هو إصرار مذهبي شيعي متشدد ويسعى لتطبيق ذلك على المستوى الوطني، وهذا لا يتوافق مع الدستور العراقي الذي يؤكد أن العراق دولة مدنية وليست دينية، وبالتالي دستور دولة مدنية يفترض أن يضمن العدالة بين جميع المذاهب والأعراق والأديان".
خبير عراقي يوضح لـ"سبوتنيك" طبيعة العلاقات بين طهران وأربيل بعد زيارة الرئيس الإيراني للإقليم
وحول ما يثار بشأن قانون حق الحصول على المعلومات يقول السكوتي: "إن هذا القانون المتعلق بما يجري من تقييد الحق في الحصول على المعلومة، وحرية تبادل وانتقال المعلومات وحرية التعبير عن الرأي ووجهات النظر، جميع ما سبق هي حريات يكفلها دستور العام 2005، وبالتالي أي انتقاص من تلك الحريات الجوهرية الموجودة في الدستور وتقييدها بالقوانين، بالتأكيد سيكون ذلك انتقاص أو منع لتطبيق الديمقراطية بصورتها الصحيحة".

الوضع الأمني

من جانبه، يقول قحطان الخفاجي، نائب رئيس لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات: "كقاعدة عامة من حق الدول أن تضع قانون يضبط عمليات الحصول على المعلومات، لأن بعض المعلومات بالنسبة للدول تُعد مسألة أمنية أو استراتيجية وقضايا لا يحق للجميع الاطلاع عليها سوى المعنيين".
وأضاف الخفاجي في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "المتعارف عليه عالميا أن هناك سقف زمني لحجب بعض المعلومات الهامة والتي ترفع عنها السرية أو الحجب بعد مدة زمنية محددة بحسب أهميتها، عملية الحجب للمعلومات الاستراتيجية والحفاظ على سريتها هى مسألة هامة عندما تكون إدارات تلك الدول إدارات وطنية، وأن لا تعني بحجب تلك المعلومات والحفاظ عليها سوى حماية أمن الدولة".
الحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني تنال ثقة البرلمان
واستطرد: "لكن للأسف في العراق وكما دلت الوقائع على أنه مخترق أمنيا من جهات مختلفة، ولعل آخر فضيحة أمنية أن الاختراقات طالت حتى الجهات العليا في الدولة، ما يؤكد أن العراق حالة مخترقة وبالتالي لا جدوى ولا نفع من مثل هذا القانون في تلك الحالة، وما عايشناه بعد العام 2003 أن أي قانون يتم سنه في البرلمان يتم معه وضع أدوات تبطل مفعوله أو أدوات وآليات لاستخدامها بالشكل السلبي ضد جهات معينة رغم أن مسماه قانون لحماية المعلومات وإدارتها بالشكل الصحيح".

شكوك ومخاوف

وأشار الخفاجي إلى أن"عدم نزاهة الجهات المعنية في الدولة العراقية لتطبيق القوانين من جهة والوضع الأمني العراقي من جهة أخرى، يجعل هذا القانون غير مفيد وأيضا أداة للحد من الحصول على المعلومات أو حتى متابعة الأشخاص الذين يرغبون في الحصول على معلومات معينة ويتم تقييمهم من خلال طبيعة المعلومات التي يريدون الوصول إليها، بمعنى عندما اطلب معلومات اقتصادية باتجاه معين قد يعطى إشارة أو دليل على أنني مهتم بهذا المجال، وبالتالي يتم متابعتي بشكل أو بأخر بهذا المجال، هذه الحالة موجودة في العراق الآن ولكن في الخارج غير موجود".
محلل سياسي لـ"سبوتنيك": خياران لا ثالث لهما أمام القوى السياسية العراقية لاختيار رئيس جديد للبرلمان
وأوضح الخفاجي: "أن هناك أسباب تدعو الشخص أن يحتاج معلومة معينة وإن لم يكن هو مختص بها، على سبيل المثال الباحث في شأن معين إلى الجانب الأمني أو الجانب الاقتصادي والمعلوماتي ليدعم بحثه، فعندما يطلب هكذا معلومات وتقرأ الطلبات منه على أساس مشوه، فتنعكس إلى حالة سلبية على أساس اندفاعه باتجاه تعزيز البحوث العلمية بالمعلومات الدقيقة، إذا الخلل العام الذي يشهده العراق يجعلنا نشكك في كل حالة تُطرح وقد تكون صالحة أو غير صالحة، لكن الوضع العراقي هو الذي يجعلنا نشكك بهذه الحالة".
يذكر أن المحكمة الاتحادية العراقية كانت قد أصدرت، في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قرارا بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، كما قررت المحكمة إنهاء عضوية ليث الدليمي، في البرلمان، وفقا لوكالة الأنباء العراقية.
وذكرت المحكمة في بيان لها: "نظرت المحكمة الاتحادية العليا، يوم 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، الدعوى بالعدد 9/اتحادية/ 2023، وقررت بموجب الحكم الصادر فيها إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب، محمد ريكان الحلبوسي، وإنهاء عضوية النائب، ليث مصطفى حمود الدليمي، اعتبارا من تاريخ صدور الحكم"، وفقا لموقع "السومرية نيوز" العراقي، وأضافت أن "القرار باتا وملزما للسلطات كافة".
مناقشة