التصريحات الأخيرة التي جاءت على لسان وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، وقالت فيها أن استقبال بلادها للرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي، للعلاج "لم يكن خطأ"، يمكن أن تزيد تعقيد الأزمة.
في المقابل يمكن للمغرب استخدام ورقة إغلاق الحدود مع سبتة ومليلة بشكل نهائي، أو التلويح بذلك، بحسب خبراء لـ"سبوتنيك"، ورغم استبعاد الإجراء من قبل البعض، إلا أنه يظل ورقة في يد المغرب لها وقعها وتأثيرها الاقتصادي الكبير، خاصة في ظل التلويح بضم المدنتين، إلى منطقة شنغن.
من ناحيته، قال رشيد ساري الخبير الاقتصادي الغربي، إن "الإجراءات الاحترازية ضد جائحة كورونا عجلت بإغلاق الحدود مع مجموعة من الدول والمعابر الحدودية المحتلة لسبتة ومليلية".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الإجراءات جاءت كذلك للحد من التهريب الذي كان يطال هذه المعابر والتكلفة المالية التي تكبدها المغرب والتي تفوق مليار يورو".
وبحسب ساري، فإن "الإجراء ليس ردة فعل على رغبة إسبانيا في اعتبار سبتة تابعة لمنطقة شينغن، خاصة أن المغرب لا يتعامل بردود الفعل المتسرعة".
وأوضح أن
"مثل هذه الخطوة لها وقعها الكبير على سبتة ومليلية، حيث أنه سيشل الحركة التجارية من جهة، ويعرض مجموعة من المقاولات بمنطقة الأندلس للإفلاس، وفقدان مجموعة من مناصب الشغل".
وشدد على أن "المغرب أصبح أكثر تفكيرا في مصالحه الاقتصادية، خصوصا إذا كان الطرف الآخر لا يتعامل أو يعير أدنى اهتمام لمبدأ حسن الجوار، خاصة مع شريك اقتصادي وتجاري جد مهم".
فيما قال الأكاديمي المغربي الحسين الفرواح، إن "قضية الصحراء هي قضية مصيرية بالنسبة للمغرب وأولوية الأولويات".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "أزمة الثقة بالأساس بين البلدين الجارين، دفعت المغرب إلى استثناء الموانئ الإسبانية في عملية "مرحبا 2021" بين 15 يوليو و 15 سبتمبر من سنة 2021، بما فيها محطات عبور الجالية المغربية عبر سبتة ومليلية".
ويشير الخبير إلى أن
"بعض التوقعات تقدر خسارة الموانئ وشركات الملاحة البحرية الإسبانية لأزيد من 500 مليون يورو وقد تفوقها بكثير، وفي الجانب المغربي أدى هذا الأمر إلى ارتفاع أسعار تذاكر عبور الجالية المغربية بشكل غير مسبوق مما حتم على الدول التدخل لدعم وتخفيف مصاريف تنقل الجالية بمبلغ مهم 4.5 مليار درهم من ميزانية الدولة".
ويرى أن "المغرب بالنسبة لإسبانيا شريك اقتصادي (العاشر عالميا والثالث خارج الإتحاد الأوروبي) وأمني مهم لا يمكن الاستغناء عنه، وأن أي توتر بين البلدين لا يخدم مصالحهما المشتركة".
ويشير تحليل بعض أرقام المبادلات التجارية بين البلدين سنة 2020 إلى أن صادرات المغرب نحو اسبانيا تمثل 6.6 مليار دولار، على رأسها الفواكه والخضر والأسماك والسيارات والملابس والمعدات الكهربائية.
أما صادرات إسبانيا نحو المغرب فتلامس 6.7 مليار دولار على رأسها الوقود والزيوت والآلات الكهربائية.
ويرى الأكاديمي المغربي، أن "التعاون الأمني الذي يعتبر المغرب فيه رائدا ومشهود له بالكفاءة عالميا، جنب إسبانيا حمامات دم لتنظيمات التطرف".
وسبق للمغرب أن منع عمليات التهريب نحو هذه المدن مما أدى إلى استفحال البطالة في مدن الشمال المغربية، ويلمح الأكاديمي إلى أن المغرب سيسعى لخنقها اقتصاديا واجتماعيا كلما أرادت اسبانيا تغيير الوضع القائم بالمدينتين، بما فيها محاولة إسبانيا إدخالها لمنطقة شنغن.
واستبعد الأكاديمي، الحسين الفرواح، الإغلاق النهائي، خاصة في ظل العلاقات الاقتصادية المتميزة بين البلدين، رغم بعض المشاكل السياسية بالدرجة الأولى التي تعكر صفوة هذه العلاقات بين المملكتين.
وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا، في لقاء صحفي نشرته "رويترز": إنه بإمكان المغاربة من البلدات المحيطة بالجيبين دخولهما حاليا دون تأشيرة، لكنها تكون مطلوبة عند السفر جوا أو بحرا إلى إسبانيا أو بقية أنحاء منطقة شنغن المعفية من التأشيرات في أوروبا.
تأتي هذه الخطوة في ظل خلاف بين البلدين بشأن قضايا مرتبطة بالصحراء الغربية.
وتخضع مدينتا سبتة ومليلية والجزر المحيطة بهما لإسبانيا، وتقعان أقصى شمال المغرب وتعتبران الحدود البرية الوحيدة بين إفريقيا وأوروبا.
واستدعت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، على وجه السرعة سفيرة المغرب لدى إسبانيا، كريمة بنيعيش، لبحث أزمة تدفق المهاجرين، وردّ المغرب باستدعاء سفيرته للتشاور.
واندلعت أزمة بين الرباط ومدريد، بسبب قبول إسبانيا استقبال، إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب.
واستدعى المغرب سفير إسبانيا في الرباط للاحتجاج على استقبال إبراهيم غالي.
وطالب حزب مغربي، مطلع يونيو الماضي، حكومة بلاده بـ"إعادة الأراضي المغربية المغتصبة من إسبانيا".
وطلب الحزب من الحكومة، القيام بـ"تقييم حقيقي لأشكال التعاون مع إسبانيا، في شتى المجالات، خاصة المرتبطة بقضايا وملفات رئيسة، على رأسها الأمن والهجرة والتهريب والإرهاب".
ولم يكتف الحزب المغربي بذلك، بل طالب ببحث ملف ما أسماه بـ"دور الدركي" الذي تريد المملكة الإيبيرية وأوروبا أن يلعبه المغرب، وهو ما أكده حزب "الاستقلال" في بيان صادر عن مجلسه الوطني الذي عقد عن بعد، أمس السبت.
ونادى الحزب بـ"ضرورة استرجاع كافة الأراضي المغربية المغتصبة؛ بما فيها المساعي المشروعة بخصوص سبتة ومليلية والجزر الجعفرية".