شهدت مدينة الفنيدق المغربية، ليل 15 سبتمبر الجاري، تدفق المئات من الشباب، في إطار تحركهم لعبور حدود سبتة ومليلة، في مشهد يشبه "الهروب الكبير" استجابة لحملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي دعت إلى هجرة جماعية عبر الحدود.
وفق شهود عيان لـ"سبوتنيك"، فإن المئات من بين المهاجرين، من جنسيات أخرى انضموا لصفوف المغاربة الذين استجابوا للدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أفاد شهود العيان بأن العشرات من القاصرين كانوا ضمن صفوف الذين حاولوا اجتياز السياج الحدودي مع مدينة "سبته".
الهروب الكبير
وتعد مدينة الفنيدق البوابة الساحلية المغربية لأوروبا، حيث يمكن للمهاجرين العبور منها إلى مدينة سبتة، إما سباحة، أو عبر اجتياز السياج الحدودي، وتعد من أبرز المقاصد للمهاجرين غير الشرعيين.
كانت السلطات المغربية، أحبطت محاولة هجرة جماعية نحو أوروبا، بعدما منعت آلاف المهاجرين غير الشرعيين من اقتحام السياج الحدودي مع مدينة سبته.
وفق تقارير صحفية "مغربية" فإن دعوة جديدة على مواقع التواصل، حدد ناشطون تاريخها في 30 من سبتمبر الجاري، حيث لاقت تفاعلا كبيرة هي الأاخرى، في ظل تشديدات أمنية بالمنطقة منذ عدة أيام.
من ناحيته قال جمال بنشقرون، البرلماني المغربي السابق، إن ما حدث مؤسف وموجع للغاية، ومن الصعب تجاوزه، إذ يثير الكثير من التساؤلات لشباب اختار المجهول عن البقاء في وطنه.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الهجرة الجماعية والمعلنة التي تمت الدعوة لها عبر مواقع التواصل هي مؤشر خطير، إذ كان الأمر يتم بالسر سابقا، لكنه انتقل إلى العلن، في إشارة واضحة للحكومة الحالية والحكومات السابقة، بشأن البرامج التي قدمت لسوق العمل، وربط جسور التنمية حتى يستقر الشباب ببلدانهم.
وتابع " في الواقع هذه الثروة من الشباب هي أساسية من أجل النهضة والتنمية، وهناك ضرورة لاستثمارها، عبر تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص".
معضلة هامة
ولفت إلى أن الهجرة الشرعية هي الأخرى تمثل معضلة كبيرة للمغرب، خاصة أن الآلاف من العقول الهامة تهاجر إلى الدول الأخرى، وهي مؤشرات يجب دراستها بشكل جدي والعمل على وضع الحلول السريعة لها.
ويرى أن هناك أجندات خارجية وبعض الدول، وقفت وراء دفع الشباب إلى الهجرة بهذا الشكل، كما ضبطت السلطات بعض الشباب من جنسيات غير مغربية بين أفواج الشباب عند معبر سبتة.
وشدد على ضرورة عمل أوروبا على التنمية في الدول الأفريقية بشكل يحد من هجرة الشباب بهذا الشكل، خاصة أن الأمر لا يقتصر على المغرب، حيث يتوافد آلاف الشباب من دول الجوار الأفريقي من أجل العبور نحو أوروبا.
خطوة غير مسبوقة
في الإطار قال الدكتور علي السرحاني، الخبير السياسي المغربي، إن الحدث الذي وقع عند معبر "سبته" يعد خطوة غير مسبوقة، خاصة أنه وللمرة الأولى يتم الإعلان عن فعل غير قانوني عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المغرب كسائر العديد من الدول يعيش أزمة اقتصادية منذ جائحة "كوفيد 19"، ما يعني أن أي حكومة لا تستطيع وضع الحلول السريعة لأزمة تشغيل الشباب.
وتابع" الحكومة تعمل ما بوسعها، بالنظر لمحدودية موارد الدولة المغربية، إلا أن الحدث يجب أن يكون له ما بعده".
واستطرد بقوله" الأحزاب غائبة بشكل كبير في المغرب، في حين أن الحكومة هي التي تحاول وفق ما تتوافر عليه من موارد".
يشير الأكاديمي إلى أن هناك عوامل خارجية تقف وراء الأزمة، مع ضرورة عدم التركيز على "نظرية المؤامرة"، والعمل على خلق الحلول والتعاون بين جميع الأطراف.
توقيف الآلاف من المهاجرين
وفق "هسبريس" المغربية، أوقفت القوات العمومية المغربية بمدينة الفنيدق، 4 آلاف و455 مرشحا للهجرة السرية، الذين تم ترحيل غالبيتهم من المدينة نحو وجهات أخرى داخل البلاد؛ حيث مكنت الحملة من توقيف 3 آلاف و795 مغربيا بالغا، إلى جانب 141 مغربيا قاصرا، بالإضافة إلى 519 أجنبيا.
كما أحبطت السلطات المغربية ست محاولات للتسلل نحو سبتة، وجرى توقيف 70 شخصا محرضا على الهجرة من دول جنوب الصحراء وجزائريين سيمثلون أمام العدالة؛ فيما تم عزل البقية واعتراض راغبين في الهجرة بمدن أخرى، وفق نفس المصدر.