ما الذي تخفيه دعوة إيطاليا لتونس للمشاركة في الاجتماع الوزاري لـ"مجموعة السبع"؟

علم تونس يرفرف فوق أحد المباني في العاصمة
تترقب المنظمات الناشطة في مجال الهجرة في تونس بقلق، مشاركة بلادها المنتظرة في اجتماع وزاري لمجموعة الدول السبع، التي تتولى إيطاليا رئاستها الدورية في العام الحالي.
Sputnik
ووجّه وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوسي، قبل يومين دعوة إلى نظرائه في كل من تونس والجزائر وليبيا وساحل العاج، من أجل المشاركة في اجتماع وزاري سيُعقد بالعاصمة الإيطالية روما، في الأسبوع القادم.
ويبدو أن هذا الاجتماع سيكون مثقلا بملف الهجرة غير النظامية، الذي تسعى إيطاليا إلى احتوائه، ضمن مقاربة أمنية لطالما أثارت انتقادات واسعة في صفوف الحقوقيين والمنظمات الناشطة في المجال، والتي تتهم إيطاليا بتصدير قضية الهجرة إلى أراضي الجنوب ومن بينها تونس.
مهمتها التصدي للمهاجرين.. قلق حقوقي من إعلان إيطاليا إنشاء منطقة بحث وإنقاذ في تونس
استراتيجية اتصالية من إيطاليا
وفي قراءة لحيثيات هذه الزيارة، قال المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، إن "دعوة إيطاليا لتونس للمشاركة في هذا الاجتماع، تأتي في إطار استراتيجية تعتمدها السلطات الإيطالية".
وأوضح في تصريحات لـ"سبوتنيك": "تتبنى إيطاليا استراتيجية تسعى من خلالها إلى تقديم نفسها للرأي العام الدولي، وللقوى الدولية ككل، وحتى لمجموعة السبع بأنها لاعب رئيسي في مسألة أمن البحر الأبيض المتوسط، وخاصة في علاقة بقضايا الهجرة".

ويرى بن عمر أن "إيطاليا تعتبر نفسها الطرف الذي لديه مصداقية عند دول جنوب المتوسط، وهو ما يفسّر دعوتها للدول الأربعة، وخاصة منها تونس والجزائر وليبيا للمشاركة في هذا الاجتماع الوزاري".

وتابع: "هذه الخطوة ليست سوى استمرارا لنفس المسار الذي أطلقته رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، ووزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوسي، في إطار التنسيق الرباعي بين وزراء الداخلية، والذي يندرج ضمنه لقاء روما الأخير، الذي جمع ميلوني برئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، قبل يومين".
إيطاليا: تعاونا مع ليبيا وتونس لمنع وصول 121 ألف مهاجر إلى سواحلنا
مواصلة لتصدير أزمة الهجرة إلى دول الجنوب
فعليا وعمليا، يرى المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أن "دعوة عدد من دول الجنوب إلى المشاركة في هذا الاجتماع، تنطلق من مقاربات إيطالية تنظر إلى قضية الهجرة كقضية أمنية بالأساس تستحق طرحها على وزراء داخلية مجموعة السبع".
وأضاف بن عمر في معرض حديثه لـ"سبوتنيك": "إلى جانب كونها تسعى إلى أن تظهر في صورة الطرف الفاعل في علاقة بالجانب الأمني في البحر الأبيض المتوسط، فإن إيطاليا تسعى جاهدة إلى إقناع مجموعة السبع بأن هذه المقاربة تحتاج إلى الدعم، وخاصة الدعم المادي، ربما لتمويل المخططات القادمة التي تطمح لها السلطات الإيطالية".
وقال بن عمر إن "الجزء الثاني من الرسالة التي ترمي إيطاليا إلى إيصالها موجه إلى دول الجنوب، من خلال إقناعهم بأنها تسعى إلى إشراكهم واستشارتهم في كل ما يهم الجانب الأمني في علاقة بقضايا الهجرة، وبأنها ستساعدهم في مجال التمويل لتنفيذ هذه المقاربات".
وتابع: "أعتقد أن مشاركة تونس في هذا الاجتماع هي مشاركة مؤسفة، لأنها لا تنطلق من مقاربة تحددها دول الجنوب، التي تعاني من مخلفات سياسة تصدير الحدود، وخاصة تونس والجزائر وليبيا".
ويعتقد رمضان بن عمر أن "أوروبا وعلى رأسها إيطاليا تسعى إلى مواصلة الدرب الذي سلكته في تصدير أزمة الهجرة إلى دول الجنوب، وجعل هذه الأخيرة عنوانا لهذه الأزمة، بعد أن كانت مقتصرة على الشواطئ الشمالية الأوروبية وعلى البوابات الشرقية أو الغربية لأوروبا"، مشددا على أن "أوروبا نجحت للأسف في نقلها إلى هذه الدول".
واعتبر الحقوقي أن "هذا الاجتماع لن يضيف شيئا سوى مزيد تكريس المقاربات الأمنية، التي تعتمد أساسا على الجانب القمعي في التعامل مع قضية متعددة الأوجه، وهي قضية الهجرة التي تحتاج في الوقت العاجل إلى استجابة إنسانية وليس قمعية"، حسب قوله.
توقيع مذكرة تفاهم تتيح لـ4000 عامل تونسي العمل في إيطاليا
محاولة لدعم الدور التونسي في مراقبة الحدود
بدوره، يرى رئيس جمعية الأرض للجميع والناشط في مجال الهجرة، عماد السلطاني، أن "دعوة تونس للمشاركة في اجتماع مجموعة الدول السبع ينطلق من نظرة أوروبية وإيطالية بالأساس تعتبر تونس حارسا لحدودها البحرية".
وأضاف السلطاني في تصريحات لـ"سبوتنيك": "لقد أصبح لتونس مكانة في المقاربات التي تضعها أوروبا بشأن الهجرة، لأن انخفاض عدد الواصلين من المهاجرين إلى أوروبا رقم لا يستهان به".

ويرجّح السلطاني أن "السبب الرئيسي لاستدعاء تونس إلى هذا الاجتماع هو طلب المساعدة من مجموعة الدول السبع لاقتناء معدات بحرية وسفن مراقبة جديدة، لدعم الجهود التونسية في مراقبة حدود إيطاليا وكل الاتحاد الأوروبي".

واعتبر السلطاني أن "الجانب الأوروبي لا يعترف بأي مقاربة أخرى باستثناء المقاربة الأمنية، ولا يلقي بالا للوضع السيئ جدا واللاإنساني الذي يعيش على وقعه المهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس".
وأكد الناشط في مجال الهجرة: "بعد أن تسلمت تونس 4 طائرات أمريكية لمراقبة الحدود، أقدمت إيطاليا على تزويد تونس بزوارق لمراقبة حدود البحرية".
وأشار إلى أنه "بمقتضى الاتفاقية التونسية الأوروبية المثيرة للجدل، وقع التوسيع في المساحة المغطاة المخصصة للمراقبة، حتى يتمكن الحرس البحري التونسي من الدخول أكثر حتى إلى مياه مالطا لإرجاع المهاجرين إلى تونس، وهو أمر يقول السلطاني إنه غير مقبول ويعمق مآسي المهاجرين".
وتشير إحصاءات رسمية إيطالية، إلى تسجيل انخفاض في أعداد المهاجرين الواصلين إلى سواحلها بنسبة 75% مقارنة بالعام الماضي، وفي وقت تمكن فيه الحرس البحري التونسي من منع أكثر من 50 ألف شخص من عبور البحر المتوسط خلال العام الحالي، أغلبهم من جنسيات غير تونسية.
مناقشة